شبكة عيون الإخبارية

اضطراب الهلع بين الطبيب النفسى وطبيب القلب!

القياسات الفسيولوجية ومعمل النوم بمركز الطب النفسى فى جامعة عين شمس

كتب : أ. د طارق أسعد منذ 36 دقيقة

بقلم أ. د طارق أسعد، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية ومدير وحدة

يعتبر اضطراب الهلع من الاضطرابات النفسية الشائعة حيث يصيب من 2-4% من مجموع الناس، ويكثر فى النساء عن الرجال، وتتلخص أعراضه فى حدوث نوبات متكررة من القلق الحاد وشعور بالخوف الشديد من موت وشيك أو فقدان للعقل والتحكم يصاحبها أعراض جسمانية مختلفة مثل الخفقان (سرعة ضربات القلب)، صعوبة التنفس، ارتعاش الأطراف، العرق، الاختناق، ألم وعدم راحة بالصدر، تنميل بالأطراف، عدم الاتزان، إحساس بالاستغراب، وغيرها من الأعراض التى تجعل المريض ومن حوله يعتقدون أن المشكلة ربما تكون بالقلب، ولذلك يسارعون إلى أقرب مستشفى أو قسم طوارئ، وتكون دهشتهم كبيرة عندما يخبرهم الطبيب بعد إجراء الفحوص المختلفة أنه لا يوجد أى مرض عضوى وينصحهم بالذهاب إلى «طبيب نفسى»! وكثيرا ما يتشكك المريض أو أهله فيذهبون إلى طبيب قلب آخر وربما ثالث ورابع قبل أن يقتنعوا بضرورة الذهاب إلى العيادة النفسية حيث يتعجب المريض متسائلا «أنا أعانى من ألم بالصدر وصعوبة بالتنفس، ما دخل هذا بالنفسية؟ هل أنا مجنون أو أتوهم؟».

مع تكرار نوبات الهلع يسيطر على المريض خوف دائم من أن تحدث له هذه الأعراض ولا يستطيع أحد أن ينقذه فيتولد لديه خوف من الأماكن المزدحمة أو ركوب السيارة والمواصلات وفى الحالات الشديدة قد لا يستطيع المريض أن يخرج من البيت إلا بصحبة شخص يطمئن إليه، وتعرف هذه الحالة بـ«رهاب الساحة» Agoraphobia.

ترجع أسباب هذا الاضطراب إلى عوامل عديدة منها الاستعداد الوراثى ووجود خلل بالموصلات العصبية، خاصة فيما يتعلق بمادة السيروتونين، وأسباب أخرى لها علاقة بالمؤثرات النفسية أثناء الطفولة وطريقة التفكير السلبى وغيرها، وتجدر الإشارة إلى أن نوبات شبيهة بالهلع من الممكن أن تعقب تناول القنب (الحشيش) والكوكايين والكافيين وعقاقير منبهة أخرى، وأيضا قد تصاحب أمراضا عضوية مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية وبعض أورام الغدة الكظرية والربو وغيرها.

تشمل طرق العلاج الدوائى عن طريق مضادات الاكتئاب، خاصة تلك التى تزيد من مادة السيروتونين وهذه لا تبدأ فعلها سريعا بل قد يتأخر ذلك إلى أسبوعين وربما أكثر، وقد يحتاج المريض إلى بعض المهدئات فى الفترة الأولى أو وقت الإحساس ببداية النوبة، ويعتمد العلاج النفسى بصورة كبيرة على العلاج المعرفى السلوكى وفيه يتعلم المريض طرقا للاسترخاء والسيطرة على أعراض القلق، بالإضافة إلى تغيير المعتقدات الخاطئة الخاصة بتفسير الأعراض الجسمانية، فمثلا ليس معنى وجود ضربات سريعة بالقلب أننى أعانى بالضرورة من مرض فى القلب ولكن قد يكون ذلك ناتجا عن توتر الجهاز العصبى اللاإرادى ولا دخل له بوجود أى مشكلة فى عضلة القلب على الإطلاق!

ونظرا لما يخلفه اضطراب الهلع من عواقب نفسية واجتماعية بالغة الضرر ليس فقط بالنسبة للشخص المصاب ولكن قد يمتد أثره إلى كل من حوله، لذا ينصح بالتشخيص والعلاج المبكرين، حيث تزداد فرص التحسن كثيرا كلما بدأ العلاج مبكرا، وهنا تكمن أهمية توعية أطباء القلب والطوارئ بكيفية التشخيص السليم والأهم من ذلك كيفية تفسير الأعراض للمريض بطريقة سهلة ومبسطة لإقناعه وأهله بأهمية الذهاب إلى الطبيب النفسى.

DMC