أخبار عاجلة

لبنان على عتبة “انقلاب” بعد ارتفاع نبرة الجنرالات

لبنان على عتبة “انقلاب” بعد ارتفاع نبرة الجنرالات لبنان على عتبة “انقلاب” بعد ارتفاع نبرة الجنرالات

جي بي سي نيوز :- شكّل المشهد السياسي هذا الأسبوع مرآة للاصطفافات السياسية وللوضع القابل للتفجير عند كل منعطف خطر. فالجلسة التشريعية التي انعقدت على مدى يومين في قصر الأونيسكو نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في احتواء أي تصعيد في بدايتها من خلال إلغاء الأوراق الواردة التي تحمل بالعادة مواقف سياسية من قبل النواب. وكان في ذهن الرئيس بري أن نواب الكتل المعارضة سيغتنمون فرصة الأوراق الواردة لمهاجمة التي لم تلتزم بعد بما ورد في بيانها الوزاري، ووقف إلى جانب الحكومة ورئيسها قبل أن يتولى بنفسه تأنيب رئيس الحكومة حسّان دياب على ما سمّته الأمانة العامة لمجلس النواب “التطاول” على مجلس النواب، حسب بيان جاء فيه “على الحكومة أن تتعلّم كيفية إرسال مشاريع القوانين إلى مجلس النواب قبل التطاول عليه”. وكانت الأمانة العامة تردّ على انتقاد الرئيس دياب تطيير عدد من النواب النصاب في ثاني أيام الجلسة التشريعية قبل التصويت على مشروع قانون معجّل يرمي إلى فتح اعتماد اضافي بقيمة 1200 مليار ليرة لتأمين الأمان الاجتماعي.

أما جلسة مجلس الوزراء فحملت البُعد الأكثر خطورة نتيجة ما شهدته من مداولات حول أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بلغت حد استطلاع آراء الوزراء حول إقالته وما تبعها من مواقف عالية النبرة من رئيس الحكومة تجاه حاكم البنك المركزي أبرزها اتهام أدائه بأنه “مريب” مستخدماً “لغة عسكرية كأنه جنرال يتقمّص دور رئيس حكومة” حسب ما جاء في ردّ الرئيس سعد الحريري عليه. فقد قال دياب “لِمَن يحفرون الكمائن ويخططون للانقلاب من خلال سلب الناس أموالهم مرة ثانية من خلال رفع سعر صرف الدولار، نقول إنّ الحكومة لن تتفرّج، ولن تسمح ولن تتهاون في منع أي عبث في الاستقرار المالي، بل ستضرب بحزم، لأن ّهؤلاء يريدون انهيار البلد لحماية أنفسهم ومصالحهم وعلى حساب مصلحة لبنان واللبنانيين”.

ومن المعلوم أن دياب لم يكن يتحدث بنفسه بل بدا أنه شرب “حليب السباع” من حزب الله، وخاطب خصومه بنبرة أقسى من نبرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وكأنه يريد الظهور بمظهر رئيس الحكومة المختلف عن الرئيس عمر كرامي الذي أطاحت به حركة “6 أيار/مايو” في الشارع عام 1992 وجاءت بالرئيس رفيق الحريري يومها الذي عيّن رياض سلامة وبدأت مسيرة تراجع الدولار ليتم تثبيته على سعر 1515 ليرة بعدما وصل سعره يومها إلى 2800 ليرة.

ويظهر من الوقائع السياسية والحملات المتبادلة أن لبنان أمام مواجهة خطرة بين محورين حول موضوع إقالة حاكم مصرف لبنان: المحور الأول هو محور حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ورئيس الحكومة مدعوماً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والثاني هو محور قوى 14 آذار السابقة الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تُطرَح علامات استفهام حول موقع رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذه المواجهة، فهو من جهة حريص على تحالفه مع حزب الله حفاظاً على وحدة الطائفة الشيعية لكنه في الوقت ذاته لا يستسيغ العهد ولا صهره ولا رئيس الحكومة الجديد، ويدرك أن تصفية الحسابات هي التي تحرّك بعض القوى تحت عناوين محاربة الفساد.

وكان وزيرا الرئيس بري في الحكومة وهما وزير المال غازي وزني ووزير الزراعة عباس مرتضى اعترضا على التوجّه لإقالة سلامة داخل مجلس الوزراء، نظراً للتداعيات السلبية الكبيرة وللتوقيت الذي تُطرَح فيه في ظل وضع اقتصادي ومالي مهترئ وفي ظل غياب نواب للحاكم والتحضيرات لدخول لبنان في تفاوض مع صندوق النقد الدولي ومع الدائنين ربطاً بسندات اليوروبوندز.

وفي ضوء كل هذه المعطيات، ثمة مخاوف من التلاعب أكثر بموضوع الدولار ومن استغلال غضب الناس وتوقّف أعمال كثير منهم وتراجع قدراتهم الشرائية لتنفيذ انقلاب يشبه إلى حد كبير انقلاب 7 أيار/مايو الذي نفّذه حزب الله في بيروت للسيطرة على القرار المالي للبلد بعد وضعه اليد على القرار السياسي والأمني، ما يهدّد بتحوّل لبنان إلى نموذج يشبه النموذج الفنزويلي. لكن السؤال يبقى إلى أي مدى يمكن للحزب تنفيذ هذه الأجندة مع ما تعنيه من انهيار كامل للبلد وانقطاع عن العالم العربي والمجتمع الدولي؟ وإلى أي مدى ستكون واشنطن قادرة على لجم مثل هذا الانقلاب؟

القدس العربي

جي بي سي نيوز