أخبار عاجلة

القطاع العام.. لا يضمن العدالة الاجتماعية

لن أذكر اسم هذه الشركة. هى مثال من القطاع الخاص. ذكر اسمها قد يضيع المعنى الذى أقصده. دفعت الشركة هذا العام مبلغ ٣٥٠ مليون جنيه للضرائب. دفعت الرقم الأعلى فى زمن التهرب وعدم الانضباط. الشركة الخاصة يمتلك المال العام فيها ما لا يقل عن أربعين فى المائة. المال العام حقق من خلال هذا العمل الخاص فائدتين: الأولى هى تحقيق الأرباح التى استفاد منها، والثانية هى الضرائب التى استفاد منها كذلك. الشركة الخاصة التى أتحدث عنها رائدة فى مجالها، ويعرفها الجميع.. صاحبها سياسى سابق.

الشركة العامة المناظرة- أى تعمل فى نفس المجال- تحظى بسمعة تاريخية. نصيبها فى السوق متدهور. تم تصوير الأفلام داخلها منذ بداية الستينيات. تسويقها ضعيف جدا. تغنى لها المطربون، وعزف لها الملحنون. العمال فيها لا يجدون رواتبهم. كتب الشعراء فيها الأبيات زجلاً وكلاماً موزوناً. مضطرة لأن تدفع لها بعض ديونها لكى تستقر. الكاميرات تصور أفرانها وعمالها يمسحون جباههم. نسبتها فى التصدير قد لا تذكر. لم تعقد دورة تدريبية لرفع كفاءة العمال. خسائرها نزيف من خزانة المال العام. لكى تصمد دون أن تربح يجب أن تدفع الحكومة مبالغ طائلة.

لا أريد اليوم أن أتكلم مرة أخرى عن أضرار القطاع العام. أهمية القطاع الخاص. أريد أن أصل إلى فكرة مختلفة. القطاع العام لا يضمن العدالة الاجتماعية. القطاع الخاص قد يكون هو ضمانة أكبر للعدالة الاجتماعية. شركة خاصة تدفع الضرائب بهذه الأرقام الضخمة. تمول بذلك مشروعات عديدة. أنشطة مختلفة. خدمات يحتاجها الكثيرون. هى فى ذات الوقت ترعى عمالها. توظف المئات. إن لم يكن الآلاف. ترفع عبئاً عن كاهل المجتمع. تفتح بيوتا كما يقول المصريون. تمنع بطالة. ترفع مستوى كفاءة. تضيف للناتج القومى. هذا العائد كله يصب فيما تطلبه العدالة الاجتماعية.

فى المقابل: شركة قطاع عام. لا تضمن صحة عمالها. لا تضمن لهم الراتب فى نهاية الشهر. لا تدفع ضرائب. مديونة لشركات الطاقة بكل أنواعها. الموردون لا يقبضون فواتيرهم. عمالها يضربون، ويقطعون الطريق. لا يمكن أن تضمن عوامل البيئة بنفس الكفاءة. تزعج رئيس الوزراء من وقت لآخر. مطلوب منه أن يخصم من بند يستحقه الآخرون لصالح بند يؤدى إلى تسكين المضربين. عليه أن يسدد ديون الشركة لكى تتحرك. إصلاحها يحتاج لتمويل بحجم محيط واتساع الكرة الأرضية. هل هذا النموذج يضمن العدالة الاجتماعية؟ أليس هذا النموذج يخصم من العدالة الاجتماعية؟

كما قال رجل مرموق «القطاع العام قفل مصانعه فى الاتحاد السوفيتى والصين وأوروبا الشرقية، ولايزال وكلاؤه يعملون فى بنشاط يحسدون عليه».

لهذا فإن أنماط التفكير السائدة ليست صحيحة. قوالب. جمود. لابد من مراجعة كل ما هو ثابت بخصوص الثقافة الاقتصادية المصرية. الثقافة الاجتماعية والسياسية. شركات القطاع العام عبء حقيقى على العدالة الاجتماعية. لا أستثنى منها شركة واحدة. ببساطة لأن أغلبها غير ناجح. اللهم إلا الشركة التى كان يرأسها رئيس الوزراء إبراهيم محلب. وهى فى الأساس قطاع خاص. ورغم نجاحها الحالى تحتاج إعادة تقييم. ويلزمها إعادة نظر.

newton_almasry@yahoo.com

SputnikNews