أخبار عاجلة

هل سألت نفسك عن سر انتشار الصيدليات في المملكة ومقدار أرباحها؟! هنا الإجابة

هل سألت نفسك عن سر انتشار الصيدليات في المملكة ومقدار أرباحها؟! هنا الإجابة هل سألت نفسك عن سر انتشار الصيدليات في المملكة ومقدار أرباحها؟! هنا الإجابة
بعضها متجاورة في مبنى واحد وأخرى أكثر من التموينات

هل سألت نفسك عن سر انتشار الصيدليات في المملكة ومقدار أرباحها؟! هنا الإجابة

تزدحم في شوارع مدن ومحافظات المملكة الصيدليات، ووصل الحال إلى أن الشارع الواحد تتفوق فيه أعدادها على متاجر التموينات ومحال الحلاقة والمطاعم وغيرها من الأنشطة، وتتنافس الصيدليات فيما بينها بالنقاط الممنوحة للزبون والاهتمام بمواد التجميل وبطاريات الأجهزة الإلكترونية وشيئًا من الكماليات.

ويحلل الناشط في مجالات الأعمال والاقتصاد محمد بن سعد آل جابر، عبر تغريدات في حسابه سر انتشار الصيدليات وسبب ارتفاع أسعارها، وكتب: "تساءل كثيرٌ من الناس عن كثافة وجود فروع الصيدليات، لدرجة أنه من الممكن تجد في الشارع نفسه عدة فروع للشركة نفسها!، حاولت أبحث عن جواب، إلا أن عملية البحث أخذتني في رحلة بين نموذج عمل القطاع واقتصاديات العمل وكفاءة السوق.. دعونا نبحر".

وبدأ "آل جابر" متسائلاً: "هل العدد أصلاً كبير وفوق الحاجة؟" ليجيب: "يوجد في قرابة التسعة آلاف صيدلية لعدد السكان 35 مليونًا، بمعدل 26 صيدلية لكل 100 ألف نسمة.. وللوهلة الأولى يبدو هذا الرقم منطقيًا، فهو قريبٌ من المتوسط للدول المتقدمة، لكنه أقل بكثير من دول مثل فرنسا واليابان وإسبانيا، ويوجد جانب آخر، فهناك عدة عوامل تسبب زيادة العدد في تلك الدول، والتي ترفع المتوسط:

1- عوامل تنظيمية، مثلاً لا يسمح ببيع الأدوية التي لا تتطلب وصفة مثل البندول في غير الصيدليات.

2- الديموغرافية أي "نسبة السكان الكبار في العمر" .

3- توزيع السكان والكثافة في المدن

4- التنقل ، سيرًا على الأقدام أو بالسيارة

5- تملُك الصيدليات، ففي الدول التي معدل الصيدليات بها عالٍ، من يملك ويعمل بها هو الصيدلي نفسه ، فهناك 85 % من الصيدليات في الدول الأوروبية يملكها ويشغلها الصيدلي، في المقابل لا يوجد صيدلي يملك ويشغل صيدليته هنا، كلها مملوكة لسلسلة".

وأضاف "آل جابر": "لكن لأن المساحة هنا محدودة، لن أدخل في التفاصيل أكثر، وبحسب البحث وصلت إلى أنه فعلاً العدد كبير في السعودية، مع أن النسبة لدينا مطابقة لكندا كمثال، لكن بحسب العوامل التي ذكرتها سابقًا، اطلعت على بحث يبين أن زيادة العدد نسبة للسكان مقارنة مع أمريكا هو بسبب الاختلاف السكاني والجغرافي".

وتابع: "ما يهم فعلاً هو ليس العدد مقارنة بالسكان، لكن الوصولية، فمع أن أمريكا لديها أقل من نصف الصيدليات للسكان مقارنة بكندا، إلا أن 90 % من الأمريكان على بعد ميلين أو أقل من الصيدلية، مما يعني أنه لا مشكلة في الوصول إلى الصيدلية، ومن الواضح أنه ليس هناك مشكلة وصولية لدينا، حتى لو اختلفنا في كم مقدار الزيادة، لكن الأكيد أن وجود عدة فروع للشركة نفسها في الشارع نفسه وتجاور صيدليتين ليس بسبب حاجة السوق إلى "4 صيدليات في 900 متر".

وتساءل: "إذن كيف ممكن يصبح هذا الموضوع مجديًا اقتصاديًا لهم؟! لابد أن نفهم "بزنس" الصيدليات أولاً، حيث هذا القطاع يعد مربحًا، وله ميزات عديدة أهمها: منتج بحجم صغير وقيمة عالية، تاريخ صلاحية طويل (بالسنوات)، هامش ربح عالٍ في المنتج".

وأوضح أن "ذلك يعني مساحة تخزين بسيطة، فحجم الفرع الصغير يحتوي على بضاعة بالملايين، بالإضافة إلى قلة الحاجة إلى الموظفين ومتوسط فاتورة عالٍ، الميزات السابقة للقطاع واضحة حتى بين الشركات الكبيرة في السوق الأمريكي، ومن هنا ترى الفرق بين أكبر سلسلة صيدليات وأكبر سلسلة متاجر تجزئة، فـ"وول مارت"التي تهتم بنشاط السوبرماركت والبضائع المختلفة، والـ"سي في اس" المختصة بالصيدليات، مبيعات الأخيرة 840 دولارًا للقدم المربع، مقابل 400 دولار قدم في "وول مارت"، والفرق في المبيعات مقارنة بالمساحة، فالصيدليات تبيع ضعف ما يبيع السوبرماركت لكل متر مربع، كذلك المبيعات مقارنة بالموظفين في الصيدليات أربعة أضعاف المبيعات للموظف في السوبر ماركت".

وأجاب: "هذا يعني أن التوسع أقل تكلفة وأقل حاجة إلى التوظيف والعائد على الاستثمار عالٍ، لكن السوق فيه اعتبارات أخرى:

- لا يوجد تنافس في السعر، فالمنتج محدد سعره من المصنع أو الموزع.

- لا يوجد ولاء للعلامة التجارية، فالمستهلك يبحث عن المنتج المتشابه تمامًا بين كل الصيدليات ولا يهمه المحل.

- الطلب غير مرن -في الأدوية خاصة- ، بمعنى حجم السوق لن يزيد بزيادة الصيدليات، فالناس تشتري الدواء عند الحاجة فقط بغض النظر أي عوامل أخرى".

ومن المقارنة أعلاه استخلص "آل جابر" أنه لا مجال للتنافس بالعلامة التجارية والتسويق، ولا يمكن التنافس بالسعر، فكيف تتم المنافسة؟ تتم بالاستحواذ على أكبر حصة سوقية ممكنة، وهنا نجد الاجابة، السوق محدود، ولا يمكن للمتنافسين إلا فتح أكبر عدد فروع للحصول على أكثر مبيعات، وإذا لم تفتح الصيدلية "أ" فرع ثانٍ في الشارع نفسه، فالصيدلية "ب" سوف تستأجر المحل وتفتح وتأكل من حصتها السوقية.

وبيّن محمد سعد آل جابر أنه مثل ما ذكر سابقًا، حول مبلغ الاستثمار وعدد الموظفين بسيط مقارنة بالعائد، أجل ! ما المشكلة؟ أليس السوق حرًا؟ لندع السوق يقرر ما المجدي، إذا كانت صيدليتان متجاورتين ومربحتين لهم لندعهما، وإذا لم تكن مربحة سوف تغلق.. أنا أوافق الرأي هذا. لكن لابد أن نتطرق إلى نقطة، وهي أن ما يصنع الجدوى هو تحقيق فائض فوق تكلفة عناصر الإنتاج الثلاث: الأرض، رأس المال، العمالة.. ولكن المعادلة لدينا فيها خلل كبير.. فواحد من العناصر الثلاثة وهي "العمالة"، لا يخضع لعامل الندرة الطبيعي.

وأردف: "فالصيدليات ليست محدودة بتوفر الصيدليين داخل الاقتصاد، لديهم قابلية على الحصول على أي عدد يريدونه بتكلفة أقل من دول أخرى، وهذا مجد محاسبيًا ولكن ليس اقتصاديًا، لًذلك انخفاض الكفاءة وتوزيع المبيعات في القطاع على عدد أكبر من المحال المتكررة، ممكن فقط إذا كان هناك سماح للاستقدام، ولا تستطيع لوم الشركات هنا، فالجميع يخضع للأنظمة نفسها، إذا لم يفتح "أ" صيدلية فسوف تدخل شركة "ب" أو شركة "ج" وتأخذ الحصة".

وأضاف: "أفضل طريقة لكي يكون القطاع متماشيًا مع الجدوى الاقتصادية من دون التكرار الذي لا يضيف للسوق، بل يستهلك موارد ويقلل الكفاءة، هو تقنين الاستقدام (حصره فقط في المناطق النائية مثلاً)، أو منع الاستقدام، ويحصر ممارسة النشاط لصيادلة سعوديين فقط، وهكذا سيكون العدد متناسبًا مع الجدوى الاقتصادية، ثم نتساءل مرة أخرى: هل ستتضرر الشركات بقرار مثل هذا؟ الجواب ببساطة: لا؛ لأنه مطبق على جميع من في السوق، بل أزعم أنه سيزيد الربحية؛ لأن المبيعات نفسها سيتم تحقيقها بعدد صيدليات أقل".

واختتم الناشط في مجالات الأعمال والاقتصاد محمد آل جابر حديثه عن "الصيدليات" بقوله: "حتى لو تم رفع راتب الصيدلي للضعف أو الضعفين، لكن المبيعات يتم تحقيقها بنصف أو ربع عدد الفروع.. ربح الشركة سيكون أكثر، وهناك فائدة اقتصادية أخرى غير التوظيف وزيادة الكفاءة، وهو أن إعادة استثمار الأرباح سوف تتحرر من تمويل التوسع المكرر إلى قطاعات أخرى، وقد تتجه تلك الأموال إلى الاستثمار في التوسع الرأسي "اللوجستيات أو الصناعة".

صحيفة سبق اﻹلكترونية