أخبار عاجلة

ديوان «أنا عشتار» للشاعرة منال رضوان يجمع بين الرومانسية والأسطورة والحداثة

ديوان «أنا عشتار» للشاعرة منال رضوان يجمع بين الرومانسية والأسطورة والحداثة ديوان «أنا عشتار» للشاعرة منال رضوان يجمع بين الرومانسية والأسطورة والحداثة

صدر حديثا عن دار وعد للنشر والتوزيع ديوان منال رضوان أنا عشتار وهو من الإصدارات المتاحة الآن بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية، ويتألف العمل من مجموعة أشعار بالفصحى ويعد هو العمل الرابع لمؤلفته عقب رواية بلكونة نحاس، والمجموعة القصصية حور سنوات الجراد، ورباعيات حب وبعاد، وهو شعر عامية، ويحتوى ديوان أنا عشتار على ثلاث عشرة قصيدة تتسم بطابع رومانسى يميل إلى التشبع بالجو الأسطورى والماورائى والتأثر بأجواء الأساطير القديمة وتتخذ قصائده شكل المتتالية القصصية، لتنسج حكاية مكتملة يصل إليها القارئ عند الانتهاء من مطالعة الديوان.

وبالرغم من تعدد القصائد إلا أن محاولة الحفاظ على وحدة بنيوية واحدة تتحدث فى مجملها عن الحياة والحب والموت، بدت واضحة، وهى السمة المسيطرة على القصائد بوجه عام. حملت القصيدة الأولى عنوان «بلا ملامح» وهى تصور حالة من التردد وفقدان الشغف وصراع الإنسان عند اقترابه من العبور إلى عالمه الآخر، ومما جاء فيها:

بلى..

هنا يمر الغيم

سريعا

زوايا أربع تتداخل بعينيك

تختزل الضوء

كمشكاة مطفأة

تسبقك نحو النهر

صرخات تعلو

عليك الآن ألا تعانى خذلان سقوطك

مهّد مجرى آخر

لدماء تتجمد بعروقك

وأثناء وقوفك..

أعلى قمة ثلجية

لا تثقل رأسك بأسئلة

عن نور يأتيك.

غلاف مجلة «أنا عشتار»

مرورا بصراعات مع الذات أو مع الآخر، مما يعطى انطباعا يجعل القصائد أشبه ما تكون بقصة متكاملة، تشتمل على بداية ووسط ونهاية، فعلى المستوى البسيط يمكن قراءة العمل من وجهة نظر امرأة أحبت وصارعت من أجل الحفاظ على قصة حب آمنت فيها، وفى سبيل ذلك حاولت تخليدها بغض النظر عن خيبات متلاحقة تعرضت لها، قد أثقلت من خطواتها إلى أن تكتشف فى القصائد التالية زيف هذا الاعتناق وتصل إلى ذروة فقدان الأمل فتعبر عن ذلك بقصيدة حملت عنوان (لا شىء) وجاء فى بعض أبياتها:

ترتيب الفوضى

كصنع سياج من نور

تحلق حول حديقة جرداء

يتوسطها بناء أبيض

للجسد المطمور من الموتور..

الذى أخبرنا

أن الفوضى

تحتاج إلى تنسيق

وكنز الكلمات..

يمكن أن يصف الحال

ويعبر عنا

أنا أو أنت

تصطف الأحرف

كجنود تختنق

بأنفاس لاهثة

تنتظر الموت

وبين هزيم الرعد

أو صوت البارود

لا يعنيها الفرق

فهدير الكلمات

يومض بين الأقواس كأطياف البرق.

كما يمكنك على المستوى العام قراءة قصائد هذا العمل من وجهة نظر الإنسان وصراعه مع ذاته، حيث يحاول فى طريق رحلته البحث عن ضالته دون جدوى فتقول فى قصيدة:

الأسفار المحذوفة:

وسط رهج

أنفاس الكتب

المصادرة

فوق الرفوف

بين أخيلة..

الأمانى المستحيلة

وخبايا..

الأسفار المحذوفة

ما بالى أفتش

عن ذاك السيد

الذى يسكننى.

كما بدت محاولة استخدام حيل مثل الاسترجاع والإسقاط واضحة فى الكثير من مفردات هذه القصائد، واستعارة الأحداث التى وردت فى الأساطير أو بعض الكتب الدينية كقصيدة غيمة عشق التى تأثرت فيها بالأساطير اليونانية القديمة، أو قصيدة الكف الفضية التى بدت وكأنها تحاكى نبوءة تتحدث عن المخلص المنتظر، وتأثرت تلك القصيدة بمفردات أحد أسفار العهد الجديد وهو سفر الرؤيا أو رؤيا يوحنا اللاهوتى التى كتبها فى جزيرة بطمس، حيث تقول بداية أبياتها:

رنا الرؤى

إن الجامات السبع

َتجتمع فى لوحة َغضبى

تنذر بفناء العشق

إذ يغضب الإله

غضبته الكبرى

لَك أن النص المحذوف

فى لوحى المحفوظ

أُبشر به الآن

فى آخر الزمان

يأتى من يمنح غفرانا

للأرض بقربان.

كما تأثرت القصيدة القصيرة أنا عشتار التى حملت عنوان الديوان ذاته بقصة عشتار، وهى إلهة الحب والجمال والتضحية فى حضارة بلاد الرافدين جاء فيها:

لا تحمل عنى أوزارى

فأنا عشتار قد ُكسر سوارى

وسط الموت وبين قضاة جحيم ألوك الذكرى..

إلى أن يلتحم صراع الأنا الصغرى مع الأنا الكبرى فى قصيدة لوحة ألوان، فتتحدث عن هذا الظل الذى يمثل الحقيقة أو الموت أو الإيمان ومحاولة الإنسان الهروب أو ملاحقة هذا الظل، حتى لا يعرف من منهما يلاحق الآخر، وجاء فى أبيات لوحة ألوان:

كظل أتبعه

نحو النور

أهرع خلفه أو أتبعنى!

هو ذا يلاحقنى

لا أدرى

من منا ينتظر الآخر

حتى يغيب

لوحة ألوان

تومض بين شقوق الليل

بإيماءة شمس

يموت الظل

ولا شىء يظل

(لا شىء يظل).

المصرى اليوم