أبعاد الاتفاق السعودي الإيراني.. هل تشعر المملكة بجدية طهران؟

التقت قوتان إقليميتان كبيرتان ومؤثرتان في مجريات الشؤون الإقليمية والدولية، على طرفي نقيض، وإيران، على طاولة المفاوضات في بكين خلال الفترة من 06 إلى 10 مارس 2023، ووقع رئيسا وفديهما البيان المشترك، الصيني - السعودي - الإيراني، في 10 مارس 2023، لتدشين بداية مرحلة جديدة بين كبريات القوى الإقليمية، السعودية وإيران، لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وذلك بعد صراع محتدم وقطيعة ممتدة دامت 7 سنوات، ألقت بظلالها على كل القضايا العالقة بالمنطقة، وعلى حالة السلم والأمن الإقليميين، وكذلك بعد استضافة بغداد 5 جولات من المحادثات عادت الوفود خلالها أحيانا خالية

الوفاض، وإن ظلت المواقف الرسمية إيجابية من دون العبور نحو مرحلة تحدث اختراقا، لتأتي الوساطة الصينية وتضع أساسا لانطلاقة جديدة في علاقات الطرفين الأمنية والسياسية والاقتصادية.

تساؤلات حول الاتفاق

وتناول تقرير حديث أعده المعهد الدولي للدراسات الإيرانية "رصانة" عدة تساؤلات حول الاتفاق التاريخي الكبير الذي حظي بردود أفعال إقليمية وعالمية ويحظى بأهمية بالغة الدقة، ومن هذه التساؤلات: هل هذا تحول في المواقف الاستراتيجية الإيرانية عند قبول الاشتراطات السعودية؟ أم أنه تحول تكتيكي لاعتبارات تتعلق بالظروف الداخلية والخارجية الضاغطة على إيران؟ وما العوامل الحاسمة التي دفعت المملكة للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع طهران، بل والقبول بعودة العلاقات الدبلوماسية؟ ثم ما التداعيات المحتملة ومكاسب الأطراف من الاتفاق على الصعيد الداخلي للجانبين وعلى المستويين الإقليمي والدولي؟ وما أبرز المواقف وردود الأفعال الداخلية والإقليمية والدولية؟ ثم ما مستقبل ومآلات الاتفاق؟

أبعاد الاتفاق الدبلوماسي السعودي- الإيراني

1. خلفيات ومرجعيات الاتفاق

قاد ملف مفاوضات الاتفاق من الجانب السعودي عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن القومي مساعد بن محمد العيبان، ومن الجانب الإيراني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وللشخصيتين وزنهما وثقلهما لدولتيهما. وحضره من الجانب الصيني كبير الدبلوماسيين الصينيين وعضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني رئيس مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية وانغ يي، ما يعكس تأكيدا للجانب الأمني للمملكة واهتماما سعوديا بالغا بالملف الأمني السعودي.

قد لا يكون الإعلان مفاجئا في دهاليز الدبلوماسية الإقليمية والدولية، فالسعودية وإيران بالفعل بدأتا بحلول عام 2021 في الانخراط في محادثات مباشرة منخفضة المستوى، تناوبت على استضافتها كل من العراق وسلطنة عُمان، وتناولت المحادثات التي بدأت في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، سبل تخفيف التوتر بين عاصمتي الدولتين، واستئناف العلاقات الدبلوماسية وتسوية الخلافات الناشئة عن دور إيران في عدد من ملفات التدخل الإيراني الإقليمي.

ورافقت الجولة الخامسة والأخيرة، التي عقدت في بغداد أجواء إيجابية ورسائل متبادلة من أجل حلحلة بعض القضايا العالقة. ما حققته الصين على مستوى المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران لم يكن وليد اللحظة، إذ جاء بعد سلسلة من المحاولات منذ سنوات، قامت بها بكين في هذا المسار، ففي مارس عام 2017، أعلنت الصين استعدادها للتوسط بين الجانبين في مبادرة من جانبها، ومن ثم أعادت الكرة عام 2019، وفي 2022 عقدت الصين ودول خليجية قمة شهدت دعوة بكين لطهران إلى «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

وهو ما شكل انزعاجا إيرانيا ودافعا لقيام رئيسها بزيارة لبكين من أجل التأكد من موقف بكين تجاه إيران، وشكل أيضا دافعا للمضي قدما في المصالحة بين الأطراف.

يذكر أن هذا الاتفاق سبقه اتفاقيتان وقعتا سابقا بين الطرفين عامي 1998 و2001، الأولى تتضمن عودة العلاقات والتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، وهي الموقعة حسب البيان المشترك، والثانية تتناول ترتيبات وتعاونا أمنيا بين الطرفين.

2. مضمون الاتفاق ودلالاته

في قراءة في أهم بنود االتفاق، قال معهد رصانة إنه يتضح أمران، يشكلان بمجملهما أرضية ثلاثية مشتركة من الممكن البناء عليها وتطويرها وتفعيلها لإنجاح مستقبل العلاقات السعودية- الإيرانية، وإيجاد حلول جذرية لملفات الخلاف والتباعد المكدسة: الأول، يتعلق بتعهدات متبادلة بين الطرفين، وهي تشمل ما كانت الرياض وباقي دول المنطقة تسعى إليه من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادة الدول، وحسن الجوار بين دول المنطقة. تسعى أطراف الاتفاق بذلك لإعطاء إعلان استئناف العاقات بين الرياض وطهران جدية ومصداقية، باعتبار أن الخلافات بينهما والشكاوى السعودية بشكل خاص ارتبطت في غالبيتها بممارسات إيرانية غير مقبولة في هذا الشأن، ويبقى التساؤل القائم حول التفسير الإيراني لهذا البند غير واضح، وما إذا كانت ستقصر تدخلها في شؤون المملكة عن طريق اليمن، أم أن الأمر يتعلق بسلوك دولتها في مجمله، بما في ذلك سلوك ميليشياتها المذهبية المنتشرة في المنطقة. أما الأمر الثاني، فهو إعلانات إجرائية، وتتضمن إعادة العاقات الدبلوماسية وفتح السفارتين في طهران والرياض والقنصليتين في مشهد وجدة خلال مدة أقصاها شهران، وهذه المهلة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية يمكن قراءتها في ضوء منح فرصة زمنية مناسبة لامتحان إيران قبل استئناف العاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وسيكون سلوك إيران خارج حدودها موضع مراقبة دقيقة خلال هذه المدة الممنوحة من الأطراف الثلاثة.

بجانب ذلك، جرى الاتفاق على إعادة تفعيل الاتفاقية الأمنية والتجارية والاقتصادية بين الدولتين، التي وِّقعت عامي 1998 و2001، قبل أن تجمد تلك الاتفاقات جراء تنامي حالة التوتر التي سادت علاقات الجانبين خال السنوات الأخيرة.

ولاستئناف الاتفاق الأمني الموقع بين الجانبين أهمية خاصة، باعتبار أن أغلب الخلافات بينهما ترتبط بقضايا الأمن القومي، وأن الأجهزة والمؤسسات الأمنية هي دائما الأكثر حذرا وترددا في فتح قنوات اتصال سياسية قبل الاطمئنان للنيات والأفعال من خلال اتخاذ خطوات محددة وملموسة، ومن ثم يوفر تفعيل الاتفاق الأمني ثقلا سياسيا لإعلان استئناف العلاقات ودعم المؤسسات الوطنية المحافظة والمتحفظة له.

ومن المؤشرات الهامة في هذا الاتفاق أن الحوار السعودي- الإيراني، واتفاق الطرفين على استئناف علاقتهما الدبلوماسية، جريا خارج المنطقة، وبالتحديد في العاصمة الصينية بكين، على عكس الحوارات الأخرى الممتدة منذ عام 2021 التي جرت في بغداد أو مسقط.

وتأتي الاستضافة الصينية لهذا الاتفاق ارتكازا على عدة أمور، ولكن بمجملها قائمة على المصلحة الصينية بالدرجة الأولى والمتعلقة بالأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط، وبالتحديد ما يتعلق بأمن الممرات البحرية وأهميتها لاقتصاد العالمي. كما تجب الإشارة إلى أن الصين سبق أن اقترحت مبادرة من خمس نقاط لتحقيق

الأمن والاستقرار في الشرق األوسط من خلال الحوار.

العوامل الحاسمة لسرعة توقيع الاتفاق بوساطة صينية

يقول مركز "رصانة" إن الاتفاق التاريخي الكبير بين السعودية وإيران يأتي في ظل توقيت حساس ودقيق للغاية تشهده الساحتان الإقليمية والدولية على خلفية التحدي الروسي للقواعد الدولية المستقرة منذ نهاية الحرب الباردة، بإعلان الكريملن عملية عسكرية – ما زالت مستمرة- ضد أوكرانيا المحسوبة على المعسكر الغربي، واحتشاد الغرب الأوروبي والأمريكي ضد ، وكذلك الانسحابات العسكرية الأمريكية من الأقاليم الجيو-إستراتيجية التي تهم الفواعل اإلقليمية والدولية بحكم أهميتها الأمنية ومواردها الاقتصادية ومواقعها الجيوسياسية في تنفيذ مسارات وخطوط الطاقة، أبرزها الانسحاب الأمريكي من إقليم الشرق األوسط، ثم من إقليم وسط آسيا تحديدا من أفغانستان، وذلك بحثا عن تعظيم مصالحها في شرق آسيا وتطويق الصين المنافس القوي للولايات المتحدة على القيادة الدولية، وهو ما أحدث بدوره فراغا إستراتيجيا يسهم في

دفع القوى الإقليمية للبحث عن حلفاء دوليين أقوياء من ناحية، وإعادة وضع منظومات أمنية ذاتية لحماية الأمن والاستقرار من ناحية ثانية.

وفي ما يلي أبرز العوامل الحاسمة التي دفعت الطرفين إلى سرعة توقيع الاتفاق في بكين، رغم إجرائهما مفاوضات غير مباشرة استمرت قرابة عامين، وكان يجري الإعداد لتنظيم جولة سادسة ببغداد.

دوافع السعودية لتوقيع الاتفاق

قبل الحديث عن العوامل الحاسمة، لابد من الإشارة إلى العوامل العامة لتوقيع االتفاق، وهي تتمحور ببساطة حول التحول في توجهات القيادة السعودية، خلال الآونة الأخيرة، إلى مرحلة أكثر ديناميكية وانفتاحا تجاه مجريات الشؤون الإقليمية والعالمية بحكم المقدرات والإمكانات السعودية المتعددة ضمن رؤية سعودية طموحة (رؤية المملكة 2030) لتحويل المملكة إلى فاعل إقليمي مؤثر في الشرق الأوسط، بل وينقلها إلى مصاف الدول المؤثرة عالميا ويعزز مصالحها إقليميا وعالميا، وذلك ليس فقط من خلال تصحيح أنماط العلاقات الخارجية ومفهوم الشراكة والمنفعة المتبادلة، وإنما أيضا من خلال بث الرسائل بأن تحقيق الاستقلالية وتعدد البدائل والشركاء الإستراتيجيين في العلاقات الدولية يعد هدفا سعوديا إستراتيجيا، وهذا لا يعني تخليا عن الحلفاء الدوليين التقليديين، ولكن كما تسعى الدول للبحث عن مصالحها الخاصة في علاقاتها الدولية فإن للمملكة الحق أيضا في أن تبحث عن حلفاء دوليين جدد وعن تعظيم مصالحها. وفي ما يلي الدوافع الحاسمة وراء توقيع المملكة للاتفاق في هذا التوقيت:

أ. شعور المملكة بجدية إيران

ما لمسته المملكة في إيران بأنها قد تكون جادة هذه المرة، وأنها استفادت من تجربة الماضي المرير، وسنوات القطيعة السبع وتداعياتها السلبية المتعارف عليها على الداخل الإيراني، لا سيما أن المحادثات غير المباشرة بين الجانبين في بغداد قد أسفرت عن توقف أو تراجع معدل الهجمات الحوثية على الرياض، وتأييد الجانبين السعودي والإيراني لوقف إطلاق النار في اليمن، ودخول السعودية في مفاوضات مع الحوثيين بوساطة عمانية.

ب. توجه السعودية نحو سياسة «تصفير المشاكل»

تتوجه المملكة العربية السعودية تدريجيا نحو سياسة «تصفير المشاكل» لإنهاء التوترات الإقليمية القائمة وتعزيز المصالح والمكاسب السعودية الإستراتيجية، كما فعلت مع قطر وتركيا، لا سيما مع ظهور توجه عام لدى العديد من الدول في الشرق الأوسط إلى تبني وتعزيز سياسة «صفر مشاكل» لتحقيق مصالحها الإستراتيجية الخاصة كمصر وتركيا والإمارات.

ج. إدراك المملكة بتعاظم فرصها في نظام متعدد الأقطاب

الصين أحد أقطابه المؤثرة للغاية، وبدأ في الظهور خلال الفترة الماضية بعد مرحلة مخاض عسير، وهو نظام يتجه نحو التعددية، لم تقو خلاله قوة دولية بمفردها على التحكم في التأثير في مجريات الشؤون والقضايا الدولية. ويبرز هذا النظام أهمية الدول التي تمتلك سلعا إستراتيجية مهمة للتجارة الدولية، والمملكة واحدة من هذه الدول، وتريد أن ترسم لنفسها مكانا فيه بما يحفظ أمنها ويعزز مكانتها ويضمن مصالحها الإستراتيجية.

د. ثقة المملكة في الصين كضامن دولي

إذا وافقت المملكة على توقيع الاتفاق بشكل رئيسي لأن الصين قطب دولي كبير، وتمتلك من أوراق الضغط ضد إيران ما يجعلها قادرة على التأثير في إيران للاتزام بالاتفاق، فالصين بديل دولي موثوق إليران، وأحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين العضوية، ومستورد رئيسي للنفط الإيراني حتى خلال أوقات العقوبات، وأهم شريك تجاري لإيران، كما أن للصين التأثير الأكبر في القرارات االقتصادية والعضوية في عديد من المنظمات الاقتصادية الدولية الصاعدة مثل البريكس والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، كما أن الصين مزود سلاح رئيسي لإيران، وأوشكت أن تتبوأ المرتبة الأولى اقتصاديا حسب أحد المؤشرات الاقتصادية العالمية، وقلصت الفارق العسكري الكبير بينها والولايات المتحدة من حيث النوع والإنفاق العسكري، ولا يمكننا تجاهل أن دولة بحجم الصين من الصعب قبولها الدخول باعتبارها ضامنا لاتفاق كبير في منطقة جيوإستراتيجية حساسة بين طرفين كبيرين بوزن المملكة وإيران، في أول ضمانة لها وأول اختبار حقيقي لقوتها وأدوات تأثيرها في المنطقة، تقبل بإخفاقه بسهولة. للصين مصلحة في توقيع الطرفين لاتفاق لاعتبارات اقتصادية (فالدولتان مصدران أساسيان للنفط الذي يشكل العصب الرئيسي لدوران عجلة الإنتاج الصيني الضخمة، كما أن الصين بحاجة إلى الدولتين السعودية والإيرانية ضمن مساعيها لتنفيذ المشروع الصيني االقتصادي العابر للحدود «الحزام والطريق»، فالدولتان مفصليتان على الطريق)، واعتبارات سياسية (الدولتان مهمتان سياسيا للصين ضمن مفهوم الشراكة الاستراتيجية الشاملة لتعظم المصالح والمنافع المتبادلة وتعديد البدائل الدولية للنظام الدولي)، واعتبارات أمنية (إنهاء الصراع بين الطرفين يضمن سامة التجارة الصينية المارة عبر مضيقي هرمز وباب المندب الاستراتيجيين).

دوافع إيران لتوقيع الاتفاق

في الوقت الذي كانت فيه إيران مستمرة في تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية والخليجية، واستمرار ميليشياتها المسلحة في اعتداءاتها المتكررة على الأراضي السعودية، طالبت طهران من الرياض مرارا وتكرارا الجلوس إلى مائدة المفاوضات لتسوية الخلافات القائمة، وفي المقابل كانت المملكة ترفض التفاوض حتى يتم وقف الاعتداءات من المليشيا الحوثية وغير الحوثية على الأراضي الخليجية والسعودية، والتغير في الأفعال (السلوك) لا في الأقوال. وهناك عاملين رئيسيين وراء المحاولات الإيرانية المتتالية لتسوية الصراع مع السعودية:

أ. الظروف الاقتصادية الضاغطة

يأتي الاتفاق في توقيت حساس للغاية بالنسبة إلى إيران من الناحية الاقتصادية، على المستوى الشعبي والحكومي على حد سواء، نظرا إلى اجتماع عدة مؤثرات خارجية وداخلية فاقمت الوضع الاقتصادي الإيراني، بداية من إعادة فرض العقوبات الأمريكية منذ عام 2018، وتداعيات كورونا في 2020، والحرب الروسية-الأوكرانية في 2021، والاحتجاجات الداخلية على مقتل مهسا أميني في 2022. فمن ناحية يعاني الاقتصاد من تباطؤ النمو وتسرب الاستثمارات إلى الخارج، وتواجه مالية عجزا ماليا كبيرا ومتزايدا مع محدودية الايرادات النفطية، ولا تستطيع الوصول إلى كل احتياطها المجمدة بالخارج لفك ضائقتها المالية، إضافة إلى تراجع صادراتها، وتحول ميزان التجارة من فائض إلى عجز بمليارات الدولارات، ما عزز انهيار قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. ومن ناحية أخرى يكتوي الشعب الإيراني بنار التضخم منذ أكثر من عامين، ولم يستطع أي من الرئيس السابق حسن روحاني، أو الحالي إبراهيم رئيسي، مواجهته، حتى أصبح واحدا من أكبر هواجس الإيرانيين وتسبب في إيقاع ملايين الأفراد تحت خط الفقر. وأضحت هذه المتغيرات تشكل تهديدا، ليس فقط لاستقرار المجتمع، بل والنظام الحاكم بأسره، وتدفعه إلى محاولة إحداث تغييرات سياسية ضرورية قبل خروج الوضع الداخلي عن سيطرته.

ب. تداعيات حالة العزلة

تسبب قطع السعودية علاقتها الدبلوماسية مع إيران قبل نحو 7 سنوات، على خلفية الاعتداءات على المقار الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، في تعزيز حالة العزلة الإقليمية لإيران، وهو ما زاد إيران ضغطا، بل ونبذا في المنطقة العربية، إذ بلغ إجمالي عدد الدول العربية التي قطعت أو خفضت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بفعل سياساتها التدخلية المتكررة نحو 12 دولة عربية، 9 دول قطعت: السعودية، والبحرين، والمغرب، ومصر، واليمن، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وجزر القمر. و3 دول خفضت: الكويت، والإمارات - قبل أن تعيدا سفيريهما لطهران خلال 2022، والأردن)، وموريتانيا (استدعت السفير)، ما نسبته أكثر من 60% من الدول العربية، وبالتالي فالأزمة مع إيران لا تخص دولة عربية بذاتها وإنما تخص أكثر من 60% من الدول العربية، مع وضع إيران في حالة عزلة غير مسبوقة وحسابات دولية معقدة ألقت بظلالها السلبية على إيران وعلاقاتها الإقليمية وزادت عزلتها الدولية أيضا، ولذلك شكلت حالة العزلة دافعا مهما

وراء المحاولات الإيرانية المتكررة لتسوية العلاقات مع الرياض.


الوطن السعودية