أخبار عاجلة

أهلا بكم في برنامج «مفيش برنامج» مع عبد الفتاح

في مختلف أنحاء العالم يقوم أي مرشح للإنتخابات الرئاسية بطرح برنامج إنتخابي واضح يتضمن رؤيته للدولة في عهده ومشاريع وقوانين سيسعي ليقوم بتنفيذها حال فوزه بالإنتخابات.

ليس هذا فقط، بل يقوم أيضا أي مرشح للإنتخابات الرئاسية بعمل جولات إنتخابية في أنحاء البلاد ليتفاعل مع المواطنين وجها لوجه كي يقنعهم بلماذا هو المرشح الأنسب لهم، كما يقوم بعرض برنامجه الإنتخابي عليهم ليفتح الباب للنقاش حوله كي يتمكن الناخبون من إختيار المرشح الذي يناسب رؤيتهم السياسية.

إلا في .

"أحب أوضح نقطة صغيرة مافيش حاجة إسمها برنامج, فيه دستور كلنا استفتينا عليه والحمد لله كان الإقرار بيه بنعم" هكذا جاء رد أحمد عادل عضو المكتب السياسي لحملة المشير الرئيس عندما تم سؤاله عن التعليم في برنامج , وأضاف "أسهل من البرامج مافيش, أهم حاجة الراجل إللي يقود المرحلة ويكون الفعل ذات نفسه".

الراجل الذي سيقود المرحلة لسان حاله هو: "من النهاردة مافيش برنامج, أنا البرنامج" وهذا للأسف هو الواقع الأليم, فشعبوية المشير الرئيس قائمة علي حشد كراهية معظم فئات الشعب لتيار سياسي بعينه وفي الوقت ذاته يتم إستخدام الكثير من آليات الخطاب السياسي لهذا التيار. فالمطروح من برنامج المشير الرئيس حتي الأن هو القيام بتنفيذ مشاريع ضخمة تحقق "قفزة" في الإقتصاد المصري (قفزة, نهضة, شكليات) ولكن هذا لن يحدث إلا بتعاون من أشقائنا العرب (تاني) وأن يقوم المواطن المصري بالترشيد من نفقاته والتقشف (نأكل رغيف واحد أو نجلس في غرفة واحدة) وأخيرا أن يقوم المصريون في الخارج بالمساهمة مع بلدهم (أنا سمعت الكلام ده فين قبل كده؟).

"انا مش قادر أديك" قالها المشير الرئيس في أحد حواراته التليفزيونية, وهذه الجملة تلخص النهج الإقتصادي من ملامح "برنامج" السيسي. فهو لا يستطيع أن يعطي المواطن أي شئ ولكن في المقابل يتوقع من المواطن أن يعطيه كل شئ كالمساهمة بالأموال أو العمل أكثر بمقابل أقل لصالح الوطن. الشق الثاني من هذا "البرنامج" هو الحشد عن طريق إستخدام خطاب وطني يستسيغه جموع الشعب العاطفية الغير عقلانية من نوعية أن إرادة المصريين هي عصاتي السحرية لحل مشاكل الوطن.

الطريف والمحزن في آن واحد أن بعض القائمين علي حملة المشير الرئيس أعلنوا أن السيسي لن يقوم بطرح برنامج إنتخابي وهذا كلام نهائي, وأنهم سيكتفوا في الوقت الحالي بما يتم طرحه من "رؤي وأفكار" في اللقاءات والإجتماعات التي يقوم بها السيسي.

هل يوجد في السياسة "كلام نهائي"؟ السياسة متغيرة دائما ولا يوجد بها شئ نهائي, فالأوضاع تتغير ويتغير معها "الرؤي والأفكار" السياسية بطبيعة الحال. وكان الأسهل أن يقوم القائمون علي حملة السيسي بطرح برنامج -أي برنامج- لأنه "أسهل من البرامج مافيش" -علي حد تعبير عضو حملته- وكان مريدين السيسي سيقومون بالتهليل لهذا البرنامج كأنه أعظم شئ في الدنيا ثم يتم تناسيه بعد ذلك كعادة الوعود الإنتخابية, أو كما قال صديق لي يقوموا بإعلان أنه "زي مالحب بييجي بعد الجواز, فالبرنامج بييجي بعد الإنتخاب".

مايلي "صورة تعبيرية":

يدخل المشير الرئيس إلي المسرح وسط تصفيق حاد من الجمهور المنتقي بعناية لحضور مثل هذا الحدث العظيم, ينظر للجمهور نظرة حانية أثناء مشيه بثقة نحو المكتب في وسط المسرح ثم يجلس علي الكرسي ذو الظهر المرتفع.

يقوم المشير الرئيس بالإستناد بكوعه علي المكتب ويضم كفيه أمام وجهه لتظهر الساعة في يده اليسرى ثم ينظر للجمهور فتصمت الهتافات والصافرات المشجعة فالجميع ينتظر تلك اللحظة التاريخية التي سيتحدث فيها المشير الرئيس إلي مؤيدين له مباشرة وليس عن طريق الفيديو "كونفرانس".

ينظر المشير الرئيس إلي اللاشئ ويصمت للحظات, فهو يتعذب في كل مره يتضطر فيها إلي الحديث لإن كلامه يجب أن يمر علي "فلاتر" الحق والصدق والأمانة ورضاء الله.

وأخيرا بعد عدة ثوان من السكوت جاءت العاصفة, ينظر المشير الرئيس إلي الجماهير العريضة ويقول ببطء "أهلا بكم في برنامج "مفيش برنامج"" لتتعالي مرة أخري الصيحات والصافرات المؤيدة والتصفيق الحار المدوي ويظهر في خلفية الجمهور صوت جهوري يقول "إييييييييييه يا دين النبي إيه الحلاوة ديه!".

SputnikNews