كتبت من قبل عن المشير عبدالفتاح السيسى. كان العنوان: « رئيس يطارد الحلم». مؤشرات التصويت تقول إن على الرئيس الجديد المشير عبدالفتاح السيسى ألا يكون هذا الرجل الذى يلاحق الأحلام. المثالية جميلة. الواقعية لابد أن تكون منهجاً.
بدأ عبدالفتاح السيسى عهد حكمه يوم أمس. ذهب الملايين إلى التصويت. لم يكن العدد كما هو متوقع كاسحاً. كان أقل من المتوقع. العملية شرعية. لكنها ليست بالصورة التى اعتقد السيسى أنها سوف تكون. قال فى أحد البرامج إنه يريد ٣٥ مليون شخص. قال فى تصريحات له أثناء التصويت إنه يتوقع ٢٥ مليون صوت. الحقيقة يبدو أنها لن تكون كذلك. كسب السيسى تقريبا. كل المؤشرات تقول هذا. بدأ حكمه فعلا. الإعلام والشعب بدأوا محاسبته. تتم محاسبته الآن على الحلم الذى أعلنه. لا على الواقع الذى يجب أن يصلحه.
شخصياً قلت إن البرنامج معلن. لا يجب أن يكون هناك برنامج. حقيقة الأمر أنى أخطأت. كان لابد له أن يعلن برنامجا. لو أعلن البرنامج سوف يحاسب على احتمالات الواقع. المقيد فى ورق. لم يعلن برنامجا وسوف يحاسبه كل مواطن على ما يتمناه هو. لا على ما يمكن تحقيقه. يمكن للسيسى أن يتدارك الخطأ فورا. فى أول ظهور للناس بعد الفوز يعلن خطة محددة. واضحة. يطلب المحاسبة عليها بعد جدول زمنى محدد. يجب أن يكون هناك اتفاق مكتوب. لو لم يكن هناك هذا الاتفاق سوف يبتدع كل مواطن اتفاقه.
تلقى عبدالفتاح السيسى الدرس الأول قبل أن يقسم اليمين الدستورية. عليه أن يختار فريقاً قادراً. لا يمكن أن يقوم بكل شىء وحده. لا يمكن الاعتماد على الشعبية وحدها فى إدارة الأمور. هو بنى استراتيجيته على حب الناس. الحب ينفد. العلاقة مع الناس لابد أن تكون ناضجة. تقوم على المصلحة. تقوم على المنفعة. هذا رجل يمكنه تحقيق الأحلام. لكن الأحلام لابد أن تكون معقولة. الأرقام لابد أن يكون لها سقف. التطلعات لابد أن تكون مجدولة. الأحلام يجب أن تكون قريبة من الأرض.
قال الناخبون إنهم مطمئنون. هذا فى حد ذاته رصيد لعبدالفتاح السيسى. لكن لا يمكن الاعتماد عليه. لابد للرصيد أن يتغذى. لابد للاطمئنان أن يكون مقروناً بواجبات. الحب الشعبى لا يكفى لإدارة دولة. المشاعر لا تطعم البطون. العواطف لا تذهب بالناخبين إلى صناديق اللجان. الإدارة سياسة وبرامج. الإدارة ليست مجرد سلطة تقول للأمر كن فيكون. السلطة لابد أن تسوس الناس. للسياسة أدواتها.
