أخبار عاجلة

الأنبا بولا لـ«الوطن»: لا يوجد أفضل من «السيسى» لحكم

الأنبا بولا لـ«الوطن»: لا يوجد أفضل من «السيسى» لحكم مصر الأنبا بولا لـ«الوطن»: لا يوجد أفضل من «السيسى» لحكم
طالبت «النور» بعدم الانسحاب من الـ«50».. وعلاقتى ببرهامى جيدة.. وسأزور «مخيون» بعلبة «حلاوة» من طنطا

كتب : مصطفى رحومة منذ 51 دقيقة

قليل الكلام والظهور الإعلامى، يهوى الهدوء، يعشق التنظيم والعمل فى صمت، لمهاراته المتعددة، التى ظهرت فى الانتخابات البابوية الأخيرة، أُطلق عليه «دينامو الانتخابات»، ووصل إلى أعلى المناصب داخل المؤسسة الكنسية، وأصبح يحظى بثقة البابا، لا تخرج من فمه الكلمات عرضاً، لن تستطيع أن تُنطقه بما لا يرغب فى إخراجه، إنه الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، ورئيس المجلس الإكليريكى للكنيسة الأرثوذكسية، وممثلها بلجنة الخمسين. على مدى ثلاث ساعات كاملة، فتح عقله وقلبة لـ«الوطن»، فى حوار كاشف لخفايا علاقة الكنيسة بمؤسسة الرئاسة فى عهد «المعزول»، واللقاءات السرية التى كانت تجرى بينهما، ومطالب الكنيسة التى رفعتها إلى مرسى، وأسرار تأسيسية دستور 2012 وانسحاب الكنيسة منها، والخلافات التى دبت مبكراً داخل لجنة الخمسين، ورأيه فى «السيسى» و«البرادعى»، وعلاقته بحزب النور وقادة السلفية، وما يدور داخل أروقة الكنيسة من أجل تنظيم شئونها، فاتحاً خزينة أسراره على مصراعيها.

* نيافتك كنت همزة الوصل بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة فى عهد النظام السابق، كيف تصف تلك المرحلة؟

- فى الحقيقة لم أتقابل مع الرئيس السابق منفرداً، إنما تقابلت معه فى وجود نيافة الأنبا باخوميوس، عندما كان قائمقام البطريرك، وبعد تجليس قداسة البابا تواضروس الثانى على الكرسى البابوى. وحقيقةً عندما كنت تجلس مع الرئيس السابق مرسى كنت تجد أنك تتعامل مع إنسان طيب، يتكلم بتلقائية ويُظهر نوعاً من الطيبة، ولكن عليك أن تتوقع أنك ستسمع كلاماً عاماً غير محدد من جهة تفعيله لدرجات أو مواقف، ربما تأخذ كلاماٍ مطمئناً ولكنه خالٍ من الأفعال. على سبيل المثال؛ تشكلت لجنة بطلب من جهاز المخابرات العامة، وهى مؤسسة وطنية هامة، تبنّت لقاء بين لجنة من الكنيسة ولجنة من مساعدى الرئيس السابق، لمناقشة ما تريده الكنيسة من مؤسسة الرئاسة ودراسة النقاط الخلافية بالدستور، وطرحنا ورقة عمل، وطُلب من الكنيسة تشكيل لجنة دائمة لمتابعة تفعيل ما تم الاتفاق عليه، وبالفعل تشكلت اللجنة وأُبلغت مؤسسة الرئاسة بذلك، وخرجنا لنعلن على الملأ بأن هناك خطوات جادة وتشكلت لجنة، ولكن توقف الأمر عند مجرد تشكيل اللجنة وكأن الهدف منها الظهور فى الإعلام والصحافة.

مفتى الإخوان ادعى كذباً أنى وافقت على دستور 2012.. و«البلتاجى» كان يستخدم أحد الأقباط لضرب اقتراحات الكنيسة

* ماذا حوت ورقة العمل التى تقدمتم بها للرئاسة؟

- احتوت على مطالب كنسية خاصة بالكنائس المغلقة، ومطالبنا بقوانين بناء الكنائس والأحوال الشخصية، وكل ما يتعلق بمتطلبات الكنيسة فى هذا الشأن، والمشاكل التى تتعرض لها الكنيسة فى بعض الأماكن، ولكن شُكلت لجنة ولم يجر تفعيلها، لأنه لم تكن هناك نية لحل المشاكل، ولكن النية هى ورقة مسكّنات وكانت النية مخاطبة الرأى العام بأن الأمور تسير إيجابية، فالمعلَن كان شيئاً والخفى كان أشياء أخرى، وأعتقد أن مشكلة الرئيس السابق أنه كان لا يمتلك قراره، وتلك هى المشكلة الرئيسية؛ فهو ترس فى ماكينة، لا يتحرك من ذاته ولكن تحركه تروس أخرى، فى دور بعيد عن عمل الترس.

* كم لقاء جمعك بمؤسسة الرئاسة فى عهد مرسى؟

- هذا اللقاء، ولقاءات أخرى مع السفير رفاعة الطهطاوى، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق، بخصوص العودة مرة أخرى إلى الجمعية التأسيسية لدستور 2012، بعد انسحاب الكنائس منها، ولقاء آخر مع الرئيس نفسه، وصارحته وقتها، كإنسان مصرى وطنى صريح واضح، بالمشاكل الموجودة بالجمعية التأسيسية لدستور 2012 ولماذا خرجنا وكيف نعود مرة أخرى للتأسيسية، واتُّفق على تشكيل لجنة من الكنيسة لتجلس مع لجنة أخرى من أعضاء الجمعية لمناقشة النقاط الخلافية بالدستور ووضع الحجر أمام العربة قبل أن تتحرك خطوة واحدة، فقيل لنا: لا تفكروا فى كذا ولا كذا.

* ما الحجر الذى وُضع أمام عودتكم للتأسيسية مرة أخرى؟

- نترك هذا لوقته وللتاريخ.

* وصف الرئيس السابق فى خطاباته الأخيرة علاقته بالكنيسة بـ«الفاترة»، لماذا قال هذا، وكيف ترونها أنتم؟

- ربما كان إحساسه بالعلاقة الفاترة بسبب أن الكنيسة لم تخضع لما يريده، من ذلك مثلاً عدم قبول الكنيسة بالعودة إلى الجمعية التأسيسية لنبصم على دستور لا نرتضيه، وربما كانت فاترة، حسب رؤيته، لأنه لأول مرة فى تاريخ يمتزج بل ويتحد ويتفق الشعب القبطى مع الشعب المسلم فى الميادين والشوارع، وظهرت الروح الوطنية التى كانت كامنة على السطح وخرج المسلمون يمسكون بيد المسيحيين منادين بالحريات، وهذا كان مزعجاً لمؤسسة الرئاسة، فالرئاسة كانت تتخيل أن الكنيسة تمسك فى يدها سوطاً أو عصى تقود بها الأقباط ولا تعلم أن الأقباط لهم رأيهم، وأنهم مختلطون بالمجتمع وأنهم انتفضوا توافقاً مع انتفاضة الشعب المصرى كله رفضاً لسلبيات الحاضر، وكان يتخيل أننا سنأمر أبناءنا بعدم النزول. وربما نقطة أخرى، أنه سمع أو جرى إبلاغه ببعض تصريحات القيادات القبطية التى لا ترضى بالواقع الأليم، وهذه القيادات كانت تتكلم كما يتكلم الجميع، كانوا يظنون أن على الكل أن يتكلم وأنه على قيادات الأقباط أن يظلوا صامتين، وهذا مستحيل.

* قلتَ إن هناك خفايا حكمت القرار الرئاسى لمرسى فيما يخص الكنيسة والأقباط، ما تلك الخفايا؟

على فكرة، مشكلتنا فى مصر كشعب قبطى، ليست مقصورة على الكنيسة والأقباط، ولكنها كسائر مشاكل الشعب المصرى، وأستطيع أن ألخص الحال المصرى، حسب رؤيتى الخاصة، بأن مصر كالسفينة الكبيرة تبحر فى محيط مرتفع، يقودها من لا يعرف قيادة تلك السفينة، ومشكلته أنه لا يسمع إطلاقاً من يمكنهم أن يساعدوه أو ينقذوه، وهذه السفينة كانت تتجه إلى جبل عالٍ فى جزيرة، فكان مصير هذه السفينة أن تصطدم بهذا الجبل، ولم يكن متاحاً لمن لا يستطيع أن يقود أن ينصح من يقود، ولم يكن أمامه إلا أن يصلى إلى الله ليتصرف، فكان تصرف الله أكثر مما توقعنا، ومن حيث لم نتوقعه، قيادة شبابية دُعمت بقيادة عسكرية وطنية إلى أقصى حد. ما حدث لم يكن من صنع البشر، بل من صنع الله، وإلا كان المصير الحتمى غرق السفينة على كل الأصعدة.

* هل كان مكتب الإرشاد والسلفيون يغلّون يد الرئاسة عن وضع حلول جذرية لمشاكل الأقباط؟

- المشكلة أن الرئاسة ليست صاحبة القرار ولكن مكتب الإرشاد فى المقطم كان هو صاحب القرار، و«الإرشاد» لم يكن أيضاً صاحب القرار ولكنه ناقل القرار، فيما كان صاحب القرار التنظيم العالمى لجماعة الإخوان، ولم يكن قرارهم قراراً وطنياً، ولا قراراً مسلماً يخاف على دولة غالبيتها مسلمة، وإنما كان لفئة تحمل أجندة غربية ولم تكن وطنية ولا إسلامية.

* ألم يتدخل مكتب الإرشاد للوساطة لدى الكنيسة لعودتها مرة أخرى للتأسيسية بعد انسحابها؟

- ليس لى علم بذلك، وحينما قيل كلام عن طلب مرشد الجماعة مقابلة قداسة البابا لم أكن وقتها موجوداً بالمقر البابوى.

* ما الخطوط الحمراء التى وضعتها الرئاسة للكنيسة فى عهد مرسى حينما جلستم تتناقشون حول المواد الخلافية بالدستور؟

- أبرزها أن لا يتم الحديث عن المادة 219 الخاصة بتفسير الشريعة الإسلامية، وهى المادة الأساسية فى الخلاف على الدستور، وأنه لن يتم تعديل تلك المادة، والكنائس انسحب من الجمعية التأسيسية لدستور 2012، لسببين؛ أولهما: المادة 219، والثانى: الأسلوب غير الإنسانى الذى كان يمثل تهديداً فكرياً، عندما كان يقف أمامك أحد القيادات ويمنعك أن تُبدى رأيك، وعندما تطلب من رئيس الجمعية أن تبدى رأيك يشير إلى آخر يتحدث قبلك حتى يقول عكس ما أريد أن أقوله، وعندما يطلب منى أن أتكلم عما يريد أن يسمعه هو وفقط، وحينما يهدد أحد تلك القيادات بإصبعه بأنه لو رُفضت المادة 219، ستُرفض المادة الثالثة التى تتيح لنا الاحتكام لشرائعنا، وستُرفض المادة كذا وتُحذف الفقرة كذا، فهل هذا هو أسلوب وضع دستور، كما كان من الأشياء الغريبة داخل الجمعية التأسيسية أنه شُكلت لجان لدراسة مواد الدستور لم نعرف ماذا تم خلالها، بالفعل تم إفساح 6 شهور لإعداد الدستور، ولكن 6 شهور داخل لجان منبثقة عنها لجان، واللجان منبثقة عنها لجان أخرى، ونحن لا نعلم عنها شيئاً، ولم نقرأ أو نسمع مثلاً عن باب الأحكام الانتقالية، وفى آخر أسبوع للجمعية أُخرج ما داخل الأدراج وطُرح لنقول رأينا حوله فى دقيقتين، ولا يؤخذ برأيك.

* هل تعرضتم لنوع من الضغوط أو المساومة من قبَل الإخوان بسبب انسحابكم من التأسيسية؟

- هذا لم يحدث، ولا يمكن أن أقول عن أحد فى غيبته ما لم يتم.

* تتحدثون عن أن النية كانت مبيتة لعدم تعديل الدستور، لماذا ارتضيتم أن تجلسوا مع مؤسسة الرئاسة لمناقشة المواد الخلافية؟

- كنا واثقين من عدم اتجاه الرئاسة لتعديل الدستور، وحينما التقينا بمؤسسة الرئاسة قيل لنا: ما اعتراضاتكم على الدستور؟ قدِّموها فى مذكرة مكتوبة وسيتم عرضها على مجلس الشعب فى أول جلسة له لنظر تعديل الدستور، وكنت متوقعاً هذا الأمر وأنا ذاهب للرئاسة، فأخذت المذكرة معى وقدمتها، وطُلب منى أن أقدمها إلى وزير العدل وقتها المستشار أحمد مكى وأوصلتها إليه بنفسى فى مكتبه بالوزارة، وأذكر أن هذا اللقاء مع وزير العدل كان لقاء مثمراً مع شخصية وطنية تربطنى به علاقة جيدة منذ سنوات طويلة.

* الورقة التى قدمتموها للرئاسة كانت تتناول مطالبكم بقانونى بناء الكنائس والأحوال الشخصية، ما مطالبكم فى هذين الأمرين، وإلى أى مدى وصلت؟

- على المستوى الشخصى لا يمكن أن أتحدث عن قانون موحد للبناء، ولكن عندما أتحدث عن بناء الكنائس أتكلم عن قانون موحد يحتوى على مواصفات عامة لكل المبانى فى مصر، ويتم عمل فصول مخصصة لبناء المساجد وفصول خاصة ببناء الكنائس، فلا يمكن أن أساوى فى المواصفات بين المسجد والكنيسة، لأن ما قد يكون مقبولاً للكنائس قد لا يكون مقبولاً للمساجد، لأن تعداد المسيحيين غير تعداد المسلمين، ومواصفات دار العبادة للملسم تختلف عن مواصفات دار العبادة للمسيحى، لأننا نعتمد على التعليم الدينى بالكنيسة فيما يُسمى «فصول مدارس الأحد»، والأنشطة المكملة موجودة بالمؤسسة التابعة للكنيسة، ما لا ينطبق على المساجد، فلا ينفع أن يكون هناك قانون موحد لبناء دور العبادة بل مشروع موحد للإسكان، وكل فئة لها مواصفاتها وقوانينها، وتقدمنا بهذا المشروع إلى الرئاسة التى أرسلته إلى وزارة الإسكان، ويُسأل عن عدم اتخاذ خطوات عملية فى هذا القانون وزير الإسكان السابق، وكذلك قانون الأحوال الشخصية الموحَّد لغير المسلمين، ويُسأل عن عدم تحريكه وزير العدل الأسبق، وأعتقد أن عدم تحريك مطالبنا وإدخالها الأدراج مرة أخرى يرجع إلى أن النية لم تكن موجودة أو الظروف لم تسمح، كما أننا تقدمنا بورقة بمطلب فتح الكنائس المغلقة، وتقنين وضع الكنائس غير الحاصلة على تراخيص والتى تم بناؤها فى السنوات السابقة.

«مرسى» طيب ولكن قراره مش من راسه وكان ترساً فى ماكينة يحركها التنظيم الدولى

* كيف رأيتم تحميل قيادات الإخوان للكنيسة والأقباط مسئولية المظاهرات التى اندلعت ضد حكم مرسى وأبرزها فى «الاتحادية»؟

- ما رأيناه رآه كل المصريين، والمسلمون رفضوا كل تلك التصريحات قبل أن نرفضها نحن.

* قلت فى مارس الماضى: أعطوا مرسى فرصة أخرى للحكم عليه فى جو هادئ، هل كنت تذهب إلى ما ذهب إليه مرسى من وجود مؤامرة لإفشاله؟

- كنت مع هدوء البلد كفرصة، وإن كنت أرى أنه لن ينجح إلا أنه يتحجج بأنه لم يعطَ الفرصة، فماذا لو أعطيناه تلك الفرصة، بماذا كان سيبرر فشله؟ كان دائماً يردد: أعطونى فرصة، فقلت: أعطوه فرصة. افترض، إن جاز التعبير، أن الله لم يكن حليفاً لهذا النظام، الرجل يتكلم ويوجد الكثير من الأخطاء فى حديثه، وإذا زار دولة تسبب فى نكبات لهذه الدولة، وإذا تقابل مع مسئول تعرض لانتقاد شديد بسببه، وإذا أصدر قراراً لا يجد تجاوباً ويجب أن يعدل هذا القرار، وإذا وضع خطة زمنية لأى مشروع يهم البلد خسر، ماذا وراء كل هذا الفشل؟ حتى زياراته المتعددة أصابنا الإحباط من نتائجها، هنا نقول إن الله كان غير موجود معه، الله هو القائم غير المنظور، فإن غابت قيادة الله عن السفينة غرقت السفينة، شعرنا أن الله غير موجود، وإذا كان الله غير موجود هل تنتظر نجاحاً، القضية هى عدم وجود الله معهم، رغم أنهم يقولون إنهم رجال الله.

* انتقد البعض زيارة البابا لمرسى بقصر الاتحادية عقب الاعتداء على الكاتدرائية للمرة الأولى فى تاريخها، بم تفسر ذلك؟

- هل كان الرئيس السابق صامتاً عن الاعتداء على الكاتدرائية لمجرد الصمت أم كان يرغب، أم كانت تلك رغبته أم كانت ماذا؟ أطرح إجاباتى كأسئلة يجيب عنها الشعب المصرى، أما نحن فكل تلك الأسئلة تواردت فى أذهاننا ونحتاج لإجابة عنها.

* ما حقيقة قيام الكنائس والأديرة بسحب أموالها من البنوك وتحويلها للخارج فى عهد مرسى خوفاً من إخضاع أموال الكنيسة لمراقبة الدولة؟

- لنكن محددين، لم يحدث إطلاقاً أن حولت كنيسة، أو دير، أموالها إلى خارج مصر، فالكنائس والأديرة مؤسسات وطنية ترعى مصلحة مصر، فلم تحول أموالها لتُستثمَر خارج مصر، وإنما قد يكون ما أشيع عن الرقابة المالية على الكنائس والأديرة والنية المبيتة للإساءة لأموال الكنائس، ربما جعل الكنائس تحجم عن إيداع أموالها فى البنوك، وربما قامت الكنائس بسحب أموالها من البنوك لتطرحها فى خزائنها الخاصة، حرصاً على أموال الناس فى الكنائس، لكن أن تحولها إلى خارج مصر فذلك عدم وطنية ولم يحدث، وسحبها من البنوك كان نتيجة الخوف، لكنها بقيت داخل مصر ولم تخرج.

* كيف رأيتم الاعتداءات التى تعرضت لها الكنائس والأقباط عقب «30» يونيو وفض اعتصامى رابعة والنهضة؟

- تقابلت مع أحد المسئولين الأمريكان وسألنى: ماذا تتوقع إذا جرى فض اعتصامى رابعة والنهضة؟ أجبته: حرق الكنائس، فتعجب، قلت له: هذا ما سيحدث. فى الماضى كانوا يضربون السياحة، ولكن هذا ما لن يحدث فى الحاضر حتى لا يشوهوا صورتهم فى الخارج.

* ألم تطلب منكم الرئاسة قبل 30 يونيو منع الأقباط من النزول فى المظاهرات؟

- ربما كان هناك تلميح بمنع الشباب القبطى من النزول، لكن الكنيسة لم تستجب لذلك، لأن الأقباط لهم الحرية الكاملة فى الشعور بالوطنية، مندمجين مع إخوانهم المسلمين، فكيف نمنعهم. يا سيدى الفاضل: فكر الشعب تغيّر عقب ثورة 25 يناير، وخاصة الشباب، والشباب لن يُجبَر على شىء، فلا بد أن يقتنع الشباب، ولا بد أن نتعايش مع فكر الشباب ونتحدث إليهم، انتهى زمان الفرد والسيطرة على فكر الآخر.

* كيف رأيت انسحاب الدكتور بسام الزرقا ممثل حزب النور من لجنة الخمسين؟

- اسمح لى أن يوضع كلامى التالى بالمانشيت العريض، حينما اعترض الدكتور الزرقا على عدم وضع اقتراحه حول المادتين «2» و«219» بالمضبطة وطالبت الأغلبية بحذف تلك العبارة من المضبطة اعترض وخرج، وبمجرد أن انتهت الجلسة قمت بنفسى بالاتصال بالدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور، وقلت له يا دكتور يونس أرجوك لا تنسحبوا ولازم نكمل مع بعض، وكان اتصالاً دافئاً ممتلئاً بالحب، ووعدنى الدكتور يونس قائلاً: «لا تقلق لن ننسحب من اللجنة»، وفى الجلسة الثانية مباشرة ذكرتُ هذا أمام أعضاء اللجنة وقلت لهم: لقد كلمت الدكتور يونس مخيون ووعدنى بعدم الانسحاب من اللجنة، والسلفيون باقون فى اللجنة ممثلين بحزب النور، بل الأكثر من هذا، بعد جلسة الأربعاء الماضى علمت أن الدكتور مخيون ووفداً من حزب النور أتى لمقابلة السيد عمرو موسى، وانتظرت حتى شاركت بالترحيب بهم فى مجلس الشورى، وأخذنا بعضنا بالأحضان وقلت له فى أذنه: «انت ليه مش بتيجى تزور اختك اللى فى طنطا»، قال لى: «لا، بآجى أزورها» قلت له: «من غير ما تعدى علىّ الأول ومن ورايا؟»، ووعدته أن أزوره فى منزله بكفر الدوار بالبحيرة، وآخذ له علبة حلاوة من طنطا كما أحضرت لأعضاء لجنة الخمسين، وانتهى اللقاء بمنتهى الحب. وأحب أن أضيف أننا ارتضينا داخل لجنة تعديل الدستور الديمقراطية أسلوباً وارتضينا التوافق هدفاً، وفى حالة عدم الوصول إلى الهدف، ارتضينا التصويت وسيلة حسم، والتصويت فى اللجنة جاء بنسبة من 10 إلى 4 أو 10 إلى 3 مغلباً تعديل ما يُسمى مواد الهوية، ولم نتكبّر على إخوتنا المسلمين وقياداتهم، وقلت: أيهما أفضل: أن نتمسك بالديمقراطية مع التصويت وإن أدى إلى شق الصف، أم أن نجنبها بعض الأحيان لتصل الأمور إلى بر الأمان، ومن هنا اتفقنا على تشكيل لجنة توافق، وكنا ننوى الجلوس مع ممثلى الأزهر الخميس الماضى، ولكن تعذّر الاجتماع لظروفهم الخاصة لأنهم كانوا خارج القاهرة، فاتفقنا على الجلوس الاثنين الماضى، لبحث النقاط الخلافية بالدستور، بالرغم من أن تعديل تلك المواد تمت الموافقة عليه بطريقة ديمقراطية وعبر وسيلة التصويت، ولكن من أجل وحدة الصف ومن أجل أن يكون دستوراً للكل، فضّلنا الجلوس والتوافق على حلول تُرضى الجميع كأننا لم نصوت بعد على تلك المواد، ونتوافق حول تلك المواد بما لا يخالف ضمائرنا.

* إذا تطرقنا إلى لجنة الخمسين، كيف رأيت الرفض القبطى لتمثيلكم للكنيسة باللجنة والمطالبة بإبعاد رجال الدين؟

- العلمانى المسيحى يمثل نفسه وهو موجود بالفعل مثل الدكتور مجدى يعقوب والدكتور السيسى وآخرين، إنما المطلب هو وجود ممثلى الأزهر وممثلى الكنيسة، فممثلو الأزهر مثلاً ليسوا من خارج الأزهر، وكذلك الأمر بالنسبة للكنيسة، هذه أول ملاحظة قد لا يدركها الآخرون، والملاحظة الأخرى أنه منذ انسحبت من الجمعية التأسيسية لدستور 2012، لم أتعامل مع الإعلام نهائياً. ولعل حضرتك تدرك هذا، وقد غيرت أرقام تليفوناتى وانقطعت عن الإعلام، وكنت أتعامل مع الإعلام بشفافية عندما كنت مسئولاً عن العملية الانتخابية لاختيار البابا، وعندما كنت ممثلاً للكنيسة بالتأسيسية. وبعد ذلك فضّلت أن أعود لهدوئى وخدمتى الطبيعية، وتلك اللحظة استغلها قيادات الإخوان المسلمين الممثلين بالجمعية التأسيسية، وأخذوا يعلنون فى المؤتمرات والبرامج الفضائية أن الكنيسة وافقت على الدستور، بل منهم من تجرأ وقال إن الأنبا بولا وقّع على الدستور. ويؤسفنى أن من يُسمى «مفتى الإخوان» الدكتور عبدالرحمن البر، وهو رجل دين إسلامى، خرج فى برنامج تليفزيونى يقول: «الورق أمامى، الأنبا بولا وقّع على الدستور بالتوافق»، والتزمتُ الصمت لأن البلد ليس فى حاجة لصبّ مزيد من الزيت على النار الموجودة، وأنا كمسيحى أتمسك بالعبارة القائلة «الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون»، ومن أجل المصلحة العامة لمصر ضحيت بأن أُتهم بأنى وقّعت. وحتى وقت قريب كان الأقباط أنفسهم يتصورون أننى وقّعت على دستور 2012، وعلشان كده انتهزت إحدى جلسات لجنة الخمسين الحالية عندما ذُكرت عبارة توافق، فقلت إنه يجب عندما تُذكر عبارة توافق أن نتجنب أخطاء الماضى، ونبحث عن آلية جديدة، لأنه كانت توجد لجنة للتوافق فى التأسيسية السابقة اختارت أشخاصاً لتمثيل أنفسهم وليس لانتماءاتهم، لأن اللجنة كان يوجد بها مسيحى وامرأة.

المخابرات نسقت حواراً بين الكنيسة والرئاسة فاستغله «مرسى» فى «الشو» الإعلامى

* قلت سابقاً إنك ترفض حكم رجال الدين والعسكر، هل ما زلت على موقفك؟

- لا أتذكر تلك المقولة، ولكن اسمح لى أن أقول: إننى أتعامل مع الشخص فى المرحلة الحالية وفقاً لدوره الوطنى، ولنتحدث بصراحة ولأفتح لك قلبى وفكرى، ولماذا تخجل من سؤالى مباشرة: هل أنت مع ترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر أم لا؟ اسمح لى أن أقول: هل يوجد أفضل من السيسى لحكم مصر، وأكررها مرة أخرى: هل يوجد أفضل من السيسى لحكم مصر؟ أنا أؤيد ترشيح السيسى لحكم مصر من أجل المرحلة التى بها هجوم من الخارج، وبها حراك من الداخل ضد الشعب، الحاكم القادم لا بد أن يكون متصفاً بالانضباط والحزم والوطنية ويكون شخصاً لا يفرط فى شبر من أرضه، وأتمنى من كل قلبى أن يكون السيسى رئيساً لمصر، وأتمنى ألا يعاند الشعب ويواجه إصراره بالعزوف عن الترشح، فهذا ما لا أتمناه، فلا بد أن يكون الرئيس القادم ذا خلفية عسكرية من أجل المرحلة الحالية، ما كنا نقوله عن رفض العسكر فى الماضى لخلفياتنا عن الماضى، أما الآن وبعد الثورات فلن يقبل الشعب المصرى إلهاً مؤبداً، وفى الماضى كان يوجد فى مصر رئيس حالى ورئيس راحل، واليوم هناك رئيس مخلوع ورئيس معزول ورئيس حالى، وأنا متأكد أننا سنرى الرئيس الراحل والسابق والأسبق والحالى، وأنا أتحدث عن نفسى فى هذا الطلب وليس عن الكنيسة، وإن كنت أعتقد أن هذا هو توجُّه كل مصرى مخلص لبلده، فلو لم يكن السيسى رئيساً لمصر ما كان وقف أمام العالم كله فى هدوء وتلقائية ونقل الوطن من عثراته بكل وطنية.

DMC