أخبار عاجلة

أحمد نيوترون يكتب: رسالة ضائعة (قصة)

أحمد نيوترون يكتب: رسالة ضائعة (قصة) أحمد نيوترون يكتب: رسالة ضائعة (قصة)

اشترك لتصلك أهم الأخبار

كان يهم بصيد حمامة بيضاء، مسرعة فى السماء، بدا ساهما قلقا. أطلق رصاصة، صنعت دويا مزعجاً، قبل أن تسقط الحمامة بهدوء واستسلام قرب التلة، ساقه الحماس بسرعة إليها، وحينما اقترب من ضحيته شعر بانقباضة فى قلبه، وعندما حملها بين يديه، لم تكن قد فارقت الحياة بعد، تأملته بأعينها الصغيرة اللامعة بهدوء قبل أن تفارق الحياة.

تفرس الشاب فى صيده بدهشة، وقد أدرك أن حمامته البيضاء غريبة عن طيور المنطقة، فلن تكون إلا حمامة زاجلة قد خرجت فى مهمة ما، برسالة لأحدهم، حينها أخذ يبحث عن رسالتها، علها لم تتمم مهمتها بعد، وقد تأكدت ظنونه حين وجد ورقة صغيرة مربوطة بقدمها اليسرى.

فك وثاق الورقة، ودفن الحمامة البيضاء موضع سقوطها، احتراماً لها، وعاد بورقته الصغيرة للمنزل.

قضى ساعات الليل مستلقيا فى شرفته، يطالع السماء شاردا، لا يدرى ما يمنعه من فتح الرسالة المجهولة، يعتليه وجل يجهل مصدره. غمرته الذكريات وسبح معها فى السماء الحالكة، غرق فى النوم للحظات صحت فيها بعض ذكرياته الدفينة. (إن لم تعد، سوف أتزوج غيرك.. تأمل ملامحها الذكية وثغرها المتلألئ وعيناها المحتجتين، تسللت أصابعه لتتخلل شعرها اللامع: عندما تتزوجين غيرى سأقتل نفسى).

استيقظ فجأة من غفوته مهموماً، حزينا، لا يستطيع مفارقة ذكرياته، حتى بعد سفره وهجر موطنه وكهف ذكرياته المظلم، حيث فارقته واسود كل شىء. انقطعت حبيبته عن مراسلته قبل سنوات من سفره، ظن أنها قد نسيته أو فارقت الحياة، حاول صرف انتباهه عن تلك الذكريات، تذكر الورقة فى جيبه، أخرجها، لم يستغرق فى تأملها كثيرا، فضها، وأخذ يقرأ ما فيها.

ازداد وجهه وجوما، غمرت الدهشة ملامحه، وامتلأت عيناه دمعا، بدا كمن لا يصدق حقيقة مجردة بين يديه. طوى الورقة طيات صغيرة ثم ابتلعها ونهض، تقدم بخطوات متباطئة نحو سور الشرفة القصير، نظر نظرة أخيرة متأملة للسماء، قبل أن يقفز من شرفته المرتفعة.

المصرى اليوم