أخبار عاجلة

مشاهد من تفاوات الثروة والدخل في الاقتصادات الكبرى

مشاهد من تفاوات الثروة والدخل في الاقتصادات الكبرى مشاهد من تفاوات الثروة والدخل في الاقتصادات الكبرى

مباشر- سالي إسماعيل: يوماً بعد يوم، تتفاقم مشكلة تفاوت الثروة على الصعيد العالمي وكذلك الوضع بالنسبة لعدم المساواة في الدخل داخل الاقتصادات الكبرى.

وتتجسد هذه المعضلة السياسية في السنوات الأخيرة في أشكال عديدة، أبرزها الاحتجاجات التي اندلعت في الكثير من دول العالم والتي تنادي بالمساواة وتُبدي غضبها حيال الهيكل الاقتصادي في هيئته الحالية.

وبحسب تقرير صادر مؤخراً عن مكتب الإحصاءات الأمريكي، فإن عدم المساواة في الدخل في الولايات المتحدة وصل في عام 2018 لأعلى مستوياتها منذ بدء رصد السجلات في عام 1967.

والأمر لا يقتصر فقط على الدولة صاحبة أكبر بالعالم، فكما يوضح تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن عام 2019، فإن عدم المساواة في الداخل في كافة الدول الأوروبية أعلى مما كان عليه في بداية ثمانينيات القرن العشرين، حيث شهدت تلك الدول زيادات في تركيز الدخل للفئات الأكثر ثراءً في المجتمع.

ويظهر التقرير، عبر تتبع ديناميكيات عدم المساواة في كافة أنحاء أوروبا، أن أعلى 10 بالمائة من أصحاب الدخل قبل خصم الضريبة كانوا يحصلون على 29 بالمائة من إجمالي الدخل الإقليمي في عام 1980 لكن هذا الرقم ارتفع إلى 34 بالمائة في عام 2017.

وخلال تلك الفترة سالفة الذكر، فإن دخل أعلى 0.1 بالمائة قد تضاعف، فيما زاد دخل أعلى 0.001 بالمائة ثلاثة أمثال تقريباً.

في حين حصل الـ50 بالمائة الأقل دخلاً على 24 بالمائة من إجمالي الدخل الإقليمي في عام 1980 لكن هذه النسبة تقلصت إلى 20 بالمائة في عام 2017.

ويقول مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "أخيم شتاينر" خلال التقرير إن موجة المظاهرات التي تجتاح كافة أنحاء العالم تُمثل الوجه الجديد لعدم المساواة.

مشاهد من تفاوت الدخل

ورغم الأرقام الإجمالية التي توضح الوضع في الدول الكبرى، لكن هناك حالات فردية تسلط الضوء أكثر على قضية عدم المساواة في الدخل.

وعند النظر إلى إجمالي المكافآت السنوية للرئيس التنفيذي لشركة آبل "تيم كوك" نجدها بلغت 11.56 مليون دولار في عام 2019 وهو ما يعادل نحو 201 مرة مثل مكافأة الموظف الواحد في صانعة الهواتف خلال نفس الفترة والتي بلغت في المتوسط 57.596 ألف دولار.

وصعد سهم الشركة الأمريكية بنحو 89 بالمائة في عام 2019، مسجلاً أفضل أداء سنوي منذ عام 2009 كما أنه كان أكبر الرابحين في مؤشر "داو جونز".

وتلقى "كوك" ما يزيد عن 125 مليون دولار في مجمل العام الماضي من رواتب ومكافآت وحوافز وخيارات الأسهم من بينها أجر سنوي بلغ 3 ملايين دولار، وفقاً لإفصاح صادر عن الشركة الأمريكية.

وفي نموذج آخر للدلالة على القضية ذاتها، فإن الرؤساء التنفيذيين في الشركات البريطانية يحصلون على دخل يعادل 117 مرة ما يجنيه العامل العادي في البلاد، وفقاً لدراسة حديثة أجراها معهد تشارترد لشؤون الموظفين والتنمية في المملكة المتحدة ومركز أبحاث "هاي باي".

وفي غضون ثلاثة أيام عمل فقط، يمكن للرئيس التنفيذي أي يحقق دخلاً يبلغ 29.559 ألف جنيه إسترليني (38.64 ألف دولار) وهو ما يعادل الدخل السنوي للعامل.

ومن أجل تضييق فجوة الدخل، اقترح الديمقراطيان المرشحان للرئاسة الأمريكية، السيناتور "بيرني ساندرز" و"إليزابيث وارين"، فرض ضريبة على الثروة لزيادة الحد الأدنى للأجور.

وكتب "ساندرز" في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حين إعلان تلك الخطة: "يجب ألا يكون هناك مليارديرات، سنقوم بفرض ضريبة على ثرواتهم المفرطة ونستثمر في العاملين".

وفي محاولة للبحث عن حلول للتصدي إلى هذا الوضع المتفاقم، نجد أن مديرة صندوق النقد الدولي "كريستالينا جورجييفا" تقدم حلولاً لمواجهة هذا التحدي المعقد والمزعج الذي يواجه الاقتصاد العالمي، على حد وصفها.

وتكمن الحلول التي تقترحها في إعادة التفكير بالسياسات المالية والضرائب التصاعدية مع تولية مزيد من الاهتمام لسياسات الإنفاق الاجتماعي.

ووفقاً لمسح أجرته مؤخراً وكالة رويترز، وشمل 4411 مستجيباً من الولايات المتحدة، فإن 64 بالمائة أيدوا ما فكرة أن الأثرياء يجب أن يساهموا بحصة إضافية من إجمالي ثرواتهم كل عام لدعم البرامج العامة، وهو ما يعتبر بمثابة الفكرة التي تقوم عليها ضريبة الثروة.

كما تشير مديرة صندوق النقد إلى ضرورة إدخال إصلاحات في هيكل الاقتصاد مع التأكيد على ضرورة التعاون مع الشركات من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.

وهناك وجهة نظرة أخرى، تتمثل في اعتقاد البعض بأن تزايد شعبية البيتكوين قد يساعد في العودة إلى الغرض الذي أنشأ من أجله الأصل المشفرة وهو "سد فجوة الثروة العالمية"، وبعبارة أخرى، مكافحة عدم المساواة في الدخل.

ويرى الرئيس التنفيذي والمدير التنفيذي للمعلومات في شركة "مورجان كريك كابيتل مانجمنت" الاستشارية "مارك يوسكو" أن البلوكشين ونموها الأساسي يمكن الاستفادة منهما في التخفيف من عدم المساواة في الدخل.

ويضيف "يوسكو" في تعليقات مع موقع "بيزنس إنسايدر" أن والنخب يريدون الحصول على الثروة كافة، لذلك يتسببون في التضخم وبالتالي تتدفق الثروة إلى القمة، ولهذا السبب نشهد أكبر تفاوت في الثروة في تاريخ البشرية، لكن البيتكوين تساعد في حل تلك المعضلة.

وتكمن أحد المشكلات الرئيسية التي تواجه الأمريكيين اليوم في عدم وجود أموال للاستثمار في الأسواق، كما أن الاعتماد على الراتب يشكل نكسة كبيرة للطبقة الفقيرة والمتوسطة.

ويوجد المزيد من الفرص للحصول على الأصول من خلال تكنولوجيا البلوكشين، فعلى سبيل المثال، يتم الآن قبول عملات البيتكوين في بعض أسواق العقارات، حيث يمكن للمستثمرين امتلاك أجزاء من وحدة سكنية ما إذا لم يتمكنوا من شراء المنزل بأكمله، وفقاً لتقرير نشرته شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية.

ورغم أن التشجيع على امتلاك أصول يُعد بمثابة وسيلة لمحاربة عدم المساواة في الدخل داخل الولايات المتحدة، لكن الدول النامية بحاجة إلى خطة مختلفة.

وظهر الاهتمام الواسع بالأصول المشفرة في الدول النامية للمرة الأولى في عام 2017 عندما قام خبير التكنولوجيا المالية "أنطون دزياتوفسكي" بتأسيس تطبيق الاقتراض النقدي "ميكرو موني"، نقلاً عن موقع "بيزنس إنسايدر".

وتتمتع البيتكوين بالقدرة على الوصول إلى حوالي 1.7 مليار شخص حول العالم لا يملكون حسابات بنكية  وفقاً لتقديرات البنك الدولي - ما يعني مساعدة هؤلاء الأشخاص.

وفي عام 2017، قام مليونير مجهول الهوية تحت اسم مستعار "باين" بالتبرع بما قيمته 5 ملايين دولار من البيتكوين إلى منظمة "جيف ديركتلي" المشرفة على أكبر تجربة دخل أساسية في العالم في القرى الكينية.

ومنحت تلك الأمول مباشرة إلى الأشخاص الذين يعيشون في فقر ويواجهون نقصاً في الغذاء ورسوم المدارس وإصلاح المنازل.

مباشر (اقتصاد)