أخبار عاجلة

«جابر» الذى فقد عقله وقدميه فى الحرب: «آخرة خدمة البلد علقة»

«جابر» الذى فقد عقله وقدميه فى الحرب: «آخرة خدمة البلد علقة» «جابر» الذى فقد عقله وقدميه فى الحرب: «آخرة خدمة البلد علقة»
«بقالى 30 سنة تحت الشجرة وربنا بيبعتلى رزقى وما جُعتش ولا طقة»

كتب : حازم الوكيل ومروة مرسى منذ 24 دقيقة

ربما يكون الشارع وجنباته أحنّ على الإنسان من بنى جنسه، وربما يروّض الشتاء برده المتمرد رحمة بمن لا يجد مأوى له.. على رصيف شارع النبى دانيال فى محطة بميدان الشهداء، ينام إبراهيم جابر، أحد المحاربين فى صفوف الجيش المصرى بعد أن فقد ساقيه فى حرب أكتوبر 1973، وتنتابه من آن لآخر نوبات عصبية، تغيبه عن عالم الواقع بسبب تعرضه لإصابة فى رأسه أثناء الحرب. 30 عاما قضاها «جابر» جالساً فى تلك المنطقة لم يبرحها تخرج فى المرحلة الثانوية بمدرسة باكوس وعمل مع والده فى مجال خراطة الحديد فى عام 1970.

التحق بالقوات المسلحة، وشارك فى أواخر فترة حرب الاستنزاف ضد المحتل الإسرائيلى فى ذلك الوقت، ثم شارك فى نصر 73؛ حيث كان ضمن عساكر المشاة، وشارك مع زملائه فى معركة «الثغرة» الذين أنقذوا المصريين من ضياع النصر فى لحظاته الأخيرة.

يقول «جابر»، الذى يتمكن من التحدث لدقائق قليلة، ثم تعقبها ساعات من «الهذيان» يطلق فيها الشتائم والسباب لكل من حوله: «آخرة خدمة البلد علقة، أنا كنت شاب بصحتى وزى الفل، وفى الحرب اتعرضت لإصابات متعددة وبُترت قدماى، وحدث تلف وضمور فى أجزاء من المخ، وتلقيت العلاج اللازم وقتها، لكنى بعد خروجى من المستشفى وجدت أبى وأمى توفيا، وواجهت الحياة وحيداً».

«محمود»: «فى عرف مين راجل فقد ساقة فى الحرب تكون نهايته متسول فى محطة مصر»

وأضاف «جابر»، بكلمات غاضبة وحادة وسريعة: «بعد شهور قليلة ساءت حالتى الصحية للغاية وتطلب ذلك نقلى للعلاج فى مستشفى استثمارى كبير أو الانتقال للخارج، إلا أنى لم أجد من يقف إلى جوارى أو يساعدنى، بل لم أجد من يوافق على تشغيلى فى أى وظيفة تسمح بها ظروفى الصحية بساقىّ المبتورتين واللوثات الدماغية التى تفاجئنى من حين إلى آخر».

وتابع، والبكاء يغلب صوته: «منذ ذلك الحين تحولت من شاب مفعم بالصحة والعافية والحماس والذكاء إلى متسول فى الطرقات، وأخذت من تلك الشجرة الصغيرة على أحد أطراف ميدان الشهداء مأوى لم أغادره مهما كانت الظروف»، مضيفاً: «ربنا بيبعتلى رزقى لغاية عندى علشان مفيش أرحم منه أبداً وبقالى هنا أكتر من 30 سنة ما جُعتش ولا طقة، كل ما أجوع يعدى حد من اللى بيحبوا الخير ويدينى أكلى وشربى، ربنا كبير أوى». ويقول عم محمود، بائع جوارب يجاور إبراهيم جابر فى رصيفه منذ أكثر من 12 سنة: «الراجل ده علامة من علامات يوم القيامة، رغم عطائه، الناس تنكرت له وتركوه يشحت ويمد إيديه، بس برضه اللى خلقه ما نسيهوش».

وأضاف «محمود»: «فى عرف مين رجل فقد ساقيه وعقله فى حرب أكتوبر، وتكون آخرته متسول فى محطة مصر، وما حدش يسأل عليه؟ رغم إن ليه أخت متزوجة وتعرف مكانه لكن ما بتسألش عنه».

DMC