مع كل ساعة من ساعات الصباح والمساء، وطوال ٢٤ ساعة، تعاني الطرق شمال منطقة الرياض، ويظهر ذلك ابتداء من محافظة شقراء، وفي جميع الاتجاهات؛ إذ تعاني الطرق التلف والعبث والدمار المتواصل على مساحات شاسعة، وفي شتى الاتجاهات، حتى أضحت تلك الطرق تصارع من أجل البقاء، وتعاني هبوطات بمسافات طويلة، تسببت في تلف المركبات.
وتفصيلاً، يقف وراء هذا الإتلاف للطرق جشع شاحنات شركات نقل الرمال من نفود شقراء الشرقي؛ إذ تقوم تلك الشاحنات بتحميل تلك الشاحنات بأطنان من الرمال في أوزان مخالفة؛ فيتفتت الأسفلت بعجلات تلك الشاحنات دون خوف من رادع أو زاجر، رغم جهود وزارة النقل وإدارة المرور اللتين لم تُجدِ جهودهما في ردع ذلك العبث وذلك الدمار بسبب عدم إلزام المستثمرين في تجمعات الاستثمار في رمال النفود بالحمولات النظامية المسموح بها من جهات الاختصاص.
وبالرغم من الاهتمام المتواصل من الدولة بالطرق، والجهود الجبارة المبذولة، والمبالغ الكبيرة المنفقة، يهدر ذلك في لمحة بصر بسبب جشع وطمع أصحاب "شركات شاحنات نقل الرمال"، التي تقوم بتحميل مركباتها بأطنان كبيرة وحمولات زائدة، تسببت في الدمار للطرق. ففي محافظة شقراء يقوم أصحاب الشاحنات بنقل الرمل من المكان المحدد للمستثمر في النفود الشرقي، والقريب جدًّا من المحافظة، ومن باب الطمع والجشع والاستهتار تُملأ تلك الشاحنات بكميات كبيرة من الرمال، تتجاوز الحمولة المسموح بها بشكل مضاعف، ثم تُرش بالماء؛ لكي تُزاد تلك الكميات على الأحمال المسموح بها نظامًا؛ وهو ما ينتح منه تضاعُف الحمولة بسبب كميات الرمال ورش الرمال بالماء.
وتقوم تلك الشاحنات التي لا تكاد تتحرك عجلاتها بسبب تلك الأحمال الزائدة بالتحرك في جميع الاتجاهات (جنوبًا وشرقًا للرياض، وشمالاً للمجمعة وسدير، وغربًا للدوادمي والسر)؛ فتُفتت الأسفلت بعجلاتها، وتُسبِّب دمارًا للشوارع، وتلفيات كبيرة في الطرق مُهدِرة بذلك مقدرات الوطن التي أُنفقت على تلك الطرق.
هذا الإهمال وهذا الاستهتار وعدم المبالاة بالطرق تسببت كذلك في إتلاف مركبات عدد كبير من سالكي تلك الطرق؛ والسبب إشباع جشع أصحاب شركات نقل الرمال فقط لا غير. كما تسبب ذلك في تلف بعض الشاحنات نفسها، وتعطُّلها على الطريق لعدم قدرتها على السير بتلك الكميات الهائلة مُسبِّبة مخاطر لسالكي الطريق، وتعطيل السير في كثير من الأحيان.
واللافت للنظر أن تلك الشاحنات بعدما أتلفت الجانب الأيسر من تلك الطرق تقوم بالسير على الجانب الأيمن للطريق الممنوع عليها السير فيه؛ وذلك لتتلافى الهبوطات والتلف والدمار الذي أحدثته في المسار الأيسر للطريق في تحدٍّ صارخ للأنظمة، واستهتار بالأرواح والممتلكات.
نقاط وزن وتفتيش
حاولت وزارة النقل وإدارة المرور والدوريات الأمنية والجهات ذات العلاقة الحد من ضرر تلك الشاحنات على الطرق من خلال وضع نقاط لفحص حمولة تلك الشاحنات، وإيقاع الغرامات عليها؛ فأقامت نقاط الفحص والتفتيش، وضبطت مخالفات عدة لتلك الشاحنات في أماكن متفرقة.
ورافقت "سبق" تلك الحملات، ووثَّقتها، وبيَّنت في إحدى الحملات أن ثلثَي الشاحنات العابرة مخالفة للحمولات المسموح بها، كما تبيَّن وجود مخالفات عدة على تلك الشاحنات، أهمها: الأوزان الزائدة بشكل كبير، عدم وجود فحص وعدم وجود تأمين.
ومع ما تبذله وزارة النقل وإدارة المرور والدوريات الأمنية والجهات المساندة من جهود إلا أنها لم تستطع القضاء على جشع تلك الشاحنات؛ فاليد الواحدة لا يمكن أن تصفق؛ إذ إن أصحاب تلك الشاحنات يتواصلون فيما بينهم، وإذا تم وضع نقطة تفتيش لـ(الوزن المتنقل) توقفت تلك الشاحنات عن السير حتى ينتهي عمل نقطة التفتيش، أو تقوم تلك الشاحنات بتغيير طريقها من خلال السير على طريق آخر، فإذا وضعت نقطة التفتيش في (طريق شقراء- القصب - الرياض) سلكت تلك الشاحنات (طريق شقراء- المسمى الزراعي- ثرمداء الزراعي- القصب- الرياض).. وهكذا، إذا تمت مراقبة تلك الشاحنات في (طريق شقراء- أشيقر- المجمعة) سلكت تلك الشاحنات (طريق شقراء- الحمادة- المجمعة)!
"سبق" تطرح الحلول
وطرحت "سبق" بدورها على وزارة الصناعة والثروة المعدنية؛ كونها الجهة المشرفة على الاستثمار من الرمال، والمُنظِّمة لعمل المستثمرين، حلولاً قدَّمها عدد من المهتمين بالحفاظ على مقدرات الوطن؛ لعل الوزارة تساهم في منع وإيقاف إتلاف تلك الطرق. وكانت الحلول على النحو الآتي:
أولاً: تحديد المكان المناسب للمستثمرين في نقل الرمال، ويكون بعيدًا عن المدن والمحافظات.
ثانيًا: التوسع في منح أماكن جديدة للاستثمار منها في كل منطقة، بل في كل محافظة، وإلزام الشاحنات بعدم نقل الرمال من محافظة إلى أخرى، والاقتصار على نقل الرمال داخل المحافظة فقط (يمكن استثناء المحافظات التي لا يوجد فيها رمال على أن يكون من أقرب محافظة يوجد فيها رمال).
وهذا الإجراء ضروري للحفاظ على الطرق؛ فالشاحنات التي تنقل الرمال من مقر الاستثمار (نقطة التعدين) بشقراء لمدينة الرياض تتجاوز نسبتها ٩٥% بالنسبة للشاحنات التي تنقل الرمال داخل المحافظة. وتلك الشاحنات تمرُّ على طرق عدد من المحافظات حتى تصل لمدينة الرياض. ولو تم منح رُخص لنقل الرمال من أقرب رمال لمدينة الرياض (كالمزاحمية ورماح) لتم المحافظة على كثير من الطرق في محافظات شمال منطقة الرياض.
ثالثًا: إلزام المستثمر بوضع ميزان عند بوابة مقر الاستثمار؛ ليكون مسؤولاً عن أي حمولات زائدة.
رابعًا: إلزام الشاحنات التي تنقل الرمال بوثيقة (ورقة موثقة)، يصدرها المستثمر لكل شاحنة تخرج من مقر المستثمر، تُدوَّن فيها المعلومات اللازمة؛ لكي يتم من خلالها محاسبة المستثمر على الحمولات الزائدة، وبغرامات مضاعفة. كما يتم من خلالها محاسبة الشاحنات عن أي مخالفة، من أهمها الخروج عن نطاق منطقة مكان المستثمر.
خامسًا: تحديد الطرق الممنوع مرور الشاحنات عليها، كالطرق الزراعية ونحوها.
سادسًا: في المحافظات التي لا يوجد فيها رمال يمكن أن يُسمح بنقل الرمال لها من أقرب محافظة، على أن يُحدَّد مسار الشاحنات؛ ليمكن مراقبتها، وكذا لا تسلك تلك الشاحنات طرقًا لا تتحمل حمولاتها.
سابعًا: يتم وضع وسيلة اتصال سهلة وميسرة للإبلاغ عن أي مخالفة.
"الثروة": صدر قرار بضوابط التعامل مع الشاحنات وتسجيل الحمولات والأوزان
وقال متحدث وزارة الصناعة والثروة المعدنية جراح الجراح: صدر قرار مجلس الوزراء رقم (113) بتاريخ 14/ 2/ 1443هـ، الذي وجّه الهيئة العامة للنقل باتخاذ ما يلزم حيال إطلاق مبادرات تحفيزية، وتنظيم المركبات التي تزيد أوزانها على (3500) كيلوجرام، ووضع ضوابط وآليات تقنية عدة، والربط الإلكتروني للتعامل مع تلك الشاحنات، وتسجيل الحمولات والأوزان وفقًا لما ورد في القرار آنف الذكر.
وأضاف: أما وزارة الصناعة والثروة المعدنية فإن اختصاصها يكون داخل في الاستغلال من المحاجر والمناجم إلا أنها قد ألزمت المرخَّص لهم بتسجيل وثيقة للناقل لإثبات أن المعادن والخامات قد استُخرجت بطريقة نظامية، ومن جهات مرخصة من الوزارة.
كما أن عددًا من الجهات الحكومية، من بينها وزارة الصناعة والثروة المعدنية، مستمرة في التكامل والتنظيم لحوكمة الأعمال، وتنظيم النقل، كلٌّ فيما يخصه.
400 مجمع تعدين
وتابع متحدث الوزارة قائلاً: الوزارة تعمل على توفير المواد الخام بمختلف مناطق السعودية تسهيلاً للاستثمار، ودعمًا للمشاريع التنموية. وقد خصصت الوزارة أكثر من (400) موقع مجمع تعديني ومنطقة احتياطي تعديني في جميع مناطق السعودية، ونسعى حاليًا للتوسع في اعتماد عدد من المجمعات التعدينية في عدد من المناطق بعد استكمال الموافقات الحكومية بهذا الخصوص.
وأردف: من جانب آخر، فإن الجهات الأمنية والرقابية في وزارة الداخلية وهيئة النقل العام تتلقى البلاغات عن المخالفات عبر قنواتها الرسمية، ويتم إيقاع العقوبات على المخالفين. ويسعدنا في الوزارة التواصل معنا عبر الرقم الموحد (199001)، وكذلك قنوات التواصل الرقمية عبر حسابات الوزارة الرسمية في منصات التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني؛ لتلقي البلاغات عن أي مخالفة تخص أدوار الوزارة بشكل مباشر.