شبكة عيون الإخبارية

د. يحيى الشاذلى: فيروس «سى» آفة .. والوقاية خير من العلاج

الفيروس لا ينتقل بسبب ممارسة العلاقة الزوجية.. ولكن نتيجة لحدوث «جروح».. ولذلك ننصح بعدم العنف

كتب : نورهان السبحى منذ 2 دقيقة

يُعتبر الكبد من أهم أعضاء الجسم، فهو أكبر غدة، كما أنه من ملحقات الجهاز الهضمى وينقل إليه الدم عبر الشريان الكبدى الذى يحمل الدم والأكسجين من الأبهر والوريد البابى وينقل إليه الدم حاملاً الغذاء المهضوم من الأمعاء الدقيقة.

وللكبد مهام عديدة هامة للجسم، فهو يلعب دوراً أساسياً فى الهضم والتمثيل الغذائى، ويقوم بوظائف عدة منفصلة أكثر من أى عضو آخر فى الجسم، فهو يساعد الجسم على هضم الغذاء كما يساعد على تنقية الدم من النفايات والسموم. وبالتالى فأى خلل فى وظائف الكبد يؤثر بالسلب على صحة الإنسان.

ونظراً للأهمية القصوى للكبد كعضو حيوى فى الجسم، ولتوسع انتشار أمراض الكبد مؤخراً فى ، حيث أصبحت أكثر الأمراض انتشاراً فى مصر، وخاصة فيروس «سى»، كان لنا هذا الحوار مع أ. د يحيى الشاذلى، أستاذ ورئيس قسم الجهاز الهضمى والكبد والمناظير بكلية طب جامعة عين شمس وعضو اللجنة القومية للفيروسات الكبدية والرئيس السابق للجمعية المصرية لدراسة أمراض الجهاز الهضمى والكبد والمناظير.

■ ما أكثر أمراض الكبد انتشاراً فى مصر؟

- ما زالت مصر تعانى من انتشار شديد فى أمراض الكبد، فهى تحتل المرتبة الأولى فى البلاد التى تشهد انتشاراً فى أمراض الكبد المعدية، وذلك على عكس أمراض الكبد غير المعدية والتى يقل انتشارها فى مصر مثل تليُّف الكبد الناتج عن الانسداد المرارى، وأمراض مناعة الكبد.

وكان أكثر أمراض الكبد المعدية انتشاراً فى مصر قديماً هو البلهارسيا، أما الآن فالعدو الأكبر هو التهاب الكبد الوبائى الفيروسى «سى»، وهو مرض مُعدٍ يصيب الكبد ويتسبب فى فيروس الكبد.

■ ما أعراض الإصابة بفيروس «سى»؟

- مشكلة هذا النوع أنه لا يظهر على المريض ولا يوجد له أعراض مميزة وواضحة، فارتفاع درجة الحرارة من أهم الأعراض ولكنه بالطبع شىء عادى لا يعنى بالطبع فى كل الأوقات أنه علامة على الإصابة. وفيروس «سى» نادراً ما نراه و90% من الحالات الحادة لا نراها، وهذا من أكبر عيوب المرض.

وبوجه عام فإن الأعراض تتمثل فى القىء، وارتفاع درجة الحرارة، وميل للنزيف الشديد فى الدم من خلال الأنف أو الفم أو حدوث نزيف شديد أثناء الدورة الشهرية للسيدات، وحدوث ألم شديد فى البطن، ويكون لون البول أصفر بشدة.

■ وما توابع الإصابة بالتهاب الكبد الوبائى «سى»؟

- يُعتبر التهاب الكبد الوبائى «سى» من أخطر الأنواع وأشدها فتكاً بالكبد، ففيروس «سى» معدٍ، وهو أحد الفيروسات الكبدية الحادة.

والفيروسات الكبدية الحادة عبارة عن ميكروبات صغيرة تصيب الكبد وتسبب ما يسمى «التهاب كبدى حاد»، حيث لا يستطيع الكبد القيام بوظائفه لمدة قصيرة.

وينتج عن الإصابة مضاعفات عديدة، فالفيروس يتسبب فى حدوث حرارة عالية فى الجسم، والالتهاب يسبب ألماً فى الكبد، وعدم قدرة الكبد على القيام بوظائفه جيداً يؤدى إلى عدم قدرة الكبد على التخلص من المادة الصفراوية فتظل فى الجسم وتظهر عليه، وبما أن الكبد مسئول عن الهضم، فالمريض إذن لا يستطيع الهضم ويوجد لديه ميل للقىء وتكون شهيته ضعيفة.

وتتسبب الإصابة بفيروس «سى» فى حدوث تليُّف فى الكبد ومن ثم إصابة المريض بسرطان الكبد والذى ازداد انتشاره فى الآونة الأخيرة فى مصر بسبب انتشار فيروس «سى».

■ وما نسبة الإصابة بالفيروس فى مصر؟

- نسبة الإصابة بالفيروس فى مصر هى النسبة الأعلى فى العالم، ووصلت فى عام 2012 إلى 20% من المصريين أى أنه إذا كان تعداد السكان الآن فى مصر وصل إلى 90 مليون نسمة فهناك على الأقل 18 مليون مصاب بفيروس «سى».

ويكفى القول بأننا نقوم الآن بعلاج من 20 إلى 30 ألف مريض سنوياً، وهناك 150 ألف حالة جديدة يتم اكتشافها سنوياً أى أن المرض فى انتشار هائل وسريع.

■ ولماذا يزداد انتشار فيروس «سى» بالتحديد فى مصر؟

- المشكلة الأكبر فى فيروس «سى» هى أن العدوى تنتقل من إنسان إلى إنسان، وليس من البعوض مثلاً، حيث يمكن الابتعاد عنه، ومن هنا يتضح الخطر جلياً فى أن الإنسان فى حد ذاته هو العدو الأساسى لفيروس «سى».

ومن المعروف أن أمراض العدوى مثل التهاب الكبد الوبائى الفيروسى تزداد انتشاراً فى الدول الأكثر جهلاً وفقراً والأقل علماً بالمرض، وبالتالى تقل التوعية ويتلاشى عامل الوقاية.

وأمراض الكبد بالتحديد ونوعيتها فى مصر معدية، وكلما تقدم المجتمع بوجه عام انتشرت أمراض الحضارة وليس أمراض التخلف، وهى الأمراض التى تنتقل من إنسان إلى إنسان، وبالتالى إن يكن هذا الإنسان غير متحضر فلن يقى نفسه وغيره من انتقال المرض لأنه غير واع بالمرض وغير حريص على عدم انتقاله.

وهذا يفسر لماذا تنتشر أمراض الكبد المعدية بين الأطفال وذلك لأنهم أقل حرصاً وأقل علماً من الكبار.

■ وهل يعنى هذا أن هذه الأمراض المعدية خطيرة؟

- بالطبع لا، ليس معنى أن هذه الأمراض معدية ويسهل انتقالها، أنها خطيرة، بل على العكس، فالأمراض الأخطر والمؤدية إلى الوفاة هى أمراض التحضر التى تنتج عن التوتر الشديد والعصبية مثل أمراض الشرايين والقلب التى تعانى منها المجتمعات المتحضرة، وعلى سبيل المثال فقد انتشرت أمراض السرطانات بكثرة فى الدول المتحضرة بالتزامن مع الثورة الصناعية، حيث كثر اللجوء إلى الكيماويات والمواد الصناعية غير الطبيعية مما يؤدى إلى تعرض الخلايا الطبيعية إلى مؤثرات خارجية ومن ثم تتحول من خلايا عادية إلى خلايا سرطانية. ولهذا السبب فالسرطانات تنتشر أكثر فى المجتمعات الصناعية عنها فى المجتمعات الزراعية.

■ وكيف يتم انتقال العدوى فى أمراض الكبد المعدية؟

- فيما يتعلق بالتهاب الكبد الوبائى «سى» ثبت علمياً أن الفيروس لا ينتقل إلا عن طريق الدم، فالفيروس لا يدخل جسم الإنسان إلا من خلال الدم ويمكن أن يتم ذلك عن طريق أشياء عدة مثل أدوات الحلاقة حيث يجرح المريض نفسه ومن ثم ينتقل الفيروس لشخص آخر استخدم نفس الأدوات، أدوات «الباديكير» و«المانيكير» الخاصة بالسيدات، حيث تُجرح إحداهن وبالتالى ينتقل الفيروس لسيدة أخرى، فرشة الأسنان التى يستخدمها أكثر من شخص مما ينتج أيضاً عن انتقال الفيروس فى حال وجود دم فى الأسنان، القصّافة التى يستخدمها أكثر من شخص ويجرح المريض وينزل منه دم ومن ثم ينتقل الفيروس، والمشط والفلاية وأى أداة يمكن أن تسبب جرحاً ما وينزل من المريض دم وبالتالى ينتقل إلى شخص آخر .

■ وماذا عن الاتصال الجنسى، هل يمكن أن ينتقل فيروس «سى» أثناء العلاقة الجنسية؟

- بادئ ذى بدء، لا يُعد التهاب الكبد الوبائى «سى» مرضاً جنسياً، أى أن العدوى لا تنتقل أثناء ممارسة العلاقة الجنسية، فالعدوى لا تنتقل عن طريق الإفرازات المهبلية ولا عن طريق السائل المنوى.

ولكن بما أن الفيروس ينتقل عن طريق الدم فبالتالى أى ممارسة جنسية ينتج عنها وجود جرح ما ونزول دم فإن الفيروس إذن ينتقل من أحد الطرفين، ولهذا يُنصح بعدم استخدام العنف فى الممارسات الجنسية فى حال إذا كان أحد الطرفين مصاباً بفيروس «سى» وذلك حتى لا تحدث جروح.

■ وما نسبة انتقال عدوى فيروس «سى» الناتجة عن الاتصال الجنسى؟

- نسبة الإصابة لا تتعدى الـ3% وذلك نظراً لقلة الجروح ونزول الدم فى العلاقة الجنسية.

■ وماذا عن علاج فيروس «سى»؟

- فيروس «سى» من الفيروسات التى تعالج فلا داعى للذعر، والعلاج يتم عن طريق علاج ثنائى من خلال حقن معينة وأدوية، وقد ظهرت أدوية حديثة للعلاج ولكنها ما زالت تحت البحث وهى فعالة جداً.

■ وماذا عن عملية زرع الكبد؟

- زرع الكبد يتم فى حالتين: الأولى هى الإصابة بالفشل الكبدى أى أن الكبد أصبح لا يعمل على الإطلاق ولا يستطيع بتاتاً القيام بوظائفه، والحالة الأخرى هى إصابة الكبد بالسرطان.

وفى الحالتين يجب زراعة الكبد حتى لا يتوفى المريض، وهى عملية أصبحت تجرى فى مصر كثيراً، ونسب نجاحها عالية جداً.

■ ما طرق الوقاية من الإصابة بالتهاب الكبد الوبائى «سى»؟

- يقع عامل الوقاية على كل من الفرد والطبيب والمجتمع ككل، فعلى المستوى الشخصى يجب أن يكون الإنسان حريصاً جداً وأن يحافظ على نظافته الشخصية، كما يجب أن يستخدم أدوات الحلاقة الخاصة به وأدوات الأظافر وفرش الأسنان والفوط والمشط والقصافة وما إلى ذلك، أى يجب أن يكون لكل فرد من أفراد الأسرة أدواته الشخصية منعاً لانتقال العدوى فى حال إصابة أحد الأفراد دون علمه.

أما على مستوى الأطباء فيجب أن يحرص الأطباء على تعقيم أدواتهم وأن يتم الأخذ بمفهوم الأدوات «النافية» أى التى تستخدم مرة واحدة ثم ترمى فى المخلفات، وعلى أطباء الأسنان أن يقوموا بتغيير أدواتهم عند علاج كل مريض، كما على أطباء أمراض القلب أن يقوموا بنفس الشىء عند إجراء القسطرة القلبية، هذا بالإضافة إلى الحقن التى تُستخدم أحياناً فى المستوصفات والمستشفيات الفقيرة لأكثر من مريض وذلك خطير جداً.

كما يجب توخى الحذر فى عملية نقل الدم، أى يجب التأكد أولاً من سلامة الدم وعدم تلوثه بالفيروسات قبل نقله، أما عن المجتمع فـ«الحلاقين» يجب أن يقوموا بتعقيم أدواتهم منعاً لانتقال العدوى.

ولزيادة التوعية وخاصة فى الأرياف والقرى فيُنصح بالاستعانة بالزائرات الصحيات واللاتى يقمن بزيارة الأسر الفقيرة فى القرى والقيام بتوعية السيدات بخطورة أمراض الكبد وسهولة انتقالها. فالتهاب الكبد الوبائى «سى» أصبح الآن آفة مصر التى يجب أن نحاربها جميعاً.

DMC

أخبار متعلقة :