كوشنر، أسدل الستار على الشق الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية، المعروفة باسم "صفقة القرن"، في حين لم تتوقف التظاهرات الفلسطينية الرافضة لأعمال الورشة، رافعين شعار: "الأرض مش للبيع".
وعرض كوشنر فيديو دعائيًا خلال ورشة البحرين لقطاع غزة، يظهر تحويل غزة إلى ما أشبه بـ"مدينة أحلام"، وزعمت بعض التقارير أن الخريطة التي عرضها كوشنر تتضمن أجزاءً من سيناء المصرية.
وسبق وأن قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن "مصر لن تتنازل عن حبة وذرة رمل من أراضي سيناء التي استشهد من أجلها العديد من المواطنين المصريين الشرفاء دفاعا عنها وسعيا لاسترجاعها، فليس هناك أي شيء يستطيع أن ينتقص من السيادة المصرية على سيناء".
© REUTERS / HANDOUT
وافتتح كبير مستشاري البيت الأبيض، جاريد كوشنر، كلمته في "ورشة البحرين" بالقول: "نريد أن نرى السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأضاف أن "تحقيق النمو الاقتصادي للفلسطينيين مستحيل من دون حل سياسي عادل للنزاع مع إسرائيل يضمن أمنها".
وأشار إلى أن "اتفاقا على خطة اقتصادية للمضي قدما إلى الأمام يعتبر من الظروف الضرورية لتحقيق السلام".
وكشف كوشنر عن بعض تفاصيل الخطة الأمريكية للتنمية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي تقدر قيمتها بـ 50 مليار دولار، مشيرا إلى أن هناك إمكانية لمضاعفة الناتج المحلي للفلسطينيين وتوفير فرص عمل جديدة بفضل هذه الخطة.
وأشار مستشار ترامب إلى أن هناك حاجة للاستثمار، وقال: "نريد تحقيق التغيير لكي تصبح هذه المنطقة قابلة للاستثمار"، داعيا إلى ترك "خلافات الماضي" جنبا والتركيز على التنمية.
وأضاف كوشنر قائلا إن "ورشة البحرين لن تتطرق للقضايا السياسية، مشيرا إلى أن الكشف عن الشق السياسي من خطة السلام سيتم في الوقت المناسب".
وطالب كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحضور بالبدء بالتفكير بالعقبات التي تواجه حل الصراع بطريقة جديدة، ورؤية القضية بـ"عدسة مختلفة".
© AP Photo / Pablo Martinez Monsivais
القيادي في حركة حماس، مصطفى الزهار، قال إن "لدينا 4 ثوابت لا تتغير بتغير الزمان؛ الإنسان، الأرض، العقيدة، والمقدسات بما تتضمنه من مساجد وكنائس تاريخية، ولا يمكن لخطة كوشنر التي عرضها في ورشة المنامة أن تحافظ على كل الشعب، وكل الأرض والمقدسات".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "خطة كوشنر مهما زينها وجملها بالكلام، ليست لها قيمة على أرض الواقع، نحن لا نقبل إلا بكل الأرض وكل العقيدة وكل المقدسات".
وتابع: "أما فيما يتعلق بأي أرض أخرى، مثل مصر أو الأردن أو لبنان، أو غيرها فهذا قرار عربي لا يمكن لكوشنر أن يتدخل فيه، لا تملى علينا هذه القرارات، البديلة عن أرضنا ومقدساتنا وشعبنا".
وأشار القيادي في حركة حماس، إلى أن "ورشة المنامة في حقيقتها رشوة، تحاول أمريكا عرضها في السوق السياسي، ليروا ردود الأفعال"، مضيفًا: "موقفنا ثابت ورافض لما يحدث، لن نتنازل عن حقنا التاريخي في أرضنا ما قبل عام 1948".
© AP Photo / Susan Walsh
بدوره، قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية ومستشار العلاقات الدولية، إن "الكلمة التي ألقاها كوشنر والفيديو الذي عرضه خلال كلمته في افتتاح أعمال ورشة المنامة أمس لم يأت بجديد".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن " كوشنر عليه أن يعود بالتاريخ للخلف، عندما طرح أسلافه خطة التوطين في سيناء عام 1953 — 1955م، وخرج الفلسطينيون حينها إلى شوارع فلسطين، وأعلنوا رفضهم لتلك المؤامرة، وهذه الخطة عرضتها الإدارات الأمريكية المتتابعة مرات عديدة في السابق ورفضها شعبًا جملة وتفصيلًا".
وتابع أن "إدعاء كوشنر بأن مشروعه فرصة القرن للشعب الفلسطيني مرفوض"، متسائلًا: "أي فرصة هذه التي تنتزع الحقوق التاريخية والدينية، والسياسية والاقتصادية في الأرض والمقدسات مقابل ثمن".
ويرى الدكتور شعث أن "الفرصة الحقيقية لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة هي دحر الاحتلال عن أرضنا وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين، ودون ذلك لن يكون هناك أي استقرار أو سلام في المنطقة".
ومضى قائلًا: " لانريد سوى الحل بالقانون الدولي نفسه الذي فرضته علينا الأمم المتحدة".
وأنهى السياسي الفلسطيني حديثه قائلًا: "جميع الحاضرين في ورشة المنامة، أفراد أو تجار فلسطينيين، غير مخولين بالحديث باسم الشعب الفلسطيني، فهم لا يمثلون إلا أنفسهم".
© AP Photo / Susan Walsh
ولليوم الثالث على التوالي، تواصلت الفعاليات الغاضبة في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد "ورشة البحرين" الاقتصادية، واندلعت العديد من المواجهات الشعبية عند نقاط التماس والاحتكاك، فيما نظمت مسيرة جماهيرية حاشدة في مدينة غزة.
وانطلقت مسيرة جماهيرية حاشدة من مدينة غزة، رفع خلالها المشاركون الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء، وعلت فيها الهتافات المنددة بـ "ورشة البحرين"، التي تشارك فيها أطراف عربية.
وفي رسالة موجهة للمجتمع الدولي، انطلقت المسيرة الجماهيرية الحاشدة، بمشاركة الفصائل وممثلي عن قوى المجتمع المدني والفعاليات الشعبية، من مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" إلى مقر الأمم المتحدة غرب مدينة غزة.
وعمل القائمون على المسيرة على إيصال رسائل مباشرة للمجتمع الدولي، تؤكد رفض مخططات الإدارة الأمريكية الرامية لشطب ملف اللاجئين من على طاولة التفاوض، وكذلك التمسك بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
ورفع المشاركون في المسيرة الحاشدة لافتات تندد بـ "ورشة البحرين" و "صفقة القرن" كونهما تهدفان إلى تصفية القضية الفلسطينية، وكتب على أحد اللافتات "لا لصفقة القرن.. يسقط مؤتمر البحرين" و"معا لإسقاط صفقة ترامب" و"فلسطين لا تباع ولا تشترى".
وتخلل المسيرة إحراق دميتين واحدة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وأخرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كذلك انطلقت مسيرة شعبية حاشدة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، في ذات التوقيت، في إطار الغضب الشعبي ورفض مخرجات "ورشة البحرين".
وكانت الفصائل الفلسطينية وقوى المجتمع المدني نظمت مساء الثلاثاء، وفي نفس توقيت انطلاق ورشة البحرين مؤتمرا وطنيا في مدينة غزة، رفضا لذلك المؤتمر، وتخلل المؤتمر كلمات عدة لقادة الفصائل الفلسطينية، جرى خلالها التأكيد على خطورة الورشة.
Alsouria
ويهدف المؤتمر، الذي يعقد على مدار يومين، إلى جمع حوالي 50 مليار دولار أمريكي، خلال 10 سنوات، لدعم الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني، في أكثر من مناسبة، معارضته لهذا المؤتمر، الذي يعتبر جزءا من خطة صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر، ومساعد الرئيس، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات.
ويعتبر الجانب الأمريكي أنه، من خلال جمع الأموال في المؤتمر، يمكن توفير مليون فرصة عمل للفلسطينيين، وإنشاء ممر نقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين من قبل إسرائيل، منذ العام 1967.
وافتتحت ورشة المنامة أعمالها مساء الثلاثاء في فندق فخم في عاصمة المملكة الخليجية الصغيرة، على أن تستمر حتى اليوم الأربعاء.
وستكون هذه المرة الأولى التي يعرض فيها جزء من الخطة بشكل علني، علما أن الشق السياسي منها لن يكشف عنه قبل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ومن بوابة الاقتصاد، تجمع الإدارة الأمريكية مسؤولين من دول خليجية وعربية مع مسؤولين غربيين وممثلين لإسرائيل التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع البحرين.
ويشارك في المؤتمر وزراء ومسؤولون ماليون من دول خليجية، بالإضافة إلى وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.