> لم يعلم المواطن زكي متولى عبدالرحمن بدوي الذى يتوفي بعد مولد طفله بعام واحد تقريبا، وتتزوج أمه زوجا آخر ويذهب الطفل لجده لكي يقوم بتربيته لكي يصبح محروما من الأب والأم، أن يصبح ابنه هكذا! أن يصبح الطفل هو ألمع النجوم التي ظهرت في تاريخ السينما المصرية، هو الفهد الأسمر، هو رئيس جمهورية السينما المصرية.. هو الذى لايكذب ولكنه يتجمل، هو عبدالناصر والسادات، وهو الذى لم يكن له اخ أو اخت، وهو الذى ولد فى مثل هذا اليوم، 18 من نوفمبر لعام 1949 فى مدينة الزقازيق محافظة الشرقية، ثم يلتحق بالمدرسة الابتدائية والإعدادية ثم يدخل المدرسة الصناعية، أحمد زكي أو فتى الشاشة الأسمر، وفى حفل المدرسة الذى كان هو يمثل فى إحدي عروضها المسرحية ، وقد كان تمت دعوة مجموعة من الفنانين من القاهرة، وقابلوه، ونصحوه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته بالمعهد، عمل في مسرحية هالوا شلبى، تخرج من المعهد عام 1973.
$الطفل الذى نتحدث عنه سرعان ماينضج ويصبح شاب بل و يصبح أيضا الأول على دفعته فى معهد الفنون المسرحية ، ليعمل في المسرح في أعمال ناجحة جماهيرياً مثل مدرسة المشاغبين ،أولادنا في لندن، العيال كبرت، وفى التليفزيون لمع في مسلسل الأيام وهو وهى، وأنا لا أكذب ولكنى أتجمل، ونهر الملح ،والرجل الذي فقد ذاكرته مرتين، عمل في العديد من الأفلام التي حصل منها على جوائز عديدة.
> وهو من الممثلين الذين يندمجون في الدور، فيأدونه بقوة مهما كانت مساحته أو أهميته، تعتبر أفلام له بمثابة محطات مهمة في التمثيل، ابتداء من عيون لا تنام ،والبرئ، والحب فوق هضبة الهرم، وأحلام هند وكاميليا، وناصر 56 ،وأرض الخوف، ليصبح الطفل هو النجم الأسمر مدير مدرسة التمقص فى السينما المصرية أحمد زكي، الذى وبجداره إستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات، بل ونجم مستقبل السينما المصرية أيضاً.
> وقد كان عام 1982، هو الانطلاقة الحقيقية لهذا الفنان الأسمر. أما في عام 1983، وخلافاً لكل التوقعات، فقد رأينا أحمد زكي منسحباً عن الأضواء والسينما بنسبة ملحوظة، ليعود في العام 1984 أكثر حيوية ونشاطاً، ومن العجيب أن هذا الشاب الريفي، البعيد الوسامة، جاء إلى عاصمة السينما العربية، مفتوناً برشدي أباظة، المعروف بوسامته، والوسامة أو الشكل الذي لا يتميز عن بقية الناس بالجمال والحلاوة مثل معظم فتيان الشاشة الحاليين والسابقين. فهو ليس في جمال حسين فهمي أو أنور وجدي مثلاً، ولكنه نموذج عادي لأشخاص عاديين يقابلهم المرء ويتعامل معهم كل يوم في الطريق.
يقول النجم الأسمر: جئت إلى القاهرة وأنا في العشرين : المعهد، الطموح والمعاناة والوسط الفني وصعوبة التجانس معه، عندما تكون قد قضيت حياتك في الزقازيق مع أناس بسطاء بلا عقد عظمة ولا هستيريا شهرة، ثم الأفلام والوعود والآلام والأحلام.. وفجأة، يوم عيد ميلادي الثلاثين، نظرت إلى السنين التي مرت وقلت : أنا سرقت.. نشلوا مني عشر سنين، عندما يكبر الواحد يتيماً تختلط الأشياء في نفسه.. الابتسامة بالحزن والحزن بالضحك والضحك بالدموع ! أنا إنسان سريع البكاء، لا أبتسم، لا أمزح.
> ويكتمل حديثه صحيح آخذ كتاب ليلة القدر لمصطفى أمين، أقرأ فيه وأبكي، أدخل إلى السينما وأجلس لأشاهد ميلودراما درجة ثالثة فأجد دموعي تسيل وأبكي، عندما أخرج من العرض وآخذ في تحليل الفيلم، قد أجده سخيفاً وأضحك من نفسي، لكني أمام المآسي أبكي بشكل غير طبيعي، أو ربما هذا هو الطبيعي، ومن لا يبكي هو في النهاية إنسان يحبس أحاسيسه ويكبتها. المثقفون يستعملون كلمة اكتئاب، ربما أنا مكتئب، أعتقد أنني شديد التشاؤم شديد التفاؤل.
> عشت دائماً أكبر من سني، وفجأة، يوم عيد ميلادي الثلاثين. أدركت أن طفولتي وشبابي نشلا.. حياتي ميلودراما كأنها من أفلام حسن الإمام، والدي توفي وأنا في السنة الأولى، أتى بي ولم يكن في الدنيا سوى هو وأنا، وهاهو يتركني ويموت. أمي كانت فلاحة صبية، لا يجوز أن تظل عزباء، فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا في بيوت العائلة، بلا أخوة، ورأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة، ذات يوم جاءت إلى البيت امرأة حزينة جداً، ورأيتها تنظر اليّ بعينين حزينتين، ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت، شعرت باحتواء غريب، هذه النظرة إلى الآن تصحبني، حتى اليوم عندما تنظر اليّ أمي فالنظرة الحزينة ذاتها تنظر، في السابعة من عمري أدركت أنني لا أعرف كلمة أب وأم، والى اليوم عندما تمر في حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما، أشعر بحرج ويستعصي عليّ نطق الكلمة.
أخبار متعلقة :