أخبار عاجلة

البلجيك على ضفاف النيل: «تاريخ الزيارات الملكية والاستكشافات الأثرية فى »

البلجيك على ضفاف النيل: «تاريخ الزيارات الملكية والاستكشافات الأثرية فى مصر» البلجيك على ضفاف النيل: «تاريخ الزيارات الملكية والاستكشافات الأثرية فى »

الجالية البلجيكية من أبرز الجاليات في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين في .. هناك تاريخ حافل لإنجازات رجال الصناعة والشركات البلجيكية في مصر. «مصر الجديدة» لا تزال واحدة من أكثر المناطق تميزا في العاصمة المصرية، والتى إنشأها المهندس والصناعى البلجيكى البارون إمبان مدينة جديدة بالكامل في صحراء العباسية، تحمل اسم واحة هليوبوليس، كما أنشأ قصره «قصرالبارون» ليتخذه مقرًا لإقامته حتى وفاته، كما أسس شركة ترام القاهرة.

كما أنشأت شركة باوم وماربنت كوبرى إمبابة في القاهرة بين عامى 1912 و1924، وسقف القاعة الكبرى لمحطة قطارات القاهرة الرئيسية والمعروفة حاليًّا باسم محطة قطارات رمسيس.. وكوبرى الفردان للسكك الحديدية عام 1954، وهو الكوبرى الذي كان يعبر قناة السويس، وأحد أكبر الكبارى الدوارة في عصره حتى تدميره خلال العدوان الثلاثى على مصر عام 1956.. إن المساهمات البلجيكية في مصر ليست قصة من الماضى فقط، ولكنها أيضا مستمرة في الحدوث ومستمرة في التحليق في الحاضر والمستقبل. من هنا قدمت مكتبة الإسكندرية وسفارة بلجيكا، كتاب «البلجيك على ضفاف النيل: تاريخ الزيارات الملكية وريادة الأعمال والاستكشافات الأثرية في مصر»، وذلك أثناء الحفل الذي أقامته سفارة بلجيكا بمناسبة يوم الملك. الكتاب صدر باللغتين العربية والإنجليزية، ترجمة السيد طه وتحرير مارلين دى ماير وسيبيل دى كارتيه ديف.

غلاف كتاب «البلجيك على ضفاف النيل»

بدأت العلاقات الرسمية مع مصر من خلال إنشاء قنصلية في الإسكندرية عام 1838. وذلك بعد سنوات قليلة من استقلال بلجيكا عام 1839، وقد كانت تلك بداية التاريخ الطويل والحيوى بين البلدين على مستويات متنوعة. ويعد تأسيس مدينة هليوبوليس على يد البارون إمبان، ومساهمة الصناع البلجيكيين في البنية التحتية المصرية، وكذلك اشتراك الخبراء البلجيكيين في النظام القضائى المصرى، بعضا من محطات كثيرة في تلك العلاقة المكثفة والمستمرة. لقد بدأت المساهمة البلجيكية في علم المصريات منذ القرن التاسع عشر وتستمر حتى الآن، فقد شاركت الشركات البلجيكية مؤخرًا في حفر امتداد قناة السويس ومازالت تشارك حاليًا في أعمال بناء المتحف المصرى الكبير.

وقال الدكتور مصطفى الفقى؛ مدير مكتبة الإسكندرية في تقديمه للكتاب، الكتاب يمثل جانبًا من علاقات بلجيكا المكثفة والمتنوعة مع مصر من منظور أكبر ممثلى بلجيكا المرموقين، وهو استكمال لمعرض الصور الفوتوغرافية الذي نُظِّم عام 2017 بالشراكة مع وزير السياحة والآثار المصرى الدكتور خالد العنانى. ويعرض الكتاب مجموعة من أبرز الصور الفوتوغرافية لزيارات العائلة الملكية البلجيكية الرسمية لمصر التي بدأت عام 1855م، واستمرت إلى عام 2019م. وتُبرز هذه الزيارات العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين البلدين والصداقة بين الشعبين في جميع المجالات ابتداءً من علم الآثار إلى الاقتصاد والسياسة، كما تكشف شغف البلجيكيين المستمر بكنوز مصر الحضارية. كما نرى- يقول د.مصطفى الفقى- في النصف الأول من القرن التاسع عشر، تأثر القانون المصرى بالقانون البلجيكى. وفى هذه الأثناء كان لدينا أيضا مستشارون قانونيون من بلجيكا للقصر الملكى والبرلمان والحكومة المصرية.

إن زيارات الأسرة الملكية البجيكية لمصر التي أدرجت بوضوح في هذا الكتاب، تظهر العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين البلدين، والصداقة بين شعبينا.

دوقة بلجيكا تتسلق أحد معابد الأقصر

وكان ليوبولد الثانى ثانى ملوك بلجيكا بين عامى 1865-1909 في السنوات المبكرة حين كان وليًا للعهد يحمل لقب دوق برابانت. كانت موضع اهتمام محدود نسبيًا، تغير ذلك الوضع مؤخرًا؛ بسبب اكتشاف آلاف الوثائق الخاصة عام 1993، التي أودعها الأمير ووالده الملك ليوبولد الأول في عهده أقرب المتعاونين معهما أدريان جوفينيه وابنيه التوأم كونستانت وأوجوست، ومن ضمن تلك الوثائق التي شملت مراسلات وملاحظات وعقودا وتقارير وهدايا، عدد من المذكرات واليوميات. ألقت وثائق جوفينيه الضوء على أفعال ليوبولد ودوافعه الشخصية في لحظات حرجة في حياته وفترة حكمه.

قام الأمير ليوبولد برحلتين إلى أرض الفراعنة الأولى عامى 1854و1855 والثانية بين عامى 1862 و1863. أثارت اليوميات التي كتبها الأمير ليوبولد خلال إقامته بمصر اهتمامًا بالغًا بين المؤرخين ومؤرخى الفن، لأنها تسمح بفهم الدوافع الحقيقية والطريقة التي كان يختار بها الأمير مقتنياته من الاثار المصرية. وقد وصل جزء من تلك المقتنيات أخيرا إلى المتحف الملكى للفنون والتاريخ في بروكسل عام 1914 بعد وفاة ليوبولد بعدة سنوات. ففى عام 1935 قام الملك ليوبولد الثالث الذي تولى العرش بين عامى 1934 و1951 بإهداء ما تبقى من آثار مصرية في القصر الملكى إلى المتحف الملكى.

لقد كان للرحلتين اللتين قام بهما ليوبولد الثانى إلى مصر تأثير في أفكاره وخطط وأفعال هذا الشاب الطموح حاد الذكاء الذي كان أيضا شابًا انتهازيًا. لم تكن صحة ليوبولد الصغير قوية مثل شخصيته فقد كان يعانى من سعال مزمن، وألم بالعصب الوركى أدى إلى إصابته بعرج دائم قبل توليه العرش عام 1865، وكأبعد ما يكون عن الشعور بالعجز، استغل الدوق ذلك الوضع حيث استخدم حالته الصحية مبررًا للسفر إلى الخارج كعلاج لمشاكله الجسدية، في الحقيقة كان الأطباء يشجعون ذلك الحل فقد كانت القدرة الشفائية للمناخ الدافئ أمرًا مقبولا في ذلك الوقت، وقد استخدم الدوق تلك الحيلة في الرحلتين اللتين قام بهما إلى مصر، ما كانت الصراحة حول دوافعه السياسية والاقتصادية لتؤمن له موافقة والده.

وعلى الرغم من أنه كان بالفعل ضعيفًا جسديًا، قبل مغادرته إلى مصر في كلتا المرتين فإن مذكراته لا تترك مجالا للشك فيما يخص دوافعه الحقيقية رسميًا. لقد كان الدوق يقوم بتلك الرحلات للاستفادة من هواء الشرق النقى والاطلاع على الثقافات المختلفة. لكنه في الحقيقة كان يريد تعلم كيف يصبح ملكًا. وأن يجد حلفاء مؤثرين وآفاقًا اقتصادية مريحة. ولولا اكتشاف وثائق جوفينيه لبقيت معظم أفكاره الخاصة وأهدافه الشخصية تلك طى أجنحة الظلام.

تزوج الأمير ليوبولد أرشيدوقة النمسا مارى- هنريت فون هابسبرج لوثرينجين، في 22 أغسطس 1853. وبعد أشهر قليلة منح السعال المستمر فرصة للدوق ليبدأ رحلته الكبيرة. وفى إحدى المناقشات مع ممثل الفرنسية في بروكسل، اعترف ليوبولد أن صحته لا تهمه إلى ذلك الحد، وإنما تدفعه رغبته في تعلم السياسة والجغرافيا والدبلوماسية بنفسه.

انطلق الأمير وزوجته في رحلتهما التي استمرت أكثر من تسعة أشهر. كانت تلك أولى رحلات الزوجين ورسميا كانت الرحلة مسألة عائلية لا تشمل أي وجبات رسمية. وفى 27 يناير 1855 غادر الأمير إلى الإسكندرية، ورحب بهم الكونت زيزينيا قنصل بلجيكا العام في مصر. وممثلو خديو مصر سعيد باشا. وبدأت المجموعة إبحارها إلى الصعيد تجولوا في معابد الأقصر والكرنك ووادى الملوك. وفى 3 مارس اتجهوا إلى السويس من أجل رؤية الموقع الذي ستحفر فيه القناة. وذهبوا بعذ ذلك لرؤية الأهرامات، حيث تركت الدوقة انطباعًا قويًا كونها أول أميرة أوروبية تتسلق الهرم الأكبر وتدخله.

وفى 21 أكتوبر 1862 غادر ليوبولد الثانى بروكسل إلى الإسكندرية بحجة علاج التهاب العصب الوركى. يرافقه مساعداه الشخصيان كونت فريدرك دولتريمون وجون هيكنور كاتوار. فبعد زيارته الأولى لمصر كان ليوبولد قد بدأ في دراسة الأشكال المتعددة للاستعمار عن طريق المقارنة وأسس توثيق شخصية. وبمجرد وصوله إلى مصر اشترك ليوبولد في مناقشات حول مستقبل الاقتصاد المصرى. والتقى بعد وصوله إلى القاهرة سعيد باشا. كانت الجيزة وسقارة من ضمن الزيارات الرسمية التي أجراها ليوبولد في القاهرة بصحبة أوجست مارييت مدير متحق بولاق الجديد وقتها وواحد من أكثر علماء المصريات احترافا في ذك الوقت. وفى 28 ديسمبر توجه ليوبولد إلى الصعيد وتأمل خلال هذه الرحلة الطبيعة المصرية وكتب: «كم هو باهر هذا الخليط من الألوان

تطرق الكتاب إلى مساهمات رجال الصناعة البلجيكيين في مصر.. في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث حصلت الشركة البلجيكية لإنشاء السكك الحديد التي أسسها تشارلز إفرارد في سانت- يانز- مولينبيك بالقرب من بروكسل، على عقد توريد وتجميع الكثير من الأجهزة، أُرِسل عمّال بلجيكيون إلى مصر؛ للمساعدة في تركيب الأجهزة.

في تاريخ المَلَكِية البلجيكية، امتلكت امرأة واحدة شغفًا حقيقيًّا بمصر، وهى الملكة إليزابيث (1876-1965). ففى حين أنها بالتأكيد لم تكن الشخص الوحيد الذي امتلك مثل ذلك الشغف، لكن شغفها هو الذي دفع إلى تطوير علم المصريات في بلجيكا وخارجها.. وتأسيس مؤسسة الملكة إليزابيث لعلم المصريات. حيث زارت الإمبراطورة إليزابيث مصرعام 1891، بوصفها جزءًا من رحلاتها البحرية في أرجاء البحر المتوسط، وملحق في الكتاب على صور مميزة تلك الزيارة. بالإضافة إلى زيارة الملك فؤاد الأول؛ ملك مصر، بلجيكا في أكتوبر1927.

المصرى اليوم