أخبار عاجلة

الحشود العاطفة تغيب العقلانية

الحشود
العاطفة تغيب العقلانية الحشود العاطفة تغيب العقلانية
في المكسيك، ضرب حشد غاضب حتى الموت رجلًا متهمًا بمحاولة خطف قصّر في ولاية بويبلا وسط المكسيك.

تعرض دانيال بيكازو البالغ 31 عاما للضرب والحرق الجمعة الماضي على يد حشد يضم نحو 200 شخص، في منطقة باباتلازولكو على بعد حوالي 180 كلم من العاصمة مكسيكو.

حاول رجال الشرطة إنقاذ الرجل من خلال وضعه داخل سيارة تابعة لهم، غير أن سكّان المنطقة أخرجوه بالقوة إلى ملعب رياضي، حيث ضربوه ورشوا عليه البنزين وأحرقوه فيما كان لا يزال حيًا.

الحشد الغاضب تم تجميعه على مجموعات مراسلة عبر الهواتف.

وفي المكسيك أيضا، وفي حادثة شهدتها أيضا ولاية بويبلا سنة 2019 تم خلالها ضرب 7 رجال وإحراقهم أحياء.

وفي نيجيريا، وفي يناير 2020، لقي مراهق في الـ15 من عمره مصرعه في نيجيريا بعد أن تعرض لاعتداء وحشي من قبل حشد غاضب، إثر ضبطه وهو بصدد سرقة الأكل من أحد الأسواق المحلية.

وفي أماكن أخرى كثيرة بادرت جموع وحشود إلى اعتداءات مماثلة لأسباب مختلفة، فما الذي يحرض الحشود لارتكاب تلك الأفعال من الاعتداء الجماعي الذي ينصب غالبا على شخص واحد أو مجموعة من شخصين أو ثلاثة أو أكثر بقليل؟. أسباب مختلفة إذا كانت حشود المكسيك ونيجيريا قد أقدمت على الاعتداء على خاطف أطفال أو حتى سارق شاب، فإن حشودا في أماكن أخرى نفذت اعتداءات لمبررات أخرى، كثير منها ذو دوافع عنصرية، ففي يونيو 2020 فتحت الشرطة تحقيقا في حادث اعتداء حشد من مشجعي فريق كوفنتري الإنجليزي لكرة القدم على شابين من ذوي البشة السوداء.

وفي إيطاليا تعرض مهاجران غينيان (17 و22 عاما) لاعتداء عنصري بالضرب والركل بالأقدام من قبل شبان إيطاليين في إقليمي بوليا وسردينيا، وذلك في حادثين منفصلين اتسما بالعنصرية والتعصب، وأثارا ردود أفعال غاضبة في المجتمع الإيطالي.

وتستشري العنصرية في أوروبا، ففي ألمانيا مثلا شن نحو 3500 هجوم استهدف لاجئين عام 2016، وفي بريطانيا سجل أكثر من 70 اعتداءً عنصريا في مراكز إقامة طالبي اللجوء وحولها.

وفي أيرلندا اعتدت عصابة من النساء والرجال على فتاة مسلمة (14 عاما) في مدينة «دوندروم» الإيرلندية.

وبدأت العصابة هجومها على الفتاة برمي البيض على وجهها، قبل محاصرتها وركلها حتى سقطت على الأرض. وضربت الفتاة بلا رحمة. دوافع ونظريات تعد اعتداءات الحشود أمرا قديما للغاية، وشكل سلوك الحشود مجالا مهما للدراسة في مجال علم النفس، حيث اقترح الفيلسوف والطبيب والمؤرخ جوستاف لوبون «علم نفس الغوغاء» كنظرية للحشد، لكن علماء الاجتماع صاغوا مصطلح «السلوك الجماعي» الجديد ليشمل الغوغاء، الشغب، الفزع والجنون والشائعات والجمهور والحركات الجماهيرية (الجماعية)، إلى جانب الحشد. مشاعر أساسية يشترك الناس في المشاعر الأساسية مثل الخوف والغضب، ومن هذه العناصر المشتركة، يتشكل الحشد ويشعر ويتصرف.

وتتزايد النبرة العاطفية في الحشد، وبالتالي يمكن استغلال هذه النبرة لقيادة الحشد نحو تصرف ما، ووفقا للوبون تطور سلوك الحشد ليصبح ضمن مفهوم «العقل الجماعي» الذي يجعل الناس يشعرون ويفكرون ويتصرفون بطريقة مختلفة تمامًا عن تلك التي يشعر بها كل فرد ويفكر ويتصرف حيث يكون في حالة كونه منفردا.

ويرى لوبون أن عقلية المجموعة ليست مجرد مجموعة (أو مجموع) عقول أفرادها، إنما تمتاز بعقل مختلف، قد يجعل أعمالها أقل عقلانية وأكثر عاطفية. انخفاض المسؤولية مع الحشد، حيث لا تظهر هوية الفرد، تنخفض المسؤولية الشخصية، كما تتحرك الأفكار بسرعة وبطريقة العدوى بين الجموع.

ويرى عالم النفس ويليام ماكدوغال أن الحشد يتحرك بالتحريض المباشر للعاطفة، ويقول «كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمكنهم ملاحظة نفس المشاعر في آن واحد، كلما ازدادت العدوى. الفرد تحت تأثير العاطفة يفقد قوة النقد، وتصبح العاطفة الجماعية مكثفة بالتفاعل المتبادل، حيث يثبط تكثيف العاطفة وعدم الاستعداد لمعارضة سلطة الحشد النقد، ويخفض المستوى الفكري في حشد من الناس.

ويرى ماكدوغال أن الحشد عاطفي بشكل مفرط، متسرع، متقلب، ومتطرف في العمل، يعرض فقط المشاعر الأكثر خشونة والمشاعر الأقل صقلًا.

ويضيف: «الحشد لا مبال في النقاش، متسرع في الحكم، يتأرجح ويقاد بسهولة، ويخلو من الشعور بالمسؤولية». الحشد تجمع محدد من الناس يمتاز بالكثافة العالية يتشارك فيه الناس المشاعر الأساسية مثل الغضب سلوكيات يسهل القيام بها مع الحشود الشغب الشائعات التسرع اللامبالاة التطرف في العمل تزداد النبرة العاطفية تفتقد فيها قوة النقد تنخفض المسؤولية الشخصية تندر فيها معارضة سلطة الحشد الحركات الجماهيرية (الجماعية) تتحرك الأفكار بسرعة وبطريقة العدوى


الوطن السعودية