شبكة عيون الإخبارية

قرار العرب ضد تركيا... هل يكون حاسما هذه المرة

© REUTERS / MURAT KULA/PRESIDENTIAL PRESS OF

ففي حين يرى مراقبون أن العرب يمتلكون الكثير من الأدوات التي يمكنها التأثير على أنقرة وبشكل خاص فيما يتعلق بالاقتصاد، يرى آخرون أن الالتزام العربي بالقرارات الصادرة عن منظمتهم في أغلب الأوقات مفقود... والسؤال المطروح هل يصبح القرار العربي الأخير مجرد حبر على ورق نظرا لأنه أهمل القرار الأهم وهو إعادة سوريا لمقعدها بالجامعة؟

القرار الوحيد

قال الدكتور سمير غطاس الخبير الاستراتيجي المصري لـ"سبوتنيك"، "إن القرار الذي صدر عن الاجتماع الطاريء لوزراء الخارجية العرب، يحمل بعض التناقضات، أليس العرب هم من تآمروا على سوريا ومولوا الجماعات الإرهابية فيها، وهم من استثمروا أغلب أموالهم في تركيا، واليوم انقلبوا عليها ويساندون الموقف السوري ضد العملية العسكرية التركية.

وأضاف غطاس، أن "البيان الأهم من كل ذلك هو الإعلان في قرار جماعي عن عودة سوريا لجامعة الدول العربية كإحدى الدول المؤسسة وهذا هو الرد العملي والإجراء الوحيد الذي يملكه العرب في هذه المرحلة، لأنهم لا يستطيعوا مقاومتهم عسكريا ولا إرسال قوات ولا حتى سحب أموالهم واستثماراتهم في تركيا حيث تستثمر بمفردها أكثر من 134 ملياردولار".

آليات تنفيذ

وحول الخسائر الاقتصادية التركية نتيجة القرار قال الدكتور عبد الرحمن الطريفي، الخبير الاقتصادي الإماراتي لـ"سبوتنيك"، "الاقتصاد التركي يمر بأزمة حادة لأنه دخل في مرحلة الركود والانخفاض الحاد في الليرة التركية، وأن الإجراءات التي تم تنفيذها على الاقتصاد التركي هي من الولايات المتحدة الأمريكية فقط، الدول العربية اتخذت تلك القرارات الاقتصادية ولكن بكل أسف ليس لديها أي من آليات تنفيذ مثل هذه القرارات".

وأضاف الخبير الاقتصادي، "كما نعلم أن تركيا تصدر إلى معظم الدول العربية وما يؤثر عليها هو الاستثمارات السعودية والإماراتية بشكل كبير أكثر من أي دول أخرى، ورغم تأثير سحب تلك الاستثمارات لو تم ذلك، إلا أن هناك استثمارات قطرية تتدخل في مثل هذه التوقيتات والتي قامت في السابق بإيداع 15 مليار دولار في البنك المركزي التركي دعما لـ"الليرة".

وأشار الطريفي، إلى أن "هناك قروضا أوربية كبيرة داخل الاقتصاد التركي وبفوائد عالية والتي تقدر بحوالي 137 مليار دولار، أضف إلى ذلك أن تركيا مطالبة بدفع 20 مليار دولار في نهاية العام الجاري  وهو ما قد يؤثر على الليرة".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن "اقتصاديات الدول الأعضاء بالجامعة العربية وبكل أسف لا تفعل أي قرارات، لذا فإني أرى أن القرارات التي تصدر عن الجامعة هي قرارات أحادية لا أكثر ولا أقل، والاقتصاد التركي لن يتأثر سوى بثلاث دول همي "السعودية والإمارات وقطر".

أوضاع متردية

وقال السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لـ"سبوتنيك"، "القرار الذي صدر عن الاجتماع الطارىء لوزراء الخارجية العرب هو أحد علامات التردي، فكيف يمكن الحديث عن سوريا بعد سنوات من المساهمة من جانب بعض الدول العربية في تدميرها وتم طردها من الجامعة العربية بناء على رغبة بعض الدول الأعضاء".

وأضاف مساعد وزير الخارجية، أن "القرار سياسي ضد تركيا ولكن عن طريق سوريا، وما جاء بالقرار الصادر عن وزراء الخارجية هو عملية تنفيس داخلي والجامعة العربية انتهت منذ سنوات طويلة".

عناصر مؤثرة

أما الأكاديمي المصري المتخصص في العلوم السياسية عمار علي حسن فقد علق لـ"سبوتنيك"على القرار الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارىء والخاص بالعملية التركية شرق الفرات في سوريا بقوله، "حجم التبادل التجاري بين تركيا والعالم العربي كبير وهناك استثمارات عربية في تركيا واستثمارات تركية في العالم العربي، بالإضافة إلى السياحة ومن ثم فإن المسألة الاقتصادية بمكن أن تؤثر بشكل كبير على تركيا".

وأضاف الأكاديمي المصري، "داخل تركيا نفسها هناك خلاف شديد بين أحزاب المعارضة العلمانية وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم حول التكلفة الاقتصادية لعداء تركيا للعرب والتدخل في شؤونهم الداخلية وخسارة الدول الكبرى العربية ذات الأسواق المفتوحة، لذا فإن الدول العربية قادرة على معاقبة أنقرة اقتصاديا شرط الالتزام".

وفيما يتعلق بالشق السياسي قال حسن، "إن الأمر ممكن عن طريق العضو العربي في مجلس الأمن وهي الكويت بأن يتم طرح المسألة على طاولة النقاش الدولي، ورغم هشاشة قرارات الجامعة العربية إلا أنها كانت محطة لمرور قرارات دولية فارقة مثل القرارات المتعلقة بغزو العراق للكويت عام 1990 حيث تم تمرير قرار تحرير الكويت من خلال الجامعة العربية أولا، وكذلك التدخل الدولي في ليبيا مر من خلال الجامعة أيضا".

وأشار الأكاديمي المصري إلى أن "الفعالية السياسية للموقف العربي تتوقف على ما إذا كانت القوى الكبرى في العالم لديها رغبة فعلية في تحجيم هذا الاجتياح التركي ومنعه أو وقفه وإعادته من حيث أتي، وهنا يصبح للمسألة السياسية معنى ومغزى".

وفيما يختص بالجانب العسكري قال حسن، "بكل تأكيد أن الدول العربية لن تحشد جيوشها وتذهب إلى سوريا لمواجهة الجيش التركي، لكنها تستطيع دعم الجيش العربي السوري والذي تقدم الآن إلى الحدود من خلال المال أو السلاح، كما أن بعض الدول العربية التي ما زال لديها يد في الداخل السوري تستطيع تحريك بعض المجموعات لتوثر في الوضع العسكري وتدعم القرار العربي الأخير".

رفض وإدانة

وكان وزراء الخارجية العرب قد أكدوا في اجتماعهم الطارىء السبت الماضي على رفضهم القاطع لأي محاولة تركية لفرض تغييرات ديموغرافية في سوريا عن طريق استخدام القوة في إطار ما يسمى بـ"المنطقة العازلة "، باعتبار أن ذلك يمثل خرقا للقانون الدولي يتعين على المجتمع الدولي مواجهته لأنه يشكل تهديداً خطيراً لوحدة سوريا واستقلال أراضيها وتماسك نسيجها الاجتماعي، والتأكيد على ضرورة احترام القانون الدولي.

وأدان وزراء الخارجية العرب ما وصفوه بالعدوان التركي على الأراضي السورية باعتباره خرقاً واضحاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا، وخاصة القرار رقم 2254، واعتبروه تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين، مؤكدين على أن كل جهد سوري للتصدي لهذاالعدوان والدفاع عن الأراضي السورية هو تطبيق للحق الأصيل لمبدأ الدفاع الشرعي عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وقرر وزراء الخارجية العرب، النظر في اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية واستثمارية وثقافية وسياحية وفيما يتعلق بالتعاون العسكري، لمواجهة العدوان التركي.

وكلف الوزراء، المجموعة العربية في نيويورك يبحث سبل التصدي للعدوان التركي داخل مختلف أجهزة الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، ورفع توصياتها لمجلس جامعة الدول العربية في هذا الشأن في أسرع وقت ممكن.

وقرر الوزراء، تشكيل لجنة عربية لمتابعةالتدخلات التركية في الدول العربية ورفع توصياتها لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

وطلب وزراء الخارجية العرب من الأمين العام للجامعة العربية متابعة تنفيذ القرار وتقديم تقرير إلى المجلس في دورته العادية المقبلة بالتنسيق مع الدول الأعضاء.

SputnikNews