شبكة عيون الإخبارية

مقالة أنور السادات التي كتبها في سبتمبر 1954 واتهم فيها الإخوان بالتخاذل عن دعم الضباط الأحرار والانحياز للملك قبل ٢٣ يوليو وأنهم تجار دين


مقالة أنور السادات التي كتبها في سبتمبر 1954 واتهم فيها الإخوان بالتخاذل عن دعم الضباط الأحرار والانحياز للملك قبل ٢٣ يوليو وأنهم تجار دين وسياسة هدفهم الحقيقي هو الوصول للسلطة. ويقول في معرض اتهاماته أن مرشد الإخوان كان في المصيف في ٢٣ يوليو وأن الإخوان لم يخرجوا بيانهم بدعم الثورة إلا يوم ٢٦ يوليو بعد التأكد من رحيل الملك خارج .

خطاب من المخبأ
محمد أنور السادات

جريدة الجمهورية

انعقدت أول أمس الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين، وقد آثر الهضيبي أن يختفي قبل هذا الاجتماع زاعما أن تطلب القبض عليه .. ولكنه على عادته في الاتفاقات السرية آثر أن يرسل من مخبئه السري منشورا وُزع على الهيئة التأسيسية زعم فيه أنه خطاب أرسل إلى المسئولون.

وقد سمحت له شجاعته أن يحشو هذا الخطاب بالسباب، حتى يظهر بمظهر القوي الشجاع ..

أين كنت أيها المرشد المبجل في أيام فاروق؟ وأين انت شجاعتك؟ أين كنت حينما كان فاروق وأعوان فاروق يعيثون في الأرض فسادا؟!

أين كنت يا رجل الدين والإسلام حينما كان فاروق ينتهك حرمة الإسلام والمسلمين؟!

أين كنت أيها الإمام العظيم حينما خنق فاروق الحريات، وحارب الأحرار، وترك الأمر للسادة الذين كان الشعب يضيق بهم ويئن من استعبادهم واستبدادهم واستغلالهم.

أين كنت أيها الرجل حينما استبيحت الحرمات وانتهكت الأعراض؟! هل تتذكر الآن أين كنت أيها الشجاع المسلم؟!

إن الشعب كله يعلم أين كنت .. إن الشعب كله يعلم أنك كنت تتمسح بالأعتاب العالية .. بل كنت تتمسح بأعتاب الحاشية الفاسدة الماجنة .. هذه الحاشية التي ضج منها الشعب وصب عليها اللعنات.

إن الشعب كله يعلم موقفك لم يكن إلا موقف الخضوع والذلة والمسكنة .. إن الشعب كله يعلم أنك كنت تهرول إلى القصر الكريم في كل مناسبة لتظهر لولي النعم ولتبين لولي الأمر مدى الخضوع والولاء لملك الإسلام وملك المسلمين.

الشعب كله يعلم أنك في يوم ٢٥ مايو، أي قبل الثورة بأقل من شهرين، كنت تأخذ مكانك في الطابور الطويل أمام دفتر التشريفات في وقار الإسلام وفي أدب المسلمين، لتبين لولي النعم أن الإخوان المسلمين في شخص مرشدهم يبايعون الملك المسلم الصالح ويدينون له بالولاء.

الشعب كله يعلم أنك كنت تقول دائما أن الشرع يقول: وجبت الطاعة لولي الأمر ولم يكن ولي الأمر إلا فاروقا.

أين كنت أيها الرجل الحريص على الإسلام الآن، حينما كان الضباط الأحرار يستجيبون للشعب ويحسون بإحساسه ومشاعره قبل الثورة بأعوام؟!

الشعب كله يعلم أنك كنت تجلس على منصة القضاء تحكم باسم فاروق، وبقوانين فاروق!!

الشعب كله يعلم أنك لم تتكلم عن الإسلام، وقوانين الإسلام الا بعد أن استنفدت عمرك في قوانين فاروق وأحكام فاروق!

الشعب كله يعلم أن لم تخرج على فاروق، أو على قوانين فاروق أو على أحكام فاروق وإلا كنت استقلت وطالبت بالحكم بالإسلام .. أين كنت أيها الرجل حينما قامت الثورة؟!

لقد كنت في مصيفك بالإسكندرية متمثلا في هذا بولي النعم، وولي الأمر فاروق. بل واضعا تقليدا جديدا للمرشد العام للإخوان المسلمين!

بل أين كنت أيها الرجل بعد قيام الثورة؟ بل ماذا فعلت بعد قيام الثورة؟!

الشعب كله يعلم أنك آثرت أن تبقى في مصيفك في الدخيلة حتى تؤكد لولي النعم وولي الأمر بالولاء الكامل .. الشعب كله يعلم أنك لم توافق أن يصدر الإخوان بيانا تؤيد فيه الثورة يوم قيامها .. بل آثرت الانتظار!

الشعب كله يعلم أنك لم تتحرك من مكانك في الدخيلة إلى بعد ٢٦ يوليو سنة ١٩٥٢، أي بعد أن غادر ولي النعم البلاد غير مأسوف عليه من الشعب .. ومأسوف عليه من صنائعه وأولياء نعمته!

الشعب كله يعلم أن بيان الإخوان لم يصدر إلا بعد أن خرج فاروق من مصر، حرصا منك على مشاعر ولي النعم، وعواطف ولي الأمر فاروق الملك الكريم.

والشعب كله يعلم أنك لبست بعد ذلك ثوب الأسد، وانتفضت لتحقق رسالة الإخوان. رسالة حسن البنا بعد طول الولاء الذي أظهرته لفاروق الحاكم الأجنبي الذي سلب أحفاده الحكم من أبناء مصر حتى يكون في يد أبناء قوتة.

والشعب كله يعلم أنك بعد أن عاد الحكم إلى أبناء مصر، وبعد أن عادة العزة إلى أبناء مصر، أخذتك العزة فجأة وقمت تطالب بالحكم ….. بالقرآن.

الشعب كله يعلم أن الحقد ملأ قلبك بل ملأ صدرك ونفسك وأن تقارن حالك بل تقارن قيادتك بهؤلاء الأحرار الذين حققوا للشعب أمانيه، وعبروا عن مشاعره، بينما كنت تتمرغ أمام دفتر التشريفات.

الشعب كله يعلم أن الذعر ملأ نفسك حينما رأيت أماني الشعب تتحقق وخفت على بضاعتك من البوار .. الشعب كله يعلم أنك وقد افتقدت ولي النعم فاروق أردت أن تستعوض الماضي فلبست ثوب الشجاعة والبطولة حتى لا تبور البضاعة!

أيها البطل في جبنك .. إن الله لن يرضى لهذا الشعب أن يخدع أو يضلل مرة أخرى .. وإن هذا الشعب أصبح اليوم يفرق بين الصادقين المخلصين، وبين تجار السياسة والدين.

إن هذا الشعب لن يسمح للمخادعين المضللين بأن يقوموا بينه مرة أخرى بعد أن ذاق طعم العزة وطعم الكرامة، وحقق لأول مرة عزته القومية.

إن هذا الشعب الذي لم يتمرغ أمام ولي النعم الملك الكريم ولم يقم أمام دفتر التشريفات بل كافح وناضل في سبيل حقوقه وحريته يحتقر المنافقين والمضللين، ويعرف من هو الخبيث ومن هو الطيب.

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

أنور السادات
١١ سبتمبر ١٩٥٤

ملاحظة: الصور المضافة للمقالة لم تكن موجودة في المقالة الأصلية ومن إضافة إدارة الموقع .

أخبار متعلقة :