شبكة عيون الإخبارية

السلفية الناصرية (٢)

أواصل ما بدأته بالأمس. كتبت حول أهداف جمال عبدالناصر ووسائل الناصرية. قلت إن الناصريين يخلطون بين ما أراده عبدالناصر ووسائل تحقيقه. قلت إنهم يتحولون إلى (سلفية) حين يواصلون الإصرار على تحقيق الأهداف بنفس السبل التى لجأ إليها عبدالناصر. قلت إن الرئيس الراحل لو كان على قيد الحياة كان قد بدل من وسائله وأدواته من أجل تحقيق ما يريد. طالبت الناصريين بأن يجددوا الوسائل. ألا يراعوا سوى الأهداف. أن ينتبهوا إلى متغيرات العصر. أكرر ذلك اليوم بإضافات جديدة.

كان عبدالناصر يريد مناصرة العامل والفلاح. الاثنان كانا يعانيان تحت نير نظام اجتماعى قاهر قبل ١٩٥٢. الاحتلال جعل منهم أدوات فى ماكينته. النظام الاجتماعى ترتب وفق رغبات الاحتلال. ثورة ١٩٥٢ أرادت أن ترفع الظلم عن الاثنين. فئات اجتماعية كانت منكوبة. قرر عبدالناصر أن يطويها تحت مظلة الدولة ونظامها. من أجل هذا الهدف قرر نسبة العمال والفلاحين فى برلمان ما بعد الثورة.

الهدف كان التمثيل. إتاحة الفرصة للعمال والفلاحين. لم يكونوا يدخلون البرلمانات قبل ١٩٥٢. اعتقد جمال عبدالناصر أن هذا سوف يوفر لهم التمثيل. ستون عاماً من هذه التجربة أثبتت أن ذلك غير صحيح. البرلمانات يدخلها من يحمل صفة العامل والفلاح. ليسوا عمالاً ولا فلاحين. ضباط شرطة تكون صفاتهم عمالًا. أصحاب أراض كبيرة تكون صفاتهم فلاحين. الثغرات القانونية أفلتت ما لا تنطبق عليهم الصفتان.

كان عبدالناصر يريد هذا بصفة مؤقتة. الفكرة منقولة من حكم أتاتورك. تخلى عنها أتاتورك بعد وقت قصير. لم تتخل عنها دولة ما بعد ١٩٥٢. تحولت إلى (تابو). حان وقت إعادة النظر فى الأمر. البحث عن وسيلة مختلفة لتمثيل كل المصريين. العمال والفلاحين والأقباط والنساء والشباب والنوبيين والبدو وغيرهم. الكل بلا استثناء. لن يتقرر لكل منهم نسبة. لن تفيد نسبة العمال والفلاحين مجددا. الناصرية لابد أن تدافع عن تمثيل الجميع لا البعض. الناصرية لا يجب أن تكون سلفية التفكير.

لا يمكن المقارنة بين الخليفة عمر بن الخطاب وأنور السادات. عمر بن الخطاب أراد عدلاً لكنه أوقف حداً فى عام الرمادة. ألغى العمل بنص فى القرآن للمؤلفة قلوبهم. حرّم حلالاً وهو زواج المتعة. غيّر فى الوسائل مع ثباته على القصد. حقق العدل. السادات أراد تحرير سيناء. غيّر فى الوسائل. استخدم الحرب والسلم. استعاد سيناء. حقق الهدف. فعل ذلك أيضا حين أطلق القطاع الخاص. بلغت نسبة العاملين فى القطاع الخاص فى عصر مبارك فيما بعد ٧٠٪. كان ينبغى أن يغير مبارك أيضا فى الوسائل. لتحقيق أهداف أكبر.

هدفى لا يقتصر على الناصريين. هم المثال الأوضح. سجنوا أنفسهم فى كتاب الميثاق وفلسفة الثورة. عليهم أن يتطوروا. الآخرون غيرهم لابد أن يكونوا عصريين بدورهم. الوفد لابد أن ينتبه إلى التغيير. لا يمكن أن يعيش على ما فات. نسى المصريون ما فات. السلفية الدينية لابد أن تتطور. أن تدرك أنه لا يمكن لشعب القرن الـ٢١ أن يعيش فى عصر القرن السابع الميلادى. مرت على ما يؤمنون به من وسائل ١٤ قرناً. مرت على ما يؤمن به الناصريون من وسائل ستون عاماً. مرت على ما يؤمن به الوفد من أفكار نحو مائة عام. ثبتوا الأهداف وغيّروا الوسائل.

newton_almasry@yahoo.com

SputnikNews