أخبار عاجلة

سيد مكاوى ..أخر “شيوخ”الطرب

سيد مكاوى1

“حبيت ودبيت كما العاشق ليال طوال/وكل شبر وحته من بلدى..حته من كبدى ..حته من موال”..تلك الكلمات التى كتبها الشاعر فؤاد حداد، لم يكن من قبيل المصادفة أن يلحنها و يغنيها الشيخ سيد مكاوى فى رائعتهما “المسحراتى”..حيث تميزت كافة أعمال مبدعنا الذى نحتفل اليوم الخميس8مايو بالذكرى77لميلادة..بنكهتها الشعبية الخاصة وشرقيتها الصميمة..حتى أن ألحانه كان يتم وصفها بأنها تحمل عبق الحارة المصرية.

مواويل وطقاطيق

وولد سيد مكاوي في حى الناصرية بالسيدة زينب ،في 8 مايو 1927،وكان لكف بصره عاملا أساسيا في اتجاه أسرته إلى دفعه للطريق الديني،وهو في سن السابعة ذهب إلى كتاب الشيخ ” حنفي السقا ” وهناك حفظ القرآن الكريم بأكمله في ثلاث سنوات ، وعندما توفى والده تولى هو رعاية الأسرة وقام بقراءة القرآن في المنازل ، ويؤذن للصلاة في مساجد أبو طبل و الحنفي .

عشق مكاوى فى صباه الغناء الصوفي فكان يدوام على حضور الموالد وحلقات الذكر ،و يشارك في إنشاد القصائد والتواشيح الدينية ، والمدائح النبوية . وعن طريق هذه الألحان الدينية تعرف على المقامات العربية ،وجذبته ألحان المشايخ علي محمود ، زكريا أحمد ، إبراهيم المغربي ،سيد موسى ، سيد درويش ، وإسماعيل سكر ،وبعدما بدأ فى الغناء بالحفلات والأفراح نال شهرة كبيرة بالعديد من القرى والمدن،وكان من عاداته أن يفتتح فقرته بتلاوة القرآن الكريم ، ثم ينشد المدائح النبوية ، ويغني القصائد الوجدانية والتواشيح ، والمواويل ، والطقاطيق في صحبة بطانته .

صلاح جاهين ومكاوىفي نهاية الأربعينات شاء الحظ الحسن أن يلتقي ” سيد مكاوي ” باثنين من الأثرياء ، وكانا من كبار هواة الموسيقى العربية ، ” محمود رأفت ” الذي اشتهر بعزفه على القانون .. وهو تلميذ لـ ” محمد العقاد الكبير ” ، وأخوه ” إسماعيل رأفت ” الذي درس الكمان مع أحد روادها ” إبراهيم سهلون ” ،و كان الشقيقان ” محمود ” و ” إسماعيل رأفت ” يمتلكان مكتبة موسيقية ضخمة ، تضم آلاف الاسطوانات المسجل عليها موشحات وأدوار ومواويل، ومن هذه المكتبة الموسيقية تعلم ” سيد ” الكثير ، كما ساعده الأخوان رأفت على تعلم العزف على العود ، وأتفقا على دفع 150 قرشاً في الشهر للموسيقي ” محمد إحسان ” الذي علم مكاوى مبادئ العزف على العود .

حدوته

فى الخمسينات شجع عشق سيد للغناء على الإتجاه إلى الإذاعة ، الذي كان يرأسها ” عبد الحميد يونس ” . وتقدم إلى لجنة الاستماع لاعتماده مغنياً . وكان يرأس لجنة الاستماع ” مصطفى رضا ” رئيس معهد الموسيقى الشرقية . فغنى ” سيد ” أمام اللجنة دور ” الورد في وجنات بهي الجمال ” من ألحان الشيخ ” عبد الرحيم المسلوب ” ، واجتاز الامتحان بنجاح.
> وبعدها تكليفة بغناء ألحان خاصة وذلك عقب نجاحه في تقديم ألحان التراث ،وقدم أغنيته الأولى “محمد” من ألحان صديقة والملحن الناشئ في هذا الوقت الفنان عبد العظيم عبد الحق ،ولحن لة الأغنية الثانية للملحن أحمد صدقى، وهي أغنية (تونس الخضرا)و هما الأغنيتين الوحيدتين التي غناهما سيد مكاوي من ألحان غيره.

في منتصف الخمسينات بدأت الإذاعة المصرية في التعامل مع سيد مكاوي كملحنا إلى جانب كونه مطربا وبدأت في إسناد الأغاني الدينية إليه والتي قدم من خلالها للشيخ محمد الفيومي الكثير من الأغاني الدينية مثل “تعالى الله أولاك المعالي” ،”آمين آمين”، “يا رفاعي يا رفاعي قتلت كل الافاعي”، “حيارى على باب الغفران، حتى توجها بأسماء الله الحسنى.
> كما لحن م بتلك الفترة أغاني شعبية خفيفة مثل “آخر حلاوة مافيش كدة”و “ماتياللا يا مسعدة نروح السيدة” والأغنيتان للشاعر الراحل عبد الله أحمد عبد الله، وكان لقائة الأول.مع الفنان محمد قنديل في أغنية “حدوتة” للشاعر صلاح جاهين .

وقدم سيد مكاوي بعد ذلك العديد من الألحان للإذاعة من أغاني وطنية وشعبيه.،وغنى من ألحانه محمد عبد المطلب أغانى “إتوصى بيا”,و”قلت لأبوكي عليكي وقالي” ، ” اسأل علىَّ مرة ” ،”كل مرة لما أواعدك”، ” حكايتنا احنا الاتنين ” لـ ” ليلى مراد ” و ” غيرك ماليش ” لـ ” شهر زاد ” و ” أنا هنا يابن الحلال ” لـ ” صباح ” لـ ” محمد عبد المطلب ” و ” مبروك عليك يا معجباني يا غالي ” لـ ” شريفة فاضل “،وغيرها.

دايما مصر
>عبد العظيم عبد الحق ومكاوىعام 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر اشترك سيد مكاوى فى التعبئة الجماهيرية للمقاومة الشعبية فى المرحلة التى شهدت أقوى الأناشيد مثل “الله أكبر” لمحمود الشريف و “والله زمان يا سلاحى” لكمال الطويل وأم كلثوم ،وقدم مكاوي فى وسط المعركة أغنية جماعية قصيرة اشتهرت كثيرا بعنوان “ح نحارب ح نحارب كل الناس ح تحارب” وهى مستوحاة من كلمات الزعيم جمال عبد الناصر فى خطبته من على منبر الأزهر “سنقاتل سنقاتل” ،كما قدم ايضا من كلمات صديقه الشاعر كمال عمار “يا بلدنا الفجر مادنة نار”
> وأثناء حرب الاستنزاف 1967 – 1970 قدم سيد مكاوى أغنيتين وطنيتين للشاعر صلاح جاهين متأثرا بسقوط ضحايا من الأطفال والعنال فى جريمتى قصف مدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل هما “الدرس انتهى لموا الكراريس” غنتها شادية و “احنا العمال إلي انقتلوا” كأغنية جماعي، لكن الأغنية الوطنية الأكثر تأثيرا، والتي أجاد فيها سيد مكاوي تلحينا وأداء بصوته، واستعاد بها ثقة الناس في الوطن وحماسهم لقضيته
> وغنى مكاوى أمام الزعيم جمال عبد الناصر لأول مرة في الحفل الذى حضرة رئيس الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروشوف، والرئيس السوريشكري القوتلي ، ومعهم رائدة الفضاء الشهيرة فالنتينا، وقدم مكاوي أغنية ترحيب بها من كلمات صلاح جاهين وهي أغنية “:فانتينا..فالنتينا..اهلا بيكي نورتينا” ،كما غنى للشاعر فؤاد حداد “مص

مكاوى فى شبابة

ر دايما مصر”، و”لا في قلبي ولا عينية الا فلسطين”.

المسحراتى

فى أوائل الستينات أقنع سيد مكاوي المسئولين بالإذاعة بضرورة تطوير شكل المسلسلات الإذاعية بعمل مقدمات غنائية لها، فكان له الفضل الأول في وضع هذه القاعدة وقدم من خلالها عشرات الأعمال للفنانون أمين الهنيدي ومحمد رضا وصفاء أبو السعود، وذلك من خلال مسلسلات” شنطة حمزة “،”رضا بوند”، “عمارة شطارة”، “حكايات حارتنا “وغيرها ،. وراعى مكاوي في تلحين هذه المقدمات أن يكون الغناء بشكل كوميدي ويتمتع بخفة ظل حيث كان هو شخصيا خفيف الظل ومن ظرفاء عصره ،و كانت هذه المقدمات من تأليف صديقيه الشاعران عصمت الحبروك وعبد الرحمن شوقي.

قبل أن يقدم مكاوى مع الشاعر فؤاد حداد تحفتهما “المسحراتى” سبقه فى تلحينها للإذاعة الملحنون .أحمد صدقي ،مرسي الحريري ،عبد العظيم عبد الحق ،وكانوا يقدمونها على فرقة موسيقية ،ولكنة أشترط قبل تلحينها أن يقوم بغنائها ايضا ،ثم فاجأ “مكاوى” المسئولين بالإستغناء عن الفرقة، وقدم أول 3 حلقات مكتفيا بطبلة المسحراتى فقط، و لاقت الحلقات نجاحا كبييرا لدرجة دفعتهم فى العام التالى لتكليفة بتلحين وغناء جميع الحلقات التى كتبها الشاعر فؤاد حداد.

والى جانب ما سبق قدم مكاوى تجربتين فى غاية الأهمية بالإذاعة ، الأولى هى حلقات “نور الخيال وصنع الأجيال” وهو ديوان شعري كامل للشاعر الكبير فؤاد حداد ،و تم تقديمه من خلال إذاعة البرنامج العام خلال شهر رمضان عام 1968 من إخراج فتح الله الصفتي، وقام مكاوي بأداء دور الشاعر الراوي، وقدم من خلال الثلاثين حلقة العديد من الأصوات الجديدة ، والتي شاركته في الغناء مثل ليلى جمال وزينب يونس وغيرهم، وكان من أشهر أغاني سيد مكاوي والتي قدمت من خلال هذا البرنامج أغنية (الأرض بتتكلم عربي)و يعتبر هذا العمل عمل ملحمي هاما، ويعتبر مرجعا هاما لكافة الملحنين الجدد للاستفادة منة في كيفية التسلسل اللحني ودقة النقلات الغنائية .

مكاوى وجاهين وسعاد حسنىأما ثانى تجارب مكاوى الإذاعية الهامة فهى “الرباعيات” التى لحنها عن قصائد صلاح جاهين ،والتى كانت تقدم يوميا من خلال إذاعة صوت العرب في نهاية الستينات من إخراج أنور عبد العزيز وحققت شهرة واسعة شجعت المطرب علي الحجار على إعادة تقديمها بموافقة مكاوى.

يا مسهرنى
> عام1969عرف مكاوى طريقة إلى المسرح الغنائى عندما أشتارك فى تلحين 6أغانى بأوبريت”القاهرة فى ألف عام”، وبعد نجاح التجربة قدم ايضا (الحرافيش) ،ثم توالت أعماله فيما بعد فمنح ألحانه للعديد من ا لمسرحيات الهامة، ومنها “:دائرة الطباشير القوقازية”،”مدرسة المشاغبين”،هاللو دولى”،وغيرها.
> اما رائعة مكاوى وجاهين “الليلة الكبيرة”،فكانت قبل تقديمهم لها على مسرح العرائس،لا تتعدى كونها صورة غنائية تقدم بالإذاعة ومدتها 8دقائق فقط،لكنها فيما بعد أصبحت أحدى روائع الفن المصرى كلة.

عام1972 حققت أم كلثوم حلم سيد مكاوى بالتلحين لها،وغنت من ألحانه أغنيتها ” يا مسهرني ” من كلمات شاعر الشباب ” أحمد رامي ” ،وقبل تقديمها لها على المسرح طلبت ” أم كلثوم ” من ” سيد مكاوي ” التواجد في الحفل ،والإشراف على ضبط الآلات الموسيقية ، وكانت المفاجأة الكبرى عند فتح الستار ، و قامت بتقديمه للجمهور، وكان من المفترض أن تغنى فيما بعد من ألحانه أغنية”أوقاتى بتحلو” من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد،إلا إنها توفيت قبل تقديمها فغنتها وردة الجزائرية.

مكاوى ووردةوتزوج ” مكاوي ” من الفنانة التشكيلية ” زينات خليل ” وأنجب منها ” إيناس” و”أميرة ” ، وتوفى في يوم 21 أبريل عام 1997 وهو نفس التاريخ الذي رحل فيه ” صلاح جاهين ” عن دنيانا . مع فارق أحد عشر عاماً.

اعداد : مصطفى حمزة

مكاوى وزوجته

أونا