شبكة عيون الإخبارية

حدث الأسبوع.. البنوك المركزية تتقدم مجدداً للدفاع عن الاقتصاد العالمي

من: سالي إسماعيل

مباشر: خفض معدل الفائدة، هي الجملة الأكثر حديثاً داخل أوساط الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي، وسط إشارات تفيد بأن هناك تحركات أخرى قادمة في كافة أنحاء العالم.

ومنذ وقوع الأزمة المالية العالمية قبل ما يزيد عن 10 سنوات مضت، والجميع يلقي مسؤولية معالجة ضعف الوضع الاقتصادي على عاتق البنوك المركزية وحدها رغم أن هناك أطرافاً أخرى يمكنها التدخل وعلى رأسهم صناع السياسات المالية.

وربما يدفع التباطؤ العالمي البنوك المركزية الكبرى إلى خانة الصفر مجدداً والعودة إلى الإجراءات التحفيزية الفضفاضة التي تعزز النمو مثلما حدث بعد الأزمة المالية العالمية.

ويُشكل ضعف النشاط الصناعي صداع في رأس المراقبين كونه يرسل إشارات تدهور الأوضاع الاقتصادية؛ بفعل السينايوهات المتكررة من الإفصاح عن قراءات مخيبة للآمال لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي في مختلف أنحاء العالم شهراً تلو الآخر.

ويشدد صندوق النقد على الحاجة إلى حلول سريعة لمعالجة التطورات السلبية داخل الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية خاصةً في ظل التوترات التجارية التي لاتزال قائمة رغم الهدنة ومخاطر البريكست الصعب إضافة إلى عدم اليقين بشأن السياسات.

ويوضح تحليل لبنك الاستثمار الهولندي "آي.إن.جي" أن خطوات البنوك المركزية حول العالم خلال النصف الثاني من العام الجاري ستكون محسوبة وفقاً لقواعد عدة تتعلق بكل حالة على حدا.

لكن في الوقت نفسه يعتبر دور صناع سياسة آخرون - غير صانعي السياسات النقدية - في مواجهة التباطؤ الاقتصادي القادم نظراُ لأن هذا هو الأهم في الوقت الحالي بدلاً من جولة أخرى من التحفيز لن تؤدي إلا إلى مزيد من المخاطر السياسية، وفقاً لرؤية الاقتصادي محمد العريان.

وتأكيداً على الدور الذي بات ملزماً للبنوك المركزية، تشير دراسة حديثة لشركة "نومورا" اليابانية إلى أن الاقتصاديات الصناعية الكبرى (مجموعة العشرة G10) بحاجة متزايدة لخفض 75 نقطة أساس في معدل الفائدة بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي وتزايد احتمالات الركود.

وفي هذا السياق، فإن حوالي 7 بنوك مركزية حول العالم قامت بخفض معدل الفائدة الرئيسي في غضون آخر 30 يوماً بينما ألمح آخرون لإتباع خطوات مماثلة في المستقبل القريب.

ومع ذلك لا تزال الأنظار تتوجه إلى اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم 31 يوليو/تموز وسط توقعات قوية بالتحرك لخفض الفائدة عند النظر إلى منحنى العائد بين سندات الخزانة طويلة وقصيرة الآجل، وهو ما قد يدفع بقية البنوك المركزية بالأسواق الناشئة لحذو حذوه.

وبحسب أداة الفيدرالي لرصد العقود الآجلة "سي.إم.إيه"، فإن المستثمرين يضعون احتمالية تصل إلى 80 بالمائة لقيام المركزي الأمريكي بخفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ذاك الاجتماع، لكن توقعات خفض الفائدة 50 نقطة أساس باتت أقل من السابق.

ويمكن أن تعيش الولايات المتحدة تحت مظلة الفائدة الصفرية للأبد مع ارتفاع اقتراض الفيدرالية، بحسب منظور الكاتب الاقتصادي نوح سميث.

وفي الوقت نفسه ألمح المركزي الأوروبي باجتماعه الأخير إلى أن هناك تحفيزاً نقدياً على الطريق لكنه لم يتخذ خطوات فعلية وسط تأكيدات من قبل رئيس البنك "ماريو دراجي" على ضرورة تدخل صناع السياسة المالية حال تدهور الأوضاع الاقتصادية أكثر.

وخلال الأسبوع المنصرم، قرر صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل في خطوة هي الرابعة من نوعها في غضون تسعة أشهر؛ بفعل انخفاض ملحوظ للتقديرات داخل الأسواق الناشئة وخاصة في البرازيل والمكسيك.

وفي سياق مماثل، قرر "بنك.أوف.أمريكا" خفض تقديراته بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي كذلك عن هذا العام مع الإشارة إلى أن 26 بنكاً مركزياً من البنوك التي يراقبها سوف يتبع سياسة نقدية تيسيرية في 2019 بما في ذلك الفيدرالي.

في حين يرى تقرير لبنك "دويتشه بنك" أن هناك موجة خفض قادمة في معدلات الفائدة بكافة أنحاء العالم مع التحول نحو النهج الحذر من قبل البنوك المركزية الكبرى وهو المسار الذي ستسلكه نظيرتها بالأسواق الناشئة.

لكن التحرك نحو التحفيز النقدي يكون أكبر في الأسواق الناشئة مع انتشار الصدمات التجارية والتحول للنهج الحذر من قبل الفيدرالي والمركزي الأوروبي.

ويُعتبر بنك الاحتياطي الهندي قائد مسيرة خفض تكاليف الاقتراض هذا العام بعدما نفذ أول خفض في معدل الفائدة في فبراير/شباط الماضي وذلك مع تباطأ التضخم إلى مستويات أقل بكثير من المستهدف البالغ 4 بالمائة.

ووصل عدد مرات خفض الفائدة في الهند هذا العام إلى ثلاثة مرات بإجمالي 75 نقطة أساس ليقف معدل الفائدة حالياً عند 5.75 بالمائة وسط توقعات بنحو 80 بالمائة لنحو 66 اقتصادياً استطلعت وكالة رويترز أرائهم في الفترة من 17 وحتى 24 يوليو/تموز، في خطوة من شأنها أن تكون الرابعة.

وفي تحرك هو الأكبر في نحو 17 عاماً، قام البنك المركزي التركي في ظل قيادة محافظه الجديد، بخفض معدل الفائدة الرئيسي بنحو 425 نقطة أساس دفعة واحدة لتصبح 19.75 بالمائة، إلا أن هذه الخطوة لا تزال غير مرضية بالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان.

وأرجع البنك قراره الذي يُعد الأول منذ عام 2016 إلى تعافي معتدل في النشاط الاقتصادي إضافة لاستمرار تحسن توقعات التضخم ومواصلة تعافي عجز الحساب الجاري، لكن مع ذلك حققت الليرة التركية مكاسب أسبوعية.

وفي خطوة مماثلة ومتوقعة كذلك على نطاق واسع، لجأ المركزي الروسي لخفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 7.25 بالمائة مع تراجع الضغوط التضخمية وتحذيرات بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.

ويسبق هذين القرارين تقليص قدره 25 نقطة أساس بمعدل الفائدة للاجتماع الثاني من جانب البنك المركزي في أستراليا في مسعى لدعم النمو الاقتصادي، ويصبح 1 بالمائة وهو أدنى مستوى على الإطلاق.

وفي خطوة تحدث للمرة الأولى في 3 سنوات، قرر البنك المركزي في كوريا الجنوبية خفض معدل الفائدة 25 نقطة أساس إلى 1.5 بالمائة مع تزايد المخاوف الاقتصادية المتعلقة بالدولة الآسيوية.

ومع ضعف تقديرات النمو الاقتصادي، أقبل البنك المركزي في جنوب أفريقيا على تقليص الفائدة بنحو 25 نقطة أساس لتسجل 6.50 بالمائة.

وللمرة الأولى في عامين، يلجأ البنك المركزي في إندونيسيا إلى خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصحب 5.75 بالمائة في محاولة لتقليص تأثير التوترات التجارية العالمية على الوضع الاقتصادي للبلاد.

لكن الضبابية خيمت على قرارات السياسة النقدية في اليابان، حيث أفادت تقارير صحفية بأن هناك انقساماً بين صناع السياسة النقدية حول قرارهم المزمع إعلانه هذا الأسبوع سواء بإطلاق برنامج للتيسير النقدي أو تأجيل هذه الخطوة لحين وضوح الرؤية أكثر.

وفي ثاني أكبر حول العالم، يرى رئيس البنك المركزي الصيني أن مستوى معدل الفائدة في البلاد مناسب في الوقت الحالي في ظل استقرار معدل التضخم مع التأكيد على أن أيّ تحرك بالخفض من شأنه إثارة مخاطر انكماش الأسعار.

وفي المقابل، يوجد على قائمة الانتظار الكثير الذين يعتزمون خفض تكاليف الاقتراض في وقت لاحق بالإضافة إلى الفيدرالي والمركزي الهندي وعلى رأسهم البرازيل.

مباشر (اقتصاد)

أخبار متعلقة :