العاصمة البلغارية «صوفيا».. مدينة تكبر ولا تشيخ

العاصمة البلغارية «صوفيا».. مدينة تكبر ولا تشيخ العاصمة البلغارية «صوفيا».. مدينة تكبر ولا تشيخ

اشترك لتصلك أهم الأخبار

لاتزال معالم العاصمة البلغارية «صوفيا» تعكس ملامح تاريخ وحضارات مرت عليها عبر السنين، متاحف ومساجد وكنائس وتماثيل متناثرة بميادين المدينة لرموز الحقبة العثمانية وفترة الحكم الروسى بإرثها الشيوعى.

تعد مدينة صوفيا العاصمة الأوروبية القديمة، لذا تحظى بأهمية تاريخية لدى الأوروبيين، ويعتبرونها قبلتهم السياحية؛ نظرا لطقسها المعتدل طوال العام، فضلا عن وجود معالم تستحق الزيارة، بالإضافة إلى رخص السياحة فيها مقارنة بالعواصم الأوروبية.

«بلغاريا الجديدة» تأسست بعد الحرب الروسية العثمانية عام 1898. يقول المؤرخون إن مدينة صوفيا القديمة أنشأها البلغاريون الأجداد قبل ميلاد المسيح بنحو 700 عام، ثم دخلتها المسيحية، ومرت السنون وحكمها العثمانيون لأكثر من أربعة قرون، ثم وقعت الحرب الروسية التركية عام 1898 وتحررت المدينة؛ ثم أعلن تأسيس الدولة البلغارية الجديدة. تقع صوفيا فى الجزء الغربى من بلغاريا على السفح الجنوبى لجبال فيتوشا الشهيرة، وتعد مقصدا رئيسيا لزوار المدينة، حيث يصعد بهم التلفريك نحو 2300 متر فوق سطح الأرض، كما أن مدينة صوفيا ترتفع 550 مترًا على سطح الأرض.

العاصمة البلغارية «صوفيا»

صوفيا مدينة لا تشيخ

الانطباع الأول لزائرى صوفيا أن «هذه المدينة تكبر لكنها لا تشيخ»، تضج شوارعها وميادينها بالحياة على مدار الساعة، عكس أغلب مدن أوروبا التى تتبع نظاما صارما فى مواعيد إغلاق المطاعم والبارات.. تجد «صوفيا» دائمة الحركة على مدار 24 ساعة.

المتحف الوطنى فى بلغاريا

فى قلب صوفيا يقع المتحف الوطنى، ويضم نحو 450 ألف قطعة أثرية، ومبنى المتحف نفسه من المبانى القديمة جدا فى المدينة التى بنيت خلال القرن الـ 15، وعلى بعد أمتار توجد جامعة صوفيا.. وتضم المدينة عددا كبيرا من الكنائس التاريخية، إضافة الى مسجد بانيا باشى، الذى بناه العثمانيون قبل 500 عام ولايزال مفتوحا للصلاة، بالإضافة لكونه مقصدا سياحيا للمسلمين وغير المسلمين، فمسؤولو المدينة يسمحون بالصلاة فيه والزيارات السياحية، ولايزال المسجد محاطا بالأبنية الإسلامية التى تعد شاهدا على فترة حكم العثمانيين بزخارفها وأحجارها المميزة للبناء العثمانى، وبجوار المسجد يوجد سبيل ومدرسة ونُزل كانت تستخدمها بعثات التعليم خلال هذا العصر.

العاصمة البلغارية «صوفيا»

الكاتدرائية الذهبية

فى قلب العاصمة البلغارية يوجد صرح مسيحى يجاور جامعة صوفيا، هو كاتدرائية ألكسندر نيفسكى، نفّذها 13 حِرَفيًا بلغاريًا و32 حرفيًا روسيًا، حيث تولوا نحت الخشب وحفر الحجر ورسم الأيقونات والجداريات. أما قباب المبنى فهى مغطاة بطبقة رقيقة من الذهب، وقد تمّ ترميمها بالكامل عام 2003. ويحتضن القبو مجموعة نادرة من الأيقونات وصرح «بويونا» الدينى الذى يقع على بعد أقدام من جبل فيتوشا، مسجّلا على لائحة «اليونسكو» كإرث عالمى للإنسانية، ويعود تاريخ بنائه إلى نهاية القرن العاشر وبداية القرن الحادى عشر، ثم أضيفت إليه تعديلات كثيرة، ويتخذ أهميته من الجداريات، وتعد من الآثار الأولى لعصر النهضة فى أوروبا.

تمثال ستيفان ستامبولوف

ضمن معالم صوفيا هناك نُصب ستيفان ستامبولوف، وقد شُيّد عام 1995 تخليدًا لذكرى رئيس الوزراء البلغارى فى القرن التاسع عشر ستيفان ستامبولوف.. وبرز اسمه خلال حركة التحرير الوطنية ضد الإمبراطورية العثمانية قبل عام 1878، ويقع هذا النُّصب على مسافة عشرات الكيلومترات من الطريق الذى اغتيل عليه هذا السياسى داخل حديقة يطلق عليها «الحديقة الصغيرة»، التى تحتضن مقهى «كريستال» الشهير، وقد برز اسمه خلال الحقبة الاشتراكية.

العاصمة البلغارية «صوفيا»

تنوع ثقافى وأعراق

تحتضن صوفيا العديد من الجنسيات؛ ففى أحد شوارعها الرئيسية تجد مطعمًا عراقيًا ومقهى لبنانيًا ومحال ملابس يعمل فيها يونانيون ورومانيون وألبان وإيطاليون، بعضهم وافد حديث وبعضهم هاجر لشبه جزيرة البلقان واختار صوفيا منذ فترة طويلة من الزمن. ويفضل سائحو أوروبا بلغاريا؛ نظرًا لموقعها الاستراتيجى وتعدد متاحفها ومزاراتها.

وتكمن أهمية صوفيا فى موقعها الاستراتيجى المتميز؛ حيث توجد المدينة على مفترق طرق مهمة، مثل الطريق الواصل بين غرب أوروبا وإسطنبول وصوفيا، وبلجراد، وإسكوبية، وبلوفديف، وهى تتمركز بين ضفاف نهر الدانوب وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، وبين البحر الأسود والبحر الأدرياتيكى، وتربط بين الشرق الأوسط والشرق الأدنى، كما تقع على مقربة من عواصم دول شبه جزيرة البلقان؛ حيث تبعد عن مدينة أنقرة مسافة 1.012 كم، وعن أثينا 837، وعن بلجراد 374، وعن بوخارست 395، وعن زغرب 762، وعن ليوبليانا 897، وعن سراييفو 549، وعن سكوبى 239، وعن تيرانا 553 كم، وتضم صوفيا محطة قطار مركزية ومحطة حافلات، بالإضافة إلى مطار صوفيا الذى يتيح الوصول إلى كافة المدن الكبرى فى القارة الأوروبية.

العاصمة البلغارية «صوفيا»

معالم مسيحية وإسلامية وشيوعية

على الرغم من المعالم الحضارية المتنوعة بالمدينة تعد الكنائس أو الإرث المسيحى هو الغالب، ربما نظرا للطبيعة الديموجرافية للسكان الذين ينتمى أغلبهم لطائفة الروم الكاثوليك، والأرثوذكسية الشرقية والبروتستانت، ومن بين المعالم السياحية المسيحية المهمة فى المدينة كنيسة القديسة صوفيا، التى سميت المدينة نسبة إليها، وتُعتبر من أقدم كنائس صوفيا، وتضم فى متحفها تحت الأرض مقبرة مكونة من 56 قبرا، بالإضافة إلى بقايا أربع كنائس أخرى.

كنيسة بويانا

يعود بناء كنيسة بويانا إلى القرن الثالث عشر، وتتميّز بلوحاتها الجدارية الرائعة، التى تعود إلى القرون الوسطى، وقد تم إدراج هذه الكنيسة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمى. كما توجد كنيسة القديس جورج، وقد شيدت خلال القرن الرابع الميلادى باستخدام الطوب الأحمر، وتعتبر المبنى الأقدم فى المدينة.

متحف الفن الاشتراكى

يضمُّ هذا المتحف أعمالا فنية رائعة، مثل اللوحات وتماثيل الفنان لينين، إضافة إلى متحف تاريخ صوفيا، ويضم طابقاه مجموعة منوعة من القطع والمقتنيات تُعبر عن تاريخ مدينة صوفيا. وهناك مجمع سرديكا القديم الذى بناه الرومان، ويعد من المعالم الأثرية وموقعًا تاريخيًا قديمًا يعود تاريخه إلى عهد الرومان، وتم اكتشافه خلال الفترة 2007-2010، فضلا عن «المتحف الوطنى للتاريخ الطبيعى»، وقد تأسس عام 1889، ويعرض مختلف أنواع الصخور والمعادن، والطيور المحنطة، والحيوانات، والحشرات. ويعد متحف «موزيكو للعلوم والتكنولوجيا» مناسبا لزيارة الأطفال ما بين 6- 16 سنة.

العاصمة البلغارية «صوفيا»

حديقة الحيوان

هى حديقة صغيرة تقع جنوب وسط المدينة، بها العديد من الحيوانات، مثل الأسود، والنمور، والفيلة، والدببة، بالإضافة إلى مناطق لعب للأطفال، والمقاهى.

صوفيا التى مر عليها الروس والعثمانيون تبقى الآن لأبنائها البلغاريين، يعيشون بتنوعهم الثقافى ويتعايشون معه، ويرحبون بالسائحين القادمين من كل حدب وصوب.. إنها بحق مدينة تكبر ولا تشيخ، تعطى درسًا فى التاريخ مفاده أن الاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن.

المصرى اليوم