الجاليات المصرية

وسط غيوم وأمطار العاصمة البريطانية لندن كان حديث المصريين المقيمين هنا مشرقاً مليئاً بالأمل فى مستقبل أفضل لمصر من خلال دستور الثورة، الذى تعكف لجنة الـ50 على صياغته الآن، والذى ينتظر أن تنجزه خلال شهر تقريباً.

قالوا لى: إننا نعانى منذ سنين من إهمال الدولة الأم، ونتطلع الآن لأن يسمح لنا الدستور الجديد بالمساهمة فى رخاء وتقدمها، صحيح أننا نعيش خارج البلاد لكن أقاربنا وأصدقاءنا مازالوا فيها، ومصر مازالت بداخلنا جميعاً.

قلت: لقد كان لكم دور عظيم فى الثورة، والمظاهرات التى قمتم بها والرسائل التى أرسلتموها للمسؤولين والإعلانات التى نشرتموها فى الصحف كان لها تأثير كبير فى توضيح الصورة، وفى تأكيد شعبية ثورة 30 يونيو و25 يناير من قبلها، كما أنكم تصديتم لمن أرادوا تصوير المصريين فى الخارج وكأنهم جميعاً من أتباع جماعة الإخوان التى أسقط الشعب حكمها للبلاد بلا رجعة، ودستور الثورة لا يمكن أن يغفل حقوقكم الطبيعية، فنحن نتطلع لتنشيط هذا الدور فى المرحلة المقبلة، لأن مصر بحاجة لسواعد أبنائها الذين يقيمون خارجها، فهم يمثلون قوة مضافة لها.

وقلت: لقد نص الدستور لأول مرة فى مسودته الجديدة على حقوق المصريين فى الخارج، وهو ما سيسمح للقانون بأن يضع ذلك موضع التنفيذ، وأعتقد أن الدولة الجديدة، التى يضع الدستور الآن أسسها، ستشهد بلا شك ارتباطاً وثيقاً بين مصر وأبنائها فى الداخل والخارج معاً، فإهمال الدولة كان يطال الاثنين.

وضربت مثلاً بالجاليات اليهودية خارج إسرائيل، خاصة فى الولايات المتحدة، حيث تتمتع بقوة تأثير هائلة، وكثيراً ما تقدم لإسرائيل خدمات تعجز حكومتها عن تقديمها، وأذكر أن الرئيس الأسبق جيمى كارتر أراد ذات مرة ممارسة بعض الضغط على إسرائيل، لدفعها لقبول بعض التنازلات للجانب الفلسطينى، فعطل بعض المعونات التى كانت مقررة، فما كان من الجالية اليهودية إلا أن سارعت فيما بينها بجمع مبلغ يعادل المعونة الرسمية الأمريكية وبعثت به على الفور إلى إسرائيل.

ولا شك أن التأييد المعنوى والتأثير الفاعل على صانع القرار الأمريكى أهم من التأييد المادى، وهو ما برعت فيه الجاليات اليهودية ليس فى الولايات المتحدة فقط، وإنما فى مختلف دول العالم، فلماذا لا نكون لمصر مثل هذه القوة؟

ولقد وجدت رغبة أكيدة لدى كل من قابلتهم من المصريين هنا فى لندن لخدمة الوطن الأم، ومصر ستحتاج بلاشك أبناءها جميعاً فى المرحلة المقبلة سواء كانوا يقيمون على أرضها أو خارجها.

msalmawy@gmail.com

SputnikNews