مباشر- تواجه الحكومة الفرنسية ضغوطاً متزايدة للتوصل إلى اتفاق صعب بشأن ميزانية عام 2026، في ظل توقعات بموافقة البرلمان على تمديد ميزانية العام الحالي كحل مؤقت لتفادي "إغلاق حكومي" على غرار ما يحدث في الولايات المتحدة.
ومن شأن هذا الإجراء الطارئ أن يضمن استمرارية عمل المرافق الحيوية مثل الشرطة والمدارس والمؤسسات المدنية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إلا أن المسؤولين حذروا من أن هذا التشريع ليس سوى "عجلة احتياطية" لا يمكنها حل الأزمات الهيكلية التي تواجهها البلاد في مجالات الدفاع والصناعة، وفق فينانشال تايمز.
ويرى وزير المالية، رولاند ليسكور، أن عدم الاتفاق على ميزانية دائمة سيعطل خططاً حيوية، منها توظيف معلمين جدد وبناء سجون إضافية، فضلاً عن دعم الصناعات في التحول نحو الطاقة النظيفة.
تعثرت المفاوضات البرلمانية الأسبوع الماضي بعد فشل الأحزاب في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن التدابير الضريبية وخفض الإنفاق، مما وضع مقترحات الرئيس إيمانويل ماكرون لزيادة الإنفاق الدفاعي بنحو 6.5 مليار يورو في حالة من الجمود، وهو ما يضعف موقف فرنسا القيادي في المبادرات الأوروبية الكبرى.
يعيش رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو اختباراً حاسماً للحفاظ على منصبه، إذ قد يضطر لتمرير الميزانية دون تصويت برلماني، وهو ما يفتح الباب أمام مذكرات حجب الثقة التي أسقطت سلفيه.
ويتمحور الخلاف الجوهري حول رؤية يسار الوسط الذي يصر على فرض ضرائب أعلى على الأثرياء والشركات الكبرى، وبين يمين الوسط الذي يطالب بخفض الإنفاق العام بشكل حاد. وقد حاول ليكورنو استمالة الاشتراكيين عبر تعليق رفع سن التقاعد، إلا أن مجلس الشيوخ عارض هذه الخطوات، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي.
وتراقب وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرون الدوليون هذا الانسداد السياسي بقلق، خاصة في ظل سعي باريس لخفض العجز العام إلى أقل من 5% من الناتج المحلي العام المقبل، مقارنة بنحو 5.4% في عام 2025.
وحذر البنك المركزي الفرنسي من أن الاكتفاء بتمديد حدود الإنفاق الحالية لن يكون كافياً لكبح جماح العجز، مما قد يعرض فرنسا لضغوط مالية خارجية ويفقدها ثقة الأسواق العالمية إذا استمرت حالة "الفراغ المالي" إلى ما بعد الربع الأول من العام الجديد.
تتجاوز أزمة الميزانية مجرد الأرقام المحاسبية لتصل إلى عمق السيادة الفرنسية وقدرتها على المنافسة الصناعية؛ إذ إن تعليق الإنفاق الدفاعي في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة يبعث برسائل سلبية لحلفاء الناتو.
كما أن عدم القدرة على تمويل مشاريع "إزالة الكربون" الصناعي قد يخرج فرنسا من سباق الاقتصاد الأخضر العالمي. وتبقى الحكومة في سباق مع الزمن حتى يناير المقبل لمحاولة حشد الأصوات اللازمة، في محاولة لإثبات أن الدولة لا تزال قادرة على الحكم رغم الانقسام الحاد في الجمعية الوطنية.
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :