أخبار عاجلة

هانى الجمل.. لماذا تطاردون المستقبل؟

إذا بحثت عن صورة له فستجد صورته بين الحقول وسط الفلاحين يحمل بين يديه سنابل القمح، إذا أحببت أن تسمع صوته ستسمعه وهو يشرح للفلاحين أساليب جديدة للرى والحصول على محاصيل أكثر جودة ونماء، فستراه يحفر فى الأرض مع المتطوعين ليمد خطا للماء النظيف إلى تلك القرى المصرية المعدمة التى لم يصلها النظيف.

لن تجد له صورة وهو يحمل مولوتوف ولا يرفع كلاشينكوف فهو هذا المهندس الخلوق الذي تخرج فى قسم الاتصالات كلية الهندسة جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997 ورشح للعمل كمعيد فى قسم الرياضيات. كما حصل على الماجستير عام 2002 فى الاتصالات اللاسلكية من جامعة ميريلاند الأمريكية (الجامعة من ضمن أفضل 20 جامعة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى ذلك التخصص). فى عام 2004 بدأ فى دراسة الاستثمار وعلم الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة. وفى عام 2010 أتمم امتحان المستوى الأول من شهادة المحلل المالى المعتمدة (CFA) بنجاح. وفى عام 2012 حصل على شهادة الـ ITIL Expert كخبير فى مجال إدارة خدمات تقنية المعلومات.

هانى الجمل أب لثلاثة أطفال أكبرهم فى الثالثة عشرة وأصغرهم عمره عام واحد، إذا تابعت ما يكتبه من خواطر وآراء ستجده يعبر عن شريحة كبرى تشبهه من الشباب المصرى الوسطى المؤمن بالثورة وسلميتها والمدافع عن الديمقراطية وحقوق الانسان والمدرك لأهمية بقاء الدولة وضرورة الحفاظ على تماسكها وكذلك يؤمن ويدعو لإصلاح المؤسسات دون هدمها، شاب منتم للثورة وعاشق للوطن وخادم للناس ومتطوع لفعل الخير حيثما يستطيع.

عضو فاعل وعضو مجلس أمناء في مؤسسة تنموية كبرى تعمل فى إعادة بناء القرية المصرية وتحقيق التنمية الذاتية والاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية وأحد مؤسسى مبادرة ثقافية تعمل على نشر ثقافة القراءة وإصلاح منظومة التعليم، هانى عضو في حزب سياسى معترف به وليس عضوا في منظمة أو خلية إرهابية.

هانى الجمل كما يبدو لكل من يتتبع خطواته شاب يحتاجه الوطن فى رحلة البناء، فبأمثاله- من أصحاب الهمم ممن حازوا العلم واقتربوا من الواقع الميدانى وأصبحت لهم تجارب – تنهض الأوطان، لكن الواقع البائس فى يطارد المستقبل ويسعى لاجتثاث الأمل من النفوس وزرع الإحباط واليأس فى كل شاب موهوب ومتميز ليجمع متاعه ويرحل إلى أرض تقدر عقله وتحترم إنسانيته وتستفيد بعلمه، ورغم أن مستقبل هانى الجمل خارج مصر كان سيكون مستقبلا باهرا بسبب تميزه وتفوقه إلا أنه عاد لمصر ليشارك الفقراء همومهم وليحاول فتح نوافذ للأمل بما تعلمه من علم صمم أن يفيد به وطنه.

لكن كان للسلطة رأى آخر، فقد تجرأ هانى وطالب بتعديل قانون التظاهر المعيب دفاعا عن حرية الرأى والتعبير التى فتحت بابها ثورة يناير ليفاجأ هانى بحكم غيابى عليه بـ 15 سنة سجنا في مشهد أسود بدا ككابوس يصعب تحقيقه وبعد بدء اجراءات المحاكمة في قضية متظاهرى مجلس الشورى- الذين كانت مظاهرتهم للتعبير عن رفضهم لقانون التظاهر والمطالبة بتعديله- بحضور هانى وحوالى عشرين من زملائه تم حبسهم واقتيادهم للسجن وتوزيعهم على عنابر الجنائيين، ذهب هانى للمحكمة وهو يعتقد أنه سيعود لزوجته وأطفاله الثلاثة لأنه برىء لم يرتكب جرما ولم يقترف إثما ولكنه لم يعد وبدأت أسرته المكلومة تبيت ليلها بلا والدهم الذي غيبته أسوار السجون.

زوجة وثلاثة أطفال يفتقدون أبا حانيا عاش حياته يحلم لوطنه ويساعد شعبه دون أن ينتظر شكرا أو مقابلا، كان من الممكن أن يغادر هانى مصر وينتهى من كل هذه المصاعب والتهديدات ويعمل مرة أخرى مدرسا بأرقى الجامعات العالمية تُصان كرامته ويأمن على أولاده ويرتاح من حملات التخوين والنهش التي تستهدف جيله ومن يحملون نفس أفكاره ولكنه أبى وقال لمن نصحوه بالسفر: لم أرتكب جرما حتى أخاف ولن أترك بلدى مهما كان الثمن، لدىّ هنا حلم لأهلى وشعبى وأبنائى سأكمله مهما كان الطريق!

إذا كنتم تتحدثون عن الشباب وتقولون إنهم أمل المستقبل فهذا هو هانى الجمل يلحق بيارا سلام وسناء سيف وكثيرين غيرهم من الشباب الحر الذي لا ذنب له سوى أنه حلم لهذا الوطن بالحرية والكرامة والعدالة وها هو يدفع ثمن الأحلام.

هل نريد المستقبل أم نطارده ونقمعه ونسجنه؟ هل نريد تعميق الانتماء الوطنى أم غرس الكراهية في نفوس الشباب؟ التبريرات المتهافتة التي ستبرر سجن هانى وغيره من الشباب آن أن تتوقف، فالوطن لن يتقدم ولن يحيا وهو يقتل بيديه فلذات أكباده وزهور مستقبله.

عزيزى القارئ لا أريد منك أن تتأثر فقط عاطفيا وأنت تقرأ هذا المقال وتمصمص شفاهك وتضرب كفا على كف وتحسبن وتدعو على من فعلوا ذلك بالشباب، بل أريد منك أن تتخيل أن هانى الجمل هو كل شاب في مصر يحلم بالمستقبل وإذا بنا نطارده ونقتل أحلامه ونعاقبه عليها! فكيف يكون الوطن وهو يحرق مستقبله بيديه؟

تحرك إيجابيا وأنت ترى الخطر المحيط بالوطن وشبابه يلقى بهم في السجون، أرسل برقية تلغرافية إلى كل جهة ذات قرار واكتب فيها (الحرية للشباب الحرية لمستقبل مصر)، دافع عن مستقبل أبنائك بشكل سلمى متحضر، التقط صورة لنفسك وأنت تحمل لافتة صغيرة مكتوبا عليها (لا تحبسوا المستقبل الحرية للشباب) وانشرها على صفحاتك بمواقع التواصل الاجتماعى، راسل واتصل بكل كُتاب الرأى والشخصيات العامة صاحبة التأثير واطلب منهم أن يكتبوا وأن يشيروا لحالة هانى ومئات الشباب غيره حتى يتكون رأى عام يدرك مدى الظلم الواقع على هؤلاء ويعرف ما هي قيمة هؤلاء الشباب بالنسبة للوطن، صور لمدة نصف دقيقة وطالب فيه بالحرية للشباب وكل المظلومين وانشره، لا تخش من حملات التخوين والنهش والمزايدة فمن يقومون بها هدفهم تثبيط همتك وترسيخ اليأس بداخلك، قاوم مشاعر الإحباط، إن كنت تحب هذا الوطن وتتمنى له الخير فدافع عن مستقبله بالدفاع عن شبابه وزهوره.

الحرية لكل مظلوم نعرفه أو لا نعرفه، نحبه أو لا نحبه، نتفق معه أو نختلف، الحرية للجميع، والمستقبل لن تُوصد أبوابه في وجوهنا، وإنًا إليه لسائرون ..

alnagaropinion@gmail.com

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews