جاءت مبادرة الرياض لمكافحة الفساد العابر للحدود دولياً واعتمادها من قِبل الأمم المتحدة تتويجاً لمسيرة طويلة بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، لمواجهة الفساد بكل صنوفه لما له من آثار سلبية على التنمية والاقتصاد والمجتمعات.
جهود مضنية وثمار مقطوفة انعكست على أرقام الاقتصاد السعودي واستفاد المواطن من هذه الأموال في مشاريع البنى التحتية والصحة والتعليم، فالمال المسترد من قبضة الفساد يعود على الوطن والمواطن.
التضييق على الفساد وتجفيف منابعه التجارية والاجتماعية وملاحقة المتورطين واسترجاع ما ذهب كانت تجربة صعبة ومعركة خاضتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالسعودية، باقتدار واستبسال، كانت نتائجها تقديم المتورطين للمحاكم، واسترجاع ما حصلوا عليه من أموال بطرق غير شرعية.. انتصار لم يتحقق إلا بفضلٍ من الله، ثم بوقوف الدولة ودعم هذه الحرب.
ميّز هذه المواجهة بأنها استئصال شامل للمرض حتى وإن أعصى الجرّاح الماهر العلاج اضطر للبتر، فعمّت كل الموظفين بمختلف المواقع الوظيفية استجواباً بدأ بالموظف الكبير قبل الصغير، وتفصيل الجُرم الموجّه بالدلائل دون انحياز.. حربٌ ضارية قرع طبولها سمو ولي العهد، قبل سنوات، فهو فارسها الأول، ثم نفّذ ما قاله وساند جهود تتبع الأموال، وضيّق الطريق على المتسترين التجاريين، وسنّ قوانين لمكافحة تبييض الأموال، وأعاد هيكلة الاقتصاد والنظام الحكومي الذي ربما كانت تستغل ثقوبه.
هذه الحرب كانت محل تقدير العالم الذي يعاني الفساد، وأكسبت الاقتصاد السعودي النزاهة والشفافية، وأوجدت بيئة خصبة للاستثمار وتوفير الفرص دون تمييز ولا احتكار.
فنقلت المملكة هذه التجربة على المستوى العالمي بتأسيس شبكة عمليات عالمية لتبادل المعلومات بين أجهزة مكافحة الفساد حول العالم "غلوب" لملاحقة الجرائم العابرة، وإيجاد قنوات تواصل بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد لضمان الوصول للفاسدين الفارين من العدالة.. جهود سعودية حثيثة لتعزيز سلامة الدول وتوفير مناخ عادل نزيه لا يلوّثه الفساد.
