أخبار عاجلة

على عتبات الجنة

على عتبات الجنة على عتبات الجنة

«من الأدغال تظهر لبؤة تقترب من الكركدن بتمهل، دار كل منهما يتفحص الآخر، وجَّه مِن قرنه الصلب ضربة قاسية تفادتها بمهارة وليونة، انشق المكان عن أعداد متزايدة من الهررة الوحشية، يداهمك الذعر، يتسع حجم المناوشات، تناور الهررة الوحشية بخسة، تنشب براثنها وأنيابها، تشق فى جلده الثخين مجارى للدماء، تتحول المناورات التى استمرت طيلة الليل إلى قتل، وتحجب ظهر الخرتيت أعداد متنامية من اللبؤات، تؤلمك ممارسة قواعد الاشتباك بقانون (الكثرة تغلب الشجاعة)، وافتقاد ملك الغابة للنبل، وأن الخرتيت المغطى بثقل الهررة الوحشية ينزف بغزارة من جروح أوغرتها مخالب اللبؤات وأنيابها، يعانى الوهن وتنهار قواه. وجَّه أسد ثقيل الحجم إليه دفعات قوية قلبته على جنبه وسقط على الأرض، تعقص اللبؤة الأولى عنقه، وتجتمع البقية عليه بوحشية بينما تَمدَّد الذكور فى الجوار ينتظرون فى تكاسُلٍ الإجهاز عليه. مشهد يدفعك إلى كهف الرهبة، يعيد لوعيك ضرورة بناء عالم آمن، ويبلور أفكارك.. فى عالم الضوارى لن يُبقى عليك سوى انضباطك العسكرى وتنفيذ المهام التى أوكلها إليك الجيش. تبدأ يومك بارتداء زيك العسكرى، تستبدل العلم القديم الذى تحول إلى مزق بآخر جديد، ترفعه أعلى سارية الحصن، تُحيى العلم بانضباط وبأعلى صوت».

ذلك المشهد الروائى الذى يعود بالزمن إلى الوراء مائة واثنين وثلاثين عاماً، ويتابعه ضابط مُحاصَر ووحيد فى آخر محطة عسكرية مصرية فى أقصى حدود الدولة المصرية على شمال حوض نهر الكونغو، قرب خط الاستواء، هو نظير مجازى لتراجيديا تاريخية واقعية، تكاد تكون حرفية مع اختلاف التفاصيل، لعبت فيها الخسة وافتقاد النبالة متعددة الأطراف، دوراً حقيراً فى استهداف الجيش المصرى لتقويضه، أصيب ذلك الجيش بجراح بليغة ونزف كثيراً من دمائه، لكنه لم يستسلم للموت كما كركدن المشهد الأليم، استجمع قواه وواصل الحياة رغم تكرار تكالب مخالب وأنياب الخسة متعددة الأطراف عليه، حتى وصل إلى أيامنا، ليتكرر المشهد بالتكالب الخسيس ذاته، من القوى عينها التى تناسلت من رحم التآمر القديم المتجدد، لتستمر الأسطورة، وهى ليست أسطورة جيش من الجيوش، بل أسطورة أمة فى حاجة لتنشيط ذاكرتها وإحياء روح بعض بنيها، حتى تقوى على المواصلة القاسية التى يبدو أنها قدرها فى عالم الضوارى القديمة كما الحديثة، حيث لا نجاة إلا بالانضباط كما قال الضابط المصرى الوحيد المُحاصَر من قوى وحشية فى عالم كان بكراً، قطعة من فراديس الله فى الأرض على الخط الفاصل بين حوض نهر النيل وحوض نهر الكونغو. إنها رواية حاضر يتطلب أن ننظر بعيوننا فى عمق عيونه، لنستخرج المخبوء، ونزيل الأقنعة عن وجوه الخِسَّة والوحشية والجنون، ففى إماطة الألثمة عن تلك الوجوه، نصف الانتصار، وأول النجاة.

جماليات روائية.. حكاية حقيقية

الرواية تحمل عنوان «عتبات الجنة»، وتدور طواحين صراعها على جزء من أرض الله يكاد يكون جنة حقيقية، عكف كاتبها المهندس فتحى إمبابى سبع سنوات كاملة فى قراءة مراجعها التى ذكر منها أكثر من خمسين مرجعاً أحدها تتجاوز أوراقه الألف، فهى إحياء لتاريخ بقدر ما هى تحليق لمخيلة، تتجلَّى فيه جماليات السرد المشوِّق والمشهدية المدهشة ونغمية الفقرات، وتماسك الإيقاع الضابط لتعاقب «العتبات»، وعمارة العمل ككل، كما يتجلى من القراءة الكلية للرواية أن التاريخ يكرر نفسه حقاً، ولكن ليس بطريقة ساخرة كما يقولون، بل بلؤم أكثر ووضاعة أحط، وأكاذيب مصوغة بحبكة وسائل إعلام واتصال وتواصل حديثة التقنيات، ومُستحدَثة التضليل والتمويل، تضمر مصالح وغايات أدنى من دناءات الأمس، الأمس الذى مضت عليه عقود وعقود، ولا ينبغى أن يُنسَى لنُدرك الحاضر، ونتدارك المستقبل.

لم تكن الثورة «العرابية» مظاهرة «عسكر» لاقتناص «امتيازات فئوية»، كما يحلو لبعض عيال التاريخ وأناركية كل الأزمنة توصيفها، بل كانت صوت أمة تبحث عن موقعٍ لأقدامها فى عصر الدول الحديثة والدساتير والمجالس النيابية واستقلال القرار الوطنى، ولم يكن عرابى غير رجل طيب فى موقع ألزمه بأداء الواجب تجاه طموحات أمة تعبر عنها صفوتها المستنيرة ويُظاهرها عموم الناس، وكان ضباط الجيش الذين تلقوا تعليماً راقياً فى باريس ولندن ومصر ضمن طليعة هذه الأمة، فكانت مظاهرة عابدين فى مواجهة الخديو الذى سُرعان ما أعلن عن تهافته البشرى؛ قبض على عرابى، لكن شجاعة محمد عبيد وضباطه وجنوده أخرجت عرابى من محبسه، وكان رد فعل الخديو ومن يحركونه ومن يُشايعونه كاشفاً عن مدى الهلع من طموح هذه الأمة، الباحثة عن موقعٍ لها تحت شمس الحرية والعدالة والمساواة، وامتلاك إرادتها فى إدارة مواردها. فكان العدوان، وكان الغدر، وكانت الخيانة، فبعد أن باغت أسطول الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية الأقوى عالمياً آنذاك الإسكندرية بالنار والدمار، راح الجيش المصرى يستجمع قواه ويُمتـًّن تحصيناته عند التل الكبير، منتظراً هبوط الإنجليز الغزاة من الشمال، لكن ديليسبس الذى وعد العرابيين بعدم إمرار مراكب الأسطول البريطانى فى قناة السويس خان الوعد وفتح القناة لمراكب الأسطول الباغى، فكان أن غُدِر بالعرابيين من جنوبهم وظهورهم فى الشرق الذى حسبوه آمناً. سذاجة الشرفاء الذين لا يتصورون أن هناك بشراً بلا شرف. ومع ذلك لم يتبخر الجيش المنكسر كما يحلو لبعض خوارج العصر وصفه والنيل منه، لإزاحة حصونه، وانفراد كتائب همجيتهم العدوانية بأمة عزلاء بلا سيف ولا درع.

«بريمر» فى

استجمع الجيش المصرى الجريح قواه بعد المجزرة، وأقام تحصيناته فى ثكنات المقطم لرد الغزاة عن القلب المصرى؛ عن القاهرة، لكن القاهرة كانت محكومة بمتهافت خائن صعد للترحيب بأمراء جيش الغزاة على سفينة القيادة البريطانية فى الإسكندرية المحترقة. ولم يكتف بذلك، بل أصدر أمراً خديوياً بإلغاء الجيش فى 19 سبتمبر 1882 وتجريد الضباط الذين شاركوا فى «العصيان» من رتبهم وأملاكهم وحرمانهم من حقوقهم المالية لتبقى الدولة المصرية بلا جيش. بريمر قديم على عرش مصر كرَّره بريمر أحدث فى حل الجيش العراقى فكانت مأساة العراق المستمرة. لكن الخديو توفيق لم يسدر فى غيِّه، لا لأنه ثاب إلى رشده، ولكن لأنه ثاب إلى حقيقة أن هذا الجيش الذى يُتقن ـ حال انكساره العابر ـ التراجع فى العمق المصرى، ولملمة شتاته واستعادة قواه ثم التقدم صوب العاصمة، لن يتحلل، وسيُفاجئه بقوة ماحقة يعززها الالتفاف الشعبى، تطيح به وتعلن «الجمهورية» المصرية الدستورية الحديثة، والانفصال الفعلى عن ظلال الخلافة العثمانية التى لم تتصرف مع مصر إلا كاستعمار شرقى، وسد كل الثغور أمام الإمبراطوريات الاستعمارية الغربية. لمح الخديو توفيق ذلك بالتأكيد، أو لمحه له العثمانيون والإنجليز وعملاؤهم فى مصر، فتراجع عن حل الجيش، واستبدل أحكام الإعدام بالنفى، ومن هنا بدأت أسطورة الاثنى عشر ضابطاً مصرياً المنفيين إلى أقاصى مديرية خط الاستواء، عند منابع النيل، حيث جنة الله فى الأرض، وجحيمها أيضاً، وهو ما تحكيه رواية فتحى إمبابى البديعة، رديئة الطباعة فى سراديب الهيئة العامة للكتاب، والتى أرهقتنى وأمتعتنى قراءتها كلمة كلمة، وينبغى أن تُكفِّر هيئة الكتاب عن خطيئتها بإعادة إصدار طبعة جيدة الوضوح والمراجعة لهذه الرواية.. الشريفة، والمهمة: «عتبات الجنة».

مهما كان الثمن

لن أتوقف كثيراً أمام أهوال وأشواق ونعيم وجحيم ما عاشه الاثنا عشر ضابطاً مصرياً من العُرابيين الذين تم نفيهم مع أُسرهم إلى مجاهل قلب أفريقيا، بهدف مُعلن هو «القيام بحملة عسكرية لنقل مؤن وعتاد عسكرى إلى (لادو) عاصمة (مديرية خط الاستواء) التابعة للحكم المصرى، ورفع قطاعات أعالى النيل الأبيض وقياس تصريفاته عند المنابع لاستكمال دراسة نظارة الأشغال والرى لإنشاء خزان جنوب أسوان»، أما الهدف الحقيقى الذى أضمره ودبره «السير أفلين وود» الذى عيَّنه الخديو توفيق سرداراً للجيش المصرى، فكان التخلص العاجل من هذا التجمهر الخطِر كى لا تشتعل الثورة من جديد، وإلحاقاً بهؤلاء الضباط الاثنى عشر تم تجميع ثلاثة عشر ألف جندى من جيش الثورة المهزومة، حملتهم السفن ـ على عجل ـ من ميناء السويس إلى ميناء سواكن، تاركين وراءهم القوات البريطانية ترتع على أرض الوطن، الوطن الذى لن يروه ثانية، وكأن حلم الحرية الذى داعب خيالهم يوماً، تحول إلى عقاب بالموت!

مسيرة ملحمية مضى فيها الاثنا عشر ضابطاً على سفنهم البخارية بصحبة أسرهم وجنودهم نحو منابع النيل حتى البحيرات العظمى، خاضوا مستنقعات وعبروا أحراشاً وشقَّت سفنهم مياهاً جارفة ضد تيار عارم وتحت شلالات مطر وبروق ورعود قيامية، شقوا دروبهم المغلقة بالأدغال بين قبائل من آكلى لحوم البشر، وكواسر مفترسة وأفاعٍ سامَّة، ورسوا على ضفافٍ خُضر بها ما لا عين رأت من آيات الجمال وعجيب الحيوان والطير والشجر والثمر، وخاضوا فى طريق الوفاء بمهمتهم حروباً مع عصابات وتجار رقيق مُدجَّجين بفتاوى أئمة كذبة وسهام وحراب مسمومة ومناجل لقطع الرؤوس، ولم تتخلف أفواه التماسيح فى مشاركة ذلك الضلال البشرى بقضم وابتلاع عديدين من أفراد هذه الحملة، ورغم ذلك لم يتراجع الضباط والجنود عن المضى فى تنفيذ المهمة التى كان أصعب أجزائها رفع مناسيب أعالى النيل وقياس تدفقات المياه، تحت هولٍ من مطر طوفانى وفوق عالم مائى لا يابسة له ولا أفق. ثم كانت خاتمة الأهوال مَقْتَلة، دبرها تحالف مدنَّس من عملاء البريطانيين ومحتالى التدين الكاذب وتجار الرقيق الذين طالما طاردهم ضباط وجنود الجيش المصرى لتحرير الأفارقة المخطوفين الذين أودعهم النخاسون مكبلين فى جوف «زرائب» تخزين الرقيق وسط الأحراش.

جيش يحارب تجارة الرقيق

الضباط الاثنا عشر الذين خرجوا من مصر إلى خط الاستواء شباباً برتبة الملازم، خاضوا معارك لتحرير العبيد ومحاربة الرق وزرعوا أرضاً حتى لا يزاحموا الوطنيين فى طعامهم، لم يتخلوا أبداً عن انضباطهم العسكرى حتى فى الأدغال وبين آكلى لحوم البشر، فكانوا لا يفوتون فرصة لتحية العلم المصرى تحت سماء المنفى الفاتن والقاتل، كانوا أسطورة بسالة عسكرية حضارية فى مواجهة تخلف مظلم مدت إليه مصر الناهضة أنوار روحها، قُتل منهم أربعة فى فخاخ معارك دبرها ومولها تجار دين ودنيا وعمالة لأوروبا الاستعمارية، وسقط اثنان بأمراض استوائية لاعلاج لها، وبقى خمسة يخوضون غمار الطوفان والأدغال والفراديس، لم يتخلوا عن رباطة جأش خير أجناد الأرض حقاً، وترقوا بجدارة إلى رتب يوزباشى وصاغ، لكن لم يعد منهم إلى مصر بعد سبع سنوات من هذه الغربة الوحشية غير واحد، هو اليوزباشى مصطفى العجمى. أسطورة واقع ورواية لاثنى عشر ضابطاً مصرياً شاباً، كشفت عن أسطورة أخرى فردية مذهلة تلامس الخيال، لضابط سبقهم وعاصروه، كان برتبة صاغ، لكنه بالصرامة والمهارة العسكريتين، والشجاعة والذهن المتوقد والموهبة القيادية الفذة، صار ملكاً غير متوج من ملوك قلب أفريقيا.

جنِّى وقديس أعالى النيل

«بدقات الطبول ورقصات الحرب، انشق المحاربون تاركين للسرية طريقاً وحيداً، ورماحاً مشرعة يقرعون بها ظهور دروعهم السوداء الموسومة بعلامات السحر والبداءة. فى نهاية الحشود المحاربة وقف الصاغ على تبة عالية فى جلبابه السودانى القصير وعلى وجهه ابتسامة ساخرة، تتدلى من جانبية غدارة وسيف حاد، شاربه الملفوف بعناية يجعله نظير نفسه، يتدلى غليونه من زاوية فمه، زعيم وسط أنصاره ومواليه، أمامه ثلاثمائة محارب ينتمون لقبائل المكراكا مسلحين بالرماح. صار معلوماً الآن أن الصاغ الذى غادر (لادو) فى زمرته المكرسة لاغتياله، لم يصعد النهر، وإنما توجه إلى مكراكاك، حيث استعاد تحالفه القديم مع القبائل التى شاهدته يعبر مديرية بحر الغزال عائداً بقافلة الرقيق المُحرَّرة. أدى الملازم محمد فوزى التحية العسكرية لقائد عظيم، رفع الصاغ يده فحلَّ الصمت وأعطى أوامره بتحية العلم المصرى الذى يكاد يمس سماء النهر. فى هذا الجو المشحون بالأقدار الغامضة انتصب الضباط كسيوف صُقلت للمعارك، تضاءلت الأسئلة لذوات تائهة وجدت مصيرها فى هذا الرجل الأسطورة، وهذا العلم الخفاق العظيم».

هذا الرجل الأسطورة هو حقيقة واقعية مذهلة، ضابط من الجيش المصرى برتبة صاغ اسمه «حواش منتصر»، بقوام رُمحى وسُمرة نيلية صافية عميقة، لم يكف عن خوض معارك ضارية لتوطين وتوسيع الوجود المصرى، واكتساب رضا القبائل، ومكافحة الرق عن قناعة حضارية ويقين إنسانى، «يأمر بتسجيل الرقيق المحرر، يقوم بنفسه على تقديم الطعام لهم، وتوزيع المقننات التى تكفيهم للعودة إلى قراهم، يثنون عليه بالشكر والحمد، يرحلون وهم يرددون اسمه، ينتشر حديثهم فى البرارى والغابات عن الرجل الكبير الأسطورة، يمهدون الطريق لتحالفاته القادمة، ويكسبون معاركه قبل أن تبدأ».

أنوار مصرية فى قلب الظلمة

لم يكن هذا الضابط المصرى إلا إضافة لأسطورة جيش تجلت جينات رجاله الحضارية على مبعدة آلاف الكيلومترات من الوطن الأم، فى جنوب السودان والممالك الواقعة حول منابع النيل، أقاموا المدارس والمستشفيات، ونشطوا لمواجهة الأوبئة، شقوا الطرق وأنشأوا خطوط البريد، استصلحوا الأراضى وزرعوها، فعرفت تلك الأصقاع الوحشية محاصيل قصب السكر والقطن وبساتين الليمون والبرتقال والتين، ويشهد التاريخ، أن مصر كانت أول دولة متحضرة فى العالم ترسل قوات عسكرية للقضاء على تجارة الرقيق، ولم يكن الصاغ منتصر إلا ضابطاً مصرياً منضبطاً ينفذ بصرامة تقاليد الجيش المتحضر الذى ينتمى إليه، وله بشكل شخصى فضل إدخال زراعة الذرة البيضاء فى «مونبوتو» عند خط الاستواء. «مونبوتو» التى للمفارقة صارت موضع المعركة الفخ، للتخلص من وجوده النافذ فى هذه المنطقة، والمعيق للمصالح الأوروبية وكل سالبى ثروات الأرض الأفريقية وخاطفى أبنائها، ومنهم القاضى «عثمان أرباب» رجل الدين الذى كان يفتى بمشروعية تجارة الرقيق، وقد أثرى منها كثيراً فكوَّن جيشاً من المرتزقة لمحاربة القوات المصرية التى تكافح تجارته الحرام، ومعه- وإن بطريقة سرية- كان «الحاكم المصرى لمديرية خط الاستواء المدعو (محمد أمين باشا)، الذى صعَّده الخليفة العثمانى بعد أن عمل طبيباً خاصاً له، ثم عيَّنه الخديو توفيق فى موقِعه ممثلاً للدولة المصرية، وكان فاسداً يتاجر فى العاج وريش النعام ويتواطأ مع النخاسين، كما كان على علاقة وثيقة مريبة بممثلى الاستعمار الاستيطانى الأوروبى فى أفريقيا، ولم يكن هذا الـ (أمين باشا) غير اليهودى الألمانى الغامض إيزاك إدوارد شنيتزر!».

هؤلاء هم زمرة من تآمروا على وجود الجيش المصرى عند خط الاستواء منذ قرابة المائة وثلاثين عاماً، فهل اختلف عنهم تحالف من يكيدون للجيش المصرى ويتآمرون عليه الآن؟ لا أعتقد. ولأن هدف التآمر القديم استُبدل بجديد أبشع؛ هو تجريد مسالمى هذه الأمة وأغلبيتها الوطنية من مؤسسات القوة والصد فى دولتها، لتنهار الدولة ـ أيَّاً كانت ملاحظتنا على هذه الدولة ـ وتُستبدل بـ «لا دولة» الدواعش وأشياع الدواعش، فإننى أتفهم وأحترم إهداء الكاتب فتحى إمبابى روايته الكبيرة هذه «إلى ضباطنا وجنودنا الذين يقاتلون دفاعاً عن الوطن فى معركة الإرهاب الدامى. ندعمكم ونقف أمامكم وبجانبكم وخلفكم. شهداؤكم فى القلب أبداً». وأنضم بكتابتى هاهنا إلى ذلك الإهداء.

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews