أخبار عاجلة

«الوطن» فى رحلة البحث عن السلع المفقودة مع موزع تموين

«الوطن» فى رحلة البحث عن السلع المفقودة مع موزع تموين «الوطن» فى رحلة البحث عن السلع المفقودة مع موزع تموين
«سعد»: الوزارة أمرت بوقف توزيع وسحبت الكروت الذكية من البقالين

كتب : محمد الخولى منذ 60 دقيقة

يجلس متكئا على كرسى خشبى بسيط، داخل منفذ بيع السلع التموينية فى قرية حفص، التابعة لمركز دمنهور، بينما يتوالى عليه أصحاب البطاقات التموينية، يطالبونه بحصتهم الشهرية من السلع، فيجيبهم إجابة واحدة منذ بداية الشهر الجارى «مفيش تموين الشهر دا، لسه مصرفوش لينا الزيت ومنعرفش إمتى هيصرفوه».

إجابة سعد قاسم، صاحب منفذ التوزيع الوحيد، لا ترضى المواطنين غالبا، منهم من يتلفظ بكلمات غاضبة، ومنهم من يصب الدعوات واللعنات على المسئولين، ومنهم من يكتفى بالقول «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فيما يقول سعد إن وقف التموين يعود إلى أواخر الشهر الماضى، حيث مر علينا موظفون تابعون لوزارة التموين، وشركة صيانة ماكينة الكروت الذكية، وطلبوا منا التوقيع على أوراق تفيد بأنه سيوقف توزيع السلع التموينية، وسحبوا الكارت الخاص بكل تاجر، دون تحديد موعد لاستكمال صرف وتوزيع الحصة التموينية، ووقعوا على إقرارات، ومع بداية الشهر الجديد أصبح غير مسموح لنا صرف أى سلعة، معلقا «إحنا متعودين نصرف التموين من الوزارة قبل بداية الشهر الجديد بأسبوع، لكننا لم نصرف أى حصص الشهر ده».

لا يعلم الحاج سعد السبب الحقيقى وراء منع صرف الحصة التموينية هذا الشهر، لكن ما لديه من معلومات «يصبّر» بها الناس، أن الوزارة تخطط لتوزيع زيت جديد، فى عبوات حديثة، لكنها ستقلل حصة الفرد من الزيت. إذ يقول إن المفترض أن لكل فرد نصف كيلو زيت أساسى، وكيلو زيت إضافى ويصرف بحد الإضافى للأسرة 4 كيلو فقط. ويضيف: نحن فى موسم الحصاد، وزراعة محصول جديد، وكل الفلاحين لديهم أعمال، ويحتاجون لتجهيز طعام العمال فى الغيطان، «وده عامل أزمة للفلاح والناس العادية»، لأن كل بيت وكل أسرة تعتمد على التموين بشكل أساسى، وفى نهاية كل شهر يأتون ليصرفوا حصتهم بلهفة.

ما زال الناس يتوافدون على محل الحاج سعد، ويسألونه وتتكرر إجابته «مفيش تموين». محمد عبدالكريم، أحد المترددين عليه، يقول: «الأيام دى زى الزفت، إحنا غلبنا مش عارفين الفلاحين هيلاقوها منين ولا منين، من الجاز اللى مش موجود عشان نروى الأرض ولا من الأكل اللى منعته، ولا من المياه اللى بتنقطع ولا من الكهربا اللى مبتجيش؟».

التجار: الوزارة تستهدف تقليل كمية الزيت المقررة لكل مواطن

قرر سعد أن يغلق محله، ويتجه إلى المنفذ الرئيسى لتوزيع الحصص التموينية بدمنهور، حتى يعرف متى ستحل الأزمة، رافقته «الوطن» من قريته الصغيرة إلى مدينة دمنهور، وفى منفذ التوزيع الرئيسى، أكد له القائمون على المنفذ، أن من حقه أن يحصل على حصة السكر والأرز، لكن يجب ألا يوزعها على المواطنين، إلا بعد توزيع حصة الزيت الجديدة، التى لا يعلم القائمون على التوزيع متى ستأتى.

من أمام منافذ التوزيع الرئيسية رصدت «الوطن» وجود كميات كبيرة من السكر والأرز، داخل المخازن، كما رصدت وجودا مكثفا لأصحاب المحال التموينية، فى انتظار صرف حصصهم من السلع، وأكدوا أنهم هرعوا إلى منافذ المخازن الرئيسية كى يستعلموا عن حصتهم من الزيت والسكر والأرز، وكان دافعهم الوحيد كثرة إلحاح المواطنين عليهم، ويقول محمد عبدالعليم، موزع تموين بقرية دسونس التابعة لمركز دمنهور «بقالى 15 يوم بروح المخازن عشان أعرف إمتى الزيت هينزل عشان نصرفه للناس، عايز أعرف ليه الحكومة ربطت التموين كله بالزيت، بعد ما كنا بنصرف الكميات اللى بناخدها على الناس عشان نصبّرهم شوية، ولما تأتى الكمية الناقصة نعيد توزيعها على الناس، دلوقتى ممنوع علينا نصرف أى كمية للمواطنين، ممكن نحصل على السكر والأرز، لكن كل التجار لا تحب الصرف، لأنهم يتعرضون لمواقف محرجة والمواطن لما ييجى يشترى التموين، يلاقى فيه سكر وأرز يقول لنا إنتو عندكو الحصة ومش عايزين تصرفوها، عشان كدا كل الناس مش عايزة تصرف إلا لما يأتى أمر من الوزارة».

ويضيف «الشركة المتعهدة بماكينات الصرف الآلى اللى إحنا بندخل فيها الكارت بتاع المواطن، سحبت من كل التجار على مستوى الجمهورية الكروت الخاصة بهم، والتى من خلالها يحصلون على حصتهم، ولا يستطيعون صرف حصص المواطنين دونها، لأن عن طريقها يتم فتح السيستم».

الوزارة: الإجراءات الجديدة ترفع حصة الفرد والكروت ستعود للتجار

داخل المخازن رصدت «الوطن» هدوءا فى التعاملات وصرف الحصص للموزعين، فيما يوضح جبريل هلال، حمال المخازن، أن الموزعين وأصحاب المحلات «مش عايزين يصرفوا الحصة بتاعتهم ناقصة، لأن أصحاب المحلات يضطرون لدفع تكلفة النقل مرتين، الأولى على الحصة المتاحة حاليا، والثانية لما ييجى الزيت»، مضيفا «إحنا حوالى 15 عامل فى المخزن، بناخد فلوس على قد الكمية اللى بنحملها، واليومين دول مفيش شغل لأن مفيش تجار بتحمل، والتموين موقوف».

تساؤلات عديدة تنتظر الإجابة من المسئولين بوزارة التموين، فالتجار لا يعلمون متى سيصرفون حصتهم، والعاملون بالمخازن لا يعلمون أيضاً. «الوطن» حملت التساؤلات إلى وكيل وزارة التموين بمحافظة البحيرة، إبراهيم العسقلانى، الذى أكد أن الوزارة تجرى تعديلا فى نظام مقررات الحصة التموينية المتعلقة بالزيت، وترفع من جودته، ليصبح زيت عباد نقيا بدلا من كونه زيتا مخلوطا بالصويا، وقال «لا توجد أزمة فى التموين لأن حصة السكر والأرز موجودة ويمكن للتاجر صرفها».

وعن واقعة سحب كروت الموزعين، يقول «العسقلانى» إن نظام تشغيل الكروت الذكية سيتغير وسيتم تحويل حصة الأفراد فى الزيت من الكيلو إلى اللتر، وكان من الضرورى سحب الكروت حتى يتم تغيير المدخلات على الماكينة، ليتم حساب الكميات باللتر وليس الكيلو، ومن المقرر أن تقوم الشركة الموكل إليها تعديل الكروت، بتوزيع الكروت على التجار والموزعين فى أسرع وقت، حتى يتمكنوا من صرف حصة السكر والأرز لحين مجىء حصة الزيت الجديد. ويشير إلى أن النظام الجديد سيرفع حصة الأسرة من الزيت إلى كمية أكبر، بحيث لا يكون هناك حد أقصى للزيت الإضافى على البطاقة التموينية.

كميات كبيرة من الأرز والسكر فى المخازن.. والصرف ممنوع

شكك عدد من التجار والموزعين فى حديث وكيل وزارة التموين، المتعلق بزيادة كمية الزيت للأسرة، فيما يقول عبدالله السيد، أحد الموزعين فى دمنهور، إن الهدف من تحويل الزيت إلى لتر هو تقليل كميته، فبعد أن كان المواطن يحصل على زجاجة الزيت كاملة وزنها الصافى كيلو، سيحصل على الزجاجة الجديدة وزنها 850 جراما فقط.

DMC