أخبار عاجلة

حياة بعد هلاك.. قصة "حبيب الله" والسعودي الشهم.. هستيرية "مرحبًا بالفزعة"!

انهيارٌ زامَنَ نفاد وعدم وجود طعام وخوف من السباع.. "لا مركبة أو بشر"

حياة بعد هلاك.. قصة

"في الصحراء وشاحنتي عالقة، فقدتُ الأمل في الحياة، وشارفت على الهلاك بعد نفاد الماء وانعدام الغذاء، مع إصابتي بالسكري وانعدام تغطية الهاتف الجوال؛ إلا أن شابًّا سعوديًّا شهمًا بعث لي الأمل واستجاب البرق للنداء".. بهذه العبارات بدأ المقيم السوداني الذي تاه في الصحراء في رابغ وعَلِقت شاحنته في الرمال لمدة قاربت 48 ساعة دون ماء أو غذاء أو تغطية للهاتف الجوال، سرد قصة العودة للحياة، ومقطعه المنتشر الذي يحتفل فيه بالمنقذين مرددًا "مرحبًا بالفزعة".

وتفصيلًا، قال المقيم السوداني الجنيد محيي الدين حبيب الله لـ"سبق": كانت وجهتي من الرياض إلى رابغ بحمولة علف دواجن ٤ أطنان، وكنت أتحرك على "لوكيشن" الخرائط بالهاتف الجوال، وبعد قرابة 20 كيلو في الصحراء، انقطعت الإنترنت والاتصال كذلك، فتهت في الصحراء وعَلِقَتْ مركبتي بعد أن غاصت إطاراتها في الرمال؛ وذلك قرابة الساعة 8:30 مساءً، وأنا مريض سكري وليس معي سوى زجاجة ماء صغيرة.

وأضاف: عندما لم أجد حلًّا نمتُ ليلتي في السيارة وسط الصحراء، وفي صباح النهار الذي يليه استيقظت باكرًا وبدأت محاولات إخراج الشاحنة، واستمرت محاولاتي حتى المساء؛ ولكن لم تنجح محاولاتي فعدت للنوم في شاحنتي وخصوصًا مع نفاد الماء وعدم وجود الطعام والخوف من الصحراء والسباع والوحوش، والتي بدأ معها انهياري؛ خصوصًا أنه خلال تلك الفترة لم يمر بي أي مركبة أو بشر وأنا مريض بداء السكري.

وتابع المقيم الذي يشارف منتصف عقده السادس: في نهار اليوم الثالث صباحًا عاودت محاولاتي لإخراج الشاحنة، والتي لم تحرز أي تقدم؛ فأيقنت بالهلاك رغم ثقتي بلطف الله.. وفي تلك الأثناء سمعتُ صوت سيارة تتحرك من بعيد فكانت شمس الأمل ونافذة الحياة، فتوجهتُ إليها وأشرتُ لها، فاستجاب لي قائدها واقترب مني شاب سعودي شهم نبيل -مع الأسف لم أحصل على هاتفه مع ارتباكي وإرهاقي- فأخبرته بموضوعي كاملًا، فقدّم لي الخبز والماء الذي بحوزته، جزاه الله خيرًا، وأخبرني برقم العمليات، وطلب الاتصال على الرقم (911) بعد أن خرج بي بسيارته لمسافة للبحث عن تغطية الجوال، وبالفعل اتصلنا على (911) -جزاهم الله خيرًا- وحوّلوني لفرقة "برق" الذين طلبوا صور السيارة والموقع ورقم السيارة ورقم كفيلي، وحضروا بالفعل من مدينة جدة كالبرق.

وأردف: "حضرت الفرقة من مدينة جدة، وخلال ساعات قليلة وصلت الفرقة في 8 مركبات، وكانوا يسلمون عليّ بحرارة وحميمية وكأنهم يعرفونني من سنين، ناسين عناء سفرهم من مدينة جدة إلى رابغ، وأحضروا معهم الماء والمؤونة وأخرجوا السيارة، وأصروا على مرافقتي حتى عودتي.. هذه الفرقة مهيأة ومنظمة ويعمل بها أفراد واثقون من عملهم، ويعلمون كيف يتصرفون".

وأوضح: "الشاب الشهم الذي استعنت به بعد الله كان نِعم السند، رفض الانصراف وبَقِيَ معي يتواصل معهم حتى وصلوا، وهو من المنطقة يعرفها جيدًا ويعرف الطرق؛ فوصف لهم الموقع".

واستطرد: "كنت حريصًا على عدم معرفة عائلتي بتفاصيل ما حدث قبل عودتي إليهم؛ إلا أنه من لحظتها فوجئتُ أن مقاطع الفيديو والخبر منتشرة على مواقع التواصل.. وتواصل معي العديد من المعارف في المملكة بمختلف مناطقها ومن دولتي بالسودان وأصدقائي في جمهورية العربية، وكان لهذا الإنقاذ أصداء واسعة وخصوصًا أن هؤلاء الرجال من هذه الدولة المباركة أنقذوا رجلًا ولا يرجون منه جزاءً ولا شكورًا".

وحول مشاعره لحظة قدوم فرقة "برق"، قال: "مشاعري وقت قدوم السيارات كانت فرحة عارمة، فرحة عودتي للحياة، وفرحة وجود الرجال الذين يقدمون الخير والإنقاذ دون مقابل، وقد تكون فرحتي هستيرية لإحساسي بأنني كنت على مشارف الهلاك بعد فقداني أمل الحياة، فرحتي لا توصف، أنصح من يتنقلون في الطرق البرية أن يحتاطوا بالماء والغذاء".

وقال "حبيب الله": "أمضيتُ 32 عامًا في المملكة العربية ، عملتُ في البريد السعودي لـ15 عامًا، وتنقلت بين مختلف المناطق والقرى والهجر والبوادي؛ حيث كنتُ أطوف بالمدارس والمستوصفات ومراكز إمارات المناطق، ولم أتعرض لمثل هذا الموقف أبدًا، ووالله العظيم -كررها ثلاثًا- طيلة الفترة التي قضيتها في المملكة لم أجد منهم إلا كل طيب ونخوة وشهامة؛ فلهم ولقيادتهم الرشيدة -وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده- كل إجلال وتقدير وهم سباقون لكل خير".

وفي ختام حديثه لـ"سبق"، قال: شكرًا لفرقة برق شكرًا كثيرًا، والشكر التام أيضًا للشاب الذي أنقذني وقدم لي الماء والخبز، وأجرى معي مكالمات، وبقي معي حتى وصول الفرقة وخروجي، وشكرًا لـ"سبق" التي تُسلط الضوء على كل ما يدور في البلد من مواقف وحوادث أو احتياجات تلامس هموم المواطن والمقيم".

وكانت "سبق" قد نشرت خبر الإنقاذ تحت عنوان: (أتته فزعة "برق".. تفاصيل فرحة مقيم تاه بالصحراء وابتلعت مركبته)، أوضح فيها الكابتن طلال عبدالغني قائد الفريق تفاصيل الإنقاذ.

حياة بعد هلاك.. قصة

صحيفة سبق اﻹلكترونية