أخبار عاجلة

هنا «السمطا».. احترس أنت فى «وكر السلاح والمخدرات»

هنا «السمطا».. احترس أنت فى «وكر السلاح والمخدرات» هنا «السمطا».. احترس أنت فى «وكر السلاح والمخدرات»
«عزازى»: ليبيا والسودان والصين أهم مصادر السلاح و«العادلى» حجّم تجارة السلاح

كتب : سماح عبدالعاطى ومحمود عبدالرحمن وأحمد منعم ورجب آدم منذ 20 دقيقة

بجوار اللافتة التى تحمل اسم قرية «السمطا» ركن السائق سيارته الأجرة، وقال: «اعذرونى يا أساتذة.. مش هقدر أدخل القرية دى».. سمعة نالتها، قرية صغيرة بمركز دشنا فى محافظة قنا، إنها «وكر لتجارة السلاح والمخدرات».. الهدوء الذى يغلب على شوارع القرية لا يقطعه إلا أصوات الباعة والأذان صباحاً، وصوت طلقات النار المستمر فى ساعات الليل.

عبر الدروب الصحراوية الضيقة فى حلايب وشلاتين والحدود المصرية السودانية تتدفق شحنات من الأسلحة الخفيفة والثقيلة أيضاً إلى حيث تشرف عليها بعض القبائل الحدودية، وتلعب تلك القبائل دوراً كبيراً فى عملية تهريب الأسلحة إلى عمق الحدود المصرية التى تُنقل عبر الطرق الجبلية إلى منطقة «دراو» الحدودية عبر منطقة البرانيس والدروب الصحراوية، وتتولى إحدى القبائل نقل تلك الأسلحة إلى قنا بداية من الكيلو 25 بطريق قنا الصعيد البحر الأحمر، وفى قنا تتركز تجارة السلاح فى «السمطا»، إحدى قرى مركز دشنا، التى يبيع تجار السلاح بداخلها الأسلحة لبقية محافظات الصعيد. أما «الأسلحة الليبية» فينقلها فى الغالب تجار المخدرات القدامى، بعد اختلال الوضع الأمنى بطول الحدود المصرية الليبية، ويتم نقل الأسلحة من مطروح إلى المنيا حتى وصولها عبر جبل الطارق، شمال غرب قنا، حيث يتسلمها تجار السلاح بالمحافظة. ساخراً يتحدث إسلام عزازى، ابن قرية السمطا، عن عدد من يتاجرون فى السلاح بقريته: «البلد كلها معاها سلاح، وفيه أعداد كبيرة من التجار.. فمنذ بدء الانفلات الأمنى انتشرت الأسلحة بشكل غير مسبوق وتركزت تجارته لدينا فى قرية السمطا بمركز دشنا».

يرى عزازى، الشاب العشرينى، أن «سقوط وتفتت الدول المجاورة لمصر مثل ليبيا والسودان، سمح بدخول كم أكبر من السلاح بعضها مطبوع عليه شعارات تشى بمصدره كشعار الناتو على الأسلحة القادمة من ليبيا، وظهرت الأسلحة الصينية.. والسبب الانفلات الأمنى فلم نر سيارة شرطة واحدة منذ ثورة يناير وبداية حكم الإخوان، وأصبحنا نسمع تبادل إطلاق النار طوال الليل بشكل يومى».

«قديماً كانت الأسلحة تصل الصعيد قليلة أما الآن فالسلاح يصلنا من كل مكان وبكميات هائلة، خصوصا إن الأسلحة الجديدة يمكن تفكيكها لأجزاء أصغر. وبهذا يمكن وضع أكثر من قطعة سلاح فى شنطة صغيرة، وهذا طبعاً أدى إلى رواج تجارة السلاح بشكل ملفت»، يقول الشاب القنائى إسلام عزازى. يعرف سكان «السمطا»، حتى ممن لا يتاجرون فى السلاح مواصفات الأسلحة على اختلاف أنواعها، وكذلك مواصفات الطلقات المستخدمة. وفى هذا الصدد يذكر حمدى أحمد أن «الطلقات الحديثة تسبب مشكلة كبيرة، خصوصاً الطلقات التى يصل مداها إلى 7 كيلومترات، فهذه الطلقات عندما تصيب هدفها تستمر فى الانطلاق فتصيب أهدافاً أخرى.. وفى رمضان الماضى قُتل رجل كان مع عياله داخل منزله بسبب طلقة كهذه». ويضيف حمدى: «كل أهل السمطا ممكن أن يحمل السلاح طالما كان قادراً بدنياً على حمله.. حتى الأطفال».

أما السلاح، فقد وصل سعر البندقية الآلية إلى 35 ألف جنيه، والسلاح الآلى الكورى لـ 22 ألفاً والإسرائيلى 25 ألفاً، أما الطبنجة فسجلت 15 ألفاً للألمانى و18 ألفاً لحلوان، كما وصل سعر الرصاص إلى 25 جنيهاً للواحدة، أما الرشاش الروسى فسعره ما بين 15 و20 ألفا، أما سلاح «البوشكة» فسعرها يتراوح ما بين 20 و25 ألف جنيه، أما سلاح الجرينوف فسعره يتراوح ما بين 40 و60 ألف جنيه، أما البندقية الإسرائيلى فيتراوح سعرها ما بين 25 و30 ألفاً وهى سعة 20 طلقة. وتتركز تجارة السلاح فى قنا فى قرى «أبوحزام» و«حمرة دوم» و«عزبة البوصة» فى نجع حمادى، و«نجع سعيد» و«فار غرب» و«السمطا» فى دشنا و«بهجورة» فى فرشوط، و«الحجيرات» و«الطويرات» فى مركز قنا و«الكرنك» فى أبوتشت. «سباق تسليح» هكذا يصف حمدى أحمد، أحد سكان نجع الجامع بقرية السمطا، الأوضاع فى السمطا بعدما لجأت كل عائلة من العائلات المتناحرة فى القرية إلى تسليح أفرادها تحسباً لأى اعتداء من أى عائلة أخرى. «فعندما اشترت إحدى العائلات الـ«آر بى جى».. اشترته عائلات أخرى حتى لا تكون أقل تسلحاً» يقول حمدى. تعانى السمطا والقرى والنجوع التابعة لها من أزمات مرتبطة بالناحية الأمنية، فيقول حمدى أحمد محمد، أحد سكان نجع الجامع بقرية السمطا: «سنة 1990 ربنا كرمنا بمأمور لمركز شرطة دشنا اسمه محمود نجم الدين، لقبناه بالشبح، لأنه كان يتخفى ويتجول فى قرى المركز لتفقد الأمن واتخاذ ما يلزم. واستطاع «الشبح» حل مشكلات الثأر لدرجة أنه خلّى دشنا كلها أكلت فى طبق واحد، وبعدها لم نسمع عياراً يُضرب فى الهواء حتى سنة 2002، لكن منذ قيام ثورة 25 يناير استحضرت العائلات ثأرها المنسى من فترة الخمسينات وأخذوه فى 2011. ولدينا حالياً 6 عائلات فى قريتنا، السمطا، عندها مشاكل ثأر».

سمعة السمطة سيئة خارجها، بحسب وصف حسن عبدالحميد، أحد خريجى الجامعة المقيمين بنجع الجامع، الذى يقول: «حتى المتعلمون يستوقفهم رجال الشرطة ويتعاملون معهم بأسلوب غير لائق لأنهم من السمطا، وكر تجارة السلاح بقنا. لكن من وقت 25 يناير محدش فتشنا.. ووقت أن كنت طالباً بالجامعة داهمت الشرطة القرية واعتقلونى ضمن من اعتُقلوا دون سبب وأطلقوا سراحى من مديرية الأمن فى اليوم التالى دون تحرير محضر».

على الرغم من ملاحظاته على أداء وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، فإن «عزازى» يرى أن العادلى استطاع تحجيم انتشار الأسلحة فى الصعيد كله، فكانت هناك إجراءات تتبعها الشرطة، بحسب ما يذكره إسلام «فكل من يضرب عياراً فى الهواء ملزم أمام الشرطة بتسليم قطعة سلاح، وبهذا كان الكل يخشى استخدام الأسلحة نظراً للخسارة المادية». إلى جانب تجارة السلاح فى نجع الجامع بالسمطا، تنشط تجارة المخدرات بمختلف أنواعها «من البرشامة لغاية الأفيون» كما يقول ممدوح العسراوى، شاب عشرينى يقيم بالقرية، ويتابع العسراوى: «ممكن تشترى من الدكاكين أى نوعية مخدرات، وأحياناً فيه ناس بتبيع فى الشارع.. قول لأى دكان عايز واحدة تامول هيديهالك باتنين جنيه ونص.. ورغم أن قنا مش مشتهرة بزراعة الأفيون ولا البانجو فإنه منتشر، وبيوصل لنا من مطروح.. وفيه البانجو الأسوانى، والعرايشى، والبلدى». لا تقل الأوضاع الخدمية فى القرية الواقعة بمركز دشنا، أحد مراكز محافظة قنا، سوءاً عن الأوضاع الخدمية كالتعليم والصحة ومياه الشرب والصرف الصحى. يقول إسلام عزازى، الذى يعمل بوزارة التربية والتعليم: «لدينا هنا مدرستان واحدة ابتدائية، وأخرى إعدادية وكلتاهما تخدم أكثر من أربعة نجوع بالسمطا وتعملان على فترتين صباحية ومسائية، ولا توجد مدارس ثانوية لا عامة ولا فنية ويضطر تلاميذ الثانوى فى السمطا للانتقال إلى دشنا».

«سينصلح الأمن فى السمطا، عندما تهتم الدولة بالخدمات المقدمة للقرية بدءاً من المياه وحتى الصحة والتعليم والمواصلات والاتصالات» هذا هو رأى حسن، الشاب العشرينى، الذى يعارضه آخرون بالقرية قائلين إن «تجار السلاح والمخدرات فى السمطا لن يرضوا بأى إصلاحات لأن فى ذلك إضراراً بتجارتهم».

اخبار متعلقة

قنا.. حكاية الدم والسياسة من قلب «الصعيد الجوانى»

توقف القطارات يصيب المحافظة بـ«الاختناق» والأتوبيسات البديل بـ«ضعف الثمن»

الشباب فى مواجهة القبائل.. السياسة لم تعد شأناً عائلياً

سنوات «الثأر»: لجنة المصالحة ترفع شعار «صالح على الدم»

«الوطن» تخوض مغامرة جمع توقيعات «انفصال» من قلب الصعيد

أحفاد شيخ العرب همام: نرفض الدعوة لانفصال الصعيد

DMC