شبكة عيون الإخبارية

أخميم «مانشستر ».. فى رثاء مهنة تنقرض

«عبدالظاهر»: شغلانة النسيج ماتأكّلش عيش.. و«مينا»: عايزين الدولة تسوّق لنا

كتب : سماح عبدالعاطى ومحمود عبدالرحمن وأحمد منعم تصوير : عدنان عماد منذ 13 دقيقة

فى صف واحد تتراص الأنوال جنباً إلى جنب، تنساب الخيوط فى تناسق مذهل، فيما يجلس عامل خلف كل نول منها، يرفع العامل يده ويلتقط حبلاً مدلى من أعلى موصول بمواكيك لا تكف عن الحركة، تتداخل فى النول تبعاً لألوانها المختلفة، وتبعاً لقطعة النسيج التى ينسجها العامل، يمد يده فيساوى الخيوط، ويجتهد فى «لضم» فتلة هربت من أسر النول، يطوى ما أنهى نسجه للتو ليفسح مجالاً لقطعة نسيج جديدة. ربما لا يدرك عامل النول أنه بما يبذله من مجهود لا يتكسب رزقه بقدر ما يحافظ على مهنة النسيج من الاندثار، تلك المهنة التى برع فيها أهالى «مانشستر ما قبل التاريخ»، الشهيرة بمدينة أخميم. وأخميم المدينة، التى تقع على بعد ما يقرب من 10 كيلومترات من مدينة سوهاج، تشتهر منذ مئات السنين بحرفة النسيج اليدوى، ولذلك السبب أطلقوا عليها «مانشستر ما قبل التاريخ»، نسبة إلى المدينة البريطانية التى تفجرت منها الثورة الصناعية نهايات القرن الثامن عشر. على أن مدينة أخميم التى سبقت مانشستر فى الصناعة بآلاف الأعوام، جاء عليها الزمن لتفقد سمعتها التاريخية فى صناعة النسيج اليدوى، خاصة بعد أن أغلقت أعداداً كبيرة من ورش النسيج أبوابها، وغيّر عدد كبير من عمالها حرفتهم، وأصبحت المهنة وأصحابها قاب قوسين أو أدنى من الاندثار. «أنا اتولدت لقيت بيتنا فيه نول وأبويا وجدى شغالين عليه» يتحدث حمدى عبدالظاهر (65 سنة) عن تاريخ احترافه لمهنة النسيج، فيقول إن كل منزل فى أخميم كان بداخله ورشة لصناعة النسيج، وكان المنزل كله يحترف العمل فى النسيج، ولكل واحد منهم مهمة بإنجازها تكتمل قطعة النسيج، وكان نسيج أخميم وقتها معروفاً فى كل الدنيا، إذ كان الجميع يطلبونه، ويدفعون فيه أغلى الأسعار. ورغم أن عبدالظاهر يحترف صناعة النسيج منذ صغره، إلا أنه رفض تماماً أن يعلمها لولديه الاثنين، فهى على حد تعبيره «شغلانة كلها شقى»، و«ما تنفعش دلوقت مع الشباب»، حيث إن «الواحد منهم عايز يتجوز ويفتح بيت، والشغلانة دى ما تفتحش بيوت». يشرح أكثر «أنا باشتغل طول اليوم عشان أخرّج ملاية واحدة آخد عليها 15 جنيه، وأهو الواحد بيقول أحسن من القعدة». يرى عبدالظاهر أن مشكلة المهنة حالياً تنحصر فى التسويق ولا شىء غيره، يقول إن البائعين قديماً كانوا يحملون قطع النسيج على ظهورهم ويطوفون بها فى القرى والمدن، ينادون على «ملايات أخميم»، الآن ارتفاع النسيج اليدوى مقارنة بالآلى جعل الناس تحجم عن شراء اليدوى نظراً لارتفاع سعره، ولكن فى نفس الوقت فإن نسيج أخميم «له زبونه»، الذى عادة ما يكون خارج ، ولذلك أصبح التسويق الذى يعتمد كلياً على المعارض والأسواق الخارجية فى حاجة لمن يحسن ذلك، أو فى عبارة واحدة «المعلم». مينا أنور (23 سنة) ابن صاحب الورشة وأحد الذين يعملون فيها، يقول إن وظيفة المعلم هى توفير الخيوط التى تأتى من شبرا الخيمة أو المحلة الكبرى، كما أنه يختار الرسومات والتصميمات التى يشكلها العمال على المنسوجات، وفى النهاية فهو الذى يقوم بتسويق الإنتاج خارجياً، مع الأخذ فى الاعتبار أن التسويق متوقف منذ ثورة يناير، أى منذ عامين كنا يقول مينا، ولولا أن والده يملك سيولة، لكان أغلق الورشة ضمن من أغلقوا، لكنه يحتفظ بالإنتاج على أمل أن يأتى يوم وينصلح الحال. «زمان كان كل بيت فيه نول، دلوقت كله قفل»، يحكى مينا عن أخميم التى يقول إنه سمع عنها من والده، «دلوقت كل اللى شغالين فى أخميم ما يطلعوش 5، والعمال اللى سابوا المهنة بقوا يشتغلوا فى النجارة عشان كانت ماشية لفترة»، يضم مينا صوته لعبدالظاهر «مش عايزين حاجة من إلا إنها تعمل لنا معارض برة، وتساعدنا على التسويق عشان نستمر فى الشغلانة، وعشان لو فيه ورش تانية تتشجع وتفتح».

DMC

أخبار متعلقة :