أخبار عاجلة

«مدد يا بدوى»

«مدد يا بدوى» «مدد يا بدوى»
السياسة تسيطر على احتفالات آلاف المصريين بـ«الليلة الكبيرة»

كتب : أحمد فتحى ورفيق ناصف تصوير : ماهر العطار منذ 26 دقيقة

هروب من الواقع إلى عالم افتراضى جميل ملىء بالروحانيات والكرامات والحب للنبى «صلى الله عليه وسلم» وأتباعه وأوليائه.. إنه مولد العارف بالله سيدى أحمد البدوى الذى يشتاق المصريون من محبى آل البيت وأتباع الطرق الصوفية إلى إحياء ذكراه كل عام لمعايشة تلك الروحانيات العالية، بعيداً عن المشاكل اليومية، وتقرباً إلى الله باحترام أوليائه والاحتفال بذكراهم. احتفل المصريون و67 طريقة صوفية، أمس الأول، بالليلة الختامية لمولد العارف بالله السيد البدوى، فى أجواء فَرِحة، غابت عن مدينة طنطا، عاماً كاملاً أثناء حكم الجماعة المحظورة، وانتشرت خيام الطرق الصوفية والمريدين فى ساحة الميدان المواجه للمسجد وباقى الساحات المحيطة، إلا أن فرحة انتصار الجيش على حكم الاستبداد جعلت فرحة المولد فرحتين، فسيطرت على الاحتفالات الأجواء السياسية، وانتشرت صور الفريق السيسى والزعيم جمال عبدالناصر والرئيس الراحل السادات، على واجهات الخيام وفى أيدى الباعة الجائلين. وعلت أصوات المداحين فى أنحاء الميدان ينشدون القصائد الدينية، ولأول مرة يمدحون الفريق السيسى بأغانٍ كتبوها خصيصاً، ورددها آلاف من المريدين والمتصوفة، كما علت أصوات مكبرات الصوت بالأوبريت الشهير «تسلم الأيادى»، وغلبت الأحاديث السياسية على ما عداها فى أروقة الخيام، وانتشرت لافتات التأييد للجيش المصرى ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى.

كرنفالات استعراضية وحلقات ذكر بمشاركة 67 طريقة صوفية.. وأناشيد للجيش والشرطة

فى مشهد سنوى، يعتاد الصوفيون ومحبو آل بيت النبى على التقرب من أهل بيت رسول الله وأوليائه الصالحين، بالتوافد من محافظات الدلتا والقاهرة الكبرى وصعيد للمشاركة فى احتفالات مولد العارف بالله شيخ العرب «السيد البدوى»، حيث يلتف الملايين من المواطنين ورواد المولد فى حلقات الذكر مرددين هتافات التهليل والتكبير «مدد مدد يا رسول الله.. مدد يا شيخنا.. يا حبيبنا يا بدوى.. يا كبيرنا».

إقامة مولد البدوى كل عام ساعدت فى ربط الشمال المصرى بجنوبه، حيث إن كثيرا من أهل الصعيد لا يزورون الوجه البحرى إلا فى موعد إقامة مولد البدوى، وعندما ينتهى يذهبون إلى دسوق للاحتفال بمولد الدسوقى، ويقام للبدوى احتفال آخر يعرف بالمولد الرجبى، ويقام فى النصف الأول من شهر أبريل من كل عام، ويقام لمدة أسبوع ولم يلتفت المريدون إلى خطر إرهاب جماعة الإخوان المسلمين وأنصار المعزول وصعوبة الانتقال وعناء السفر أثناء حظر التجول.

وتنطلق احتفالات المولد بطول شارع تصل مساحته إلى 10 آلاف متر مربع بداية من منطقة ميدان المحطة حتى مبنى المسجد الذى يقع به المئات من المحال التجارية التى خصصت لبيع حمص الشام والحلوى، إضافة إلى الباعة الجائلين الذين يبيعون لعب الأطفال ولوحات ومطبوعات الذكر وصور ولافتات الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، والزعماء العرب وغيرهم.

اختلف الاحتفال هذا العام حيث شهدت مراسم الليلة الختامية، أمس الأول، سلسلة من الأفراح والزغاريد وكلمات التواشيح الدينية التى ألقاها الشيخ «ياسين التهامى» فرحا بالليلة الكبيرة كما ردد الآلاف وهللوا فى نفس واحد هتافات أوبريت «تسلم الأيادى» تأكيدا على دعمهم لثورة 30 يونيو ودعمهم للفريق «السيسى» واللواء «محمد إبراهيم»، لتأييد الجيش والشرطة وخارطة المستقبل فى المرحلة المقبلة وذلك بتعليق لافتات لقادة الجيش والزعماء العرب بساحة فناء مسجد البدوى، وامتدت طوابير المواطنين بطول شارع التجارى لمئات الأمتار ولم يختلف الوضع كثيرا داخل أركان وساحات المسجد من الداخل.

وقال الشيخ حسين وهدان، 46 سنة، أحد أئمة ومشايخ المسجد البدوى: إن المسجد تم ترميمه وإجراء عدة تحديثات به قبل عام 2008م حيث أجريت عدة توسعات به وتمت إضافة مجموعة من الآثار الدينية به منها مسبحة بطول عشرة أمتار وبها ألف حبة، وصنعت من خشب العود والعنبر، وتفوح منها رائحة المسك، لافتا إلى أن مولد السيد البدوى يعد من أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر، وتحتفل به 67 طريقة صوفية. ويقام فى منتصف أكتوبر من كل عام بعاصمة المحافظة الكائن فيها ضريحه بمسجده الشهير، ويقام لمدة أسبوع وسط إجراءات أمنية مشددة وتعاون غير مسبوق مع الجهات التنفيذية بالمحافظة.

وأضاف «وهدان» أنه قبل ثورة 30 يونيو فى السنة الماضية شهدت احتفالات المولد توافد قرابة أكثر من 2 مليون زائر للمولد على الرغم من الشائعات التى روجها أنصار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وعدد كبير من ممثلى وقادة الفكر السلفى المتشدد بالتهجم على أضرحة شيخ «العرب» إلا أن المريدين لم يلتفتوا إلى ذلك وجاءوا للمشاركة فى فعاليات الاحتفالات تشجيعا للسياحة الدينية، موضحاً أن المسجد لديه 6 صناديق للنذور تم توزيعها على ضريح الكبير سيدى «أحمد البدوى» وبجواره أضرحة سيدى عبدالعال وسيدى عبدالرحمن وسيدى نور الدين وسيدى أحمد حجاب وسيدى مجاهد، مبينا أن سبب حرص المريدين على التوافد إلى المولد هو رؤية آل بيت رسول الله والتقاؤهم مع أحبابه والوفاء بنذورهم، موضحاً أن أموال صناديق النذور يخصص جزء منها للإنفاق على دروس العلم والباقى يوزع للمحافظة وهيئة الأوقاف ووزارة المالية وغيرها وفق بروتوكول تعاونى.

المريدون يتحدون «إرهاب المحظورة» بـ «تسلم الأيادى» وأغنية «يا سيسى أمرك يا سيسى»

وبين إمام المسجد البدوى أن دورنا كدعاة إزالة الجهل من عقول بعض المتصوفين ونقلهم إلى التدين الصالح بالحكمة واتباع نهج الدين الوسطى لمواجهة خطر السلفيين الذين يهاجمون أهل البيت بما لا يجوز، حسب قوله، مراهناً على دور الأزهر كمنارة للعلم، وأن الوافدين إلى ساحة البدوى يتمنون أن ينالوا مودة أبناء رسول الله وثواب صلة الرحم بهم واكتساب المزيد من الخشوع والتقرب إلى الله وانتهاج صالحات أعمالهم وخير أمة رسول الله ومقدساتها، خاصة كونهم لهم منازل المجاهدين.

وتحدث «وهدان» عن قيام أحد الشباب المنتسبين للدعوة السلفية قبل ثورة 30 يونيو بنحو أقل من عام، يرتدى جلبابا أبيض اللون ويحمل مطرقة بيده وتوجه إلى أحد الأضرحة محاولا هدمه، ولكن سرعان ما تدخل المصلون بالمسجد ومنعوه وسلموه إلى الشرطة، مفسرا تلك الواقعة بأن الشاب نشأ على دعوة الخطاب الدينى المتشدد وليس الرشيد فى البحث عن الجانب الأخلاقى وتطبيق الشريعة والدين الوسطى ومبادئهم.

واختتم «وهدان» حديثه عن مواجهة خطر المد الشيعى قائلا: «أنصار الفكر الشيعى يخططون للإطاحة بالفكر الإسلامى الوسطى عن طريق شراء شباب السنة بالمال والنكاح ولكن لم ينجحوا فى ذلك كون وسطية الدين الإسلامى ركيزة فى نفوس روادها لنحو أكثر من 1400 عام تخللتها عصور المماليك والعباسيين والدولة الأموية وغيرها».

«الوطن» التقت «محمد عبدالله»، أحد المريدين من محافظة أسوان بصعيد مصر، الذى أكد على حضوره المولد لنحو أكثر من 20 عاما متواصلة كى يتقرب من الله الذى لا يخشى غيره ومعه عباده الصالحين، مبينا أنه عانى معاناة أليمة كادت أن تصل إلى حرمانه من المشاركة فى مولد هذا العام بسبب توقف حركة القطارات وصعوبة انتقاله باستقلاله أتوبيسا خاصا وبرفقته زملاؤه من الوافدين للاحتفال بالمولد.

وأضاف المهندس أحمد إبراهيم، أحد المنتسبين إلى الأشراف، أن إقبال المواطنين على الاحتفال بمولد هذا العام تأثر بالظروف الأمنية التى تمر بها الدولة وغلاء الأسعار وصعوبة المواصلات، مبينا أنه لم يخش خطر إرهاب جماعة الإخوان المسلمين وأتباع الدعوة السلفية المتشددة وحرص على الحضور للمولد الأحمدى منذ أن كان عمره 14 عاما.

«سيدنا النبى وسيدنا الحسن والحسين ويا سيدنا على ويا سيدى النبى ما تسبش دعوة المظلوم منا ومحدش فينا بقربك راح يبقى فينا محروم» بتلك الكلمات رددتها إحدى المريدات وتدعى «منى سمير»، 45 سنة، من منطقة السيدة زينب بمحافظة القاهرة، ودعت للفريق عبدالفتاح السيسى وهى تقترب من إحدى نوافذ الضريح وتقول: «يعطيه الله وينصره زى ما أنقذ مصر من خطر الإخوان»، مضيفة أنها حرصت على أن تلتقى بزملائها من المريدين بصفة مستمرة للمشاركة فى تواشيحهم وحلقات الذكر كى يتمتعوا ويتمكنوا من اجتياز امتحان لقاء صاحب المولد ومرشده «الأحمدى».

كما استكملت: «إننى تعودت أن أشارك فى احتفالات مولد السيد البدوى وتقديم نفحات إلى مريديه أهمها «قطع من العيش والكمون والفول النابت وأرز باللبن وعصائر وقرص وحلويات».

أما منطقة سارى المولد بمنطقة سيجر والتى بلغت مساحتها قرابة 20 فدانا كى تستوعب المئات من خيام مشايخ الطرق الصوفية الذين أتوا من كافة أنحاء الجمهورية كما ضمت عددا من الحدائق والمتنزهات وألعاب الملاهى التى قصدتها الأسر والعائلات وأطفالهم للاحتفال بالمولد وشعائر الابتهاج بها.

إمام المسجد: شاب سلفى حاول هدم الضريح بمطرقة ودورنا تعليم «الوسطية» لمواجهة خطر السلفيين

ورصدت كاميرا «الوطن» تسجيلات وصورا ومقاطع لعدد من الخيام التى ردد فيها الموجودون بها من المريدين والمتصوفين هتافات وأغانى «يا سيسى أمرك يا سيسى فوضناك يا سيسى وكلنا وراك ولا لا لإرهاب الإخوان» بتلك الكلمات أراد المشاركون فى الحفل الوفاء والعرفان لدور الجيش والشرطة فى دعم ثورة 30 يونيو والإطاحة بخطر حكم الإخوان.

DMC