أخبار عاجلة

إلى جمال بدوى لاشين (شعر)

إلى جمال بدوى لاشين (شعر) إلى جمال بدوى لاشين (شعر)

اشترك لتصلك أهم الأخبار

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

فلا مكثتُ جانبَكْ فى رحلةِ الخَلاصِ للسَّماءْ

ولا وضعتُ فى يدَيْكَ كُوبَ ماءْ

ولا تركتُ قُبلتى على الجَبينْ

ولا ضَجعتُكَ اليمينْ

ولا اصطففتُ ساعةَ العزاءْ..

حُصِرتُ بينَ مَنزفَيْنِ فى دُجَى الطَّريقْ.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كَىْ أقابلَكْ!!

كُنّا سنَمضى نَشترى ملابسى الجديدةْ

كعادتِكْ..

ستنتقِى الألوانَ كَيْ أبدُوْ وسيمًا

فليسَ كلُّ مُبهجٍ جميلًا

وليسَ كلُّ مُشرقٍ يدومْ

ورَوْنقُ النَّسيجِ مِثلما البَشَرْ

لا تُعلِنُ الوجوهُ قصَّةَ الصُّدورْ..

وعَادتى.. سَئِمْ

ماذا يَضيرْ؟!

فالكَونُ دائبُ المَسيرْ

وكلُّ شيءٍ مُنتقَصْ

الشَّمسُ قدْ تغيبُ فى مَتاهةِ السَّديمْ

القلبُ قدْ يَضِلُّ فى مَفارِقِ الهُمومْ

الأنبياءُ يُقتلونْ

الأنقياءُ يُسحَلونْ

الحقُّ قدْ يَغْدُو كَأوراقٍ مُبَعثَرَةٍ

بأرصِفَةِ الشَّوارعِ

أو كأجسادٍ مُعلَّقةٍ بِسَاحاتِ السُّجونْ

حتى طفولَتُنا البريئةُ أَسقَطوها

بالرَّصاصِ

وفى جِزاراتِ المَشافي

فى مَواخيرِ المُجونْ..

بكُلِّ قوَّةٍ تُصِرُّ

ثُمَّ نَنْتَهِى:

- علَى سَحابِ دَهشتى مُعَانِدًا

- مُدَمدِمًا فى طِيبَةٍ لِطِفلىَ الكبيرْ.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

فطالما انتظرتَ فى ليالىَ الشِّتاءْ

صَففْتَ لى من الطَّعامِ ما نَشاءْ

وذاتَ ليلةٍ.. تَسلْطَنَ المَسَاءْ:

«كلِّمونى تانى عنَّكْ.. فكَّرونى

صَحُّوا نارِ الشُّوقْ فِ قلبى

وِفْ عيونى»..

فتفتَّحَتْ للرُّوحِ أبوابُ الحنينْ

حتّى اسْتطالتْ أنَّةٌ منِّى على جِسرِ الشَّجنْ

ودخلتُ سِتْرَ الصَّمتِ فى نَومٍ كَذوبٍ

وانتبهتَ..

فجاءَ صوتُكَ كالحَفيفِ مُحَوْقِلًا

نَظَمْتَ فوقِىَ الغِطاءَ

فابتسمتُ..

واستكانَ ما بداخلى ونامْ.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

فأنتَ لمْ تكنْ معى فى حفلةِ الزِّفافْ

وكنتُ كلما ابتعدتَ عن دَوائرى

غَدَوْتُ مثلَ َسابحٍ

يواجِهُ الأمواجَ فى شَجاعةٍ

ولا يَرى الضِّفافْ

وكنتُ حينَها أراكْ

ففى لظَى الهجيرِ يَطرُقُ النَّسيمُ

يُزْهِرُ الهطولُ فى مَلاعبِ الجفافْ

وكنتَ فى مَنازفى..

فكيفَ لمْ تكنْ معى فى ذُرْوَةِ الفرَحْ؟!.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

نسيتُ أنْ أُسجِّلَكْ!!

لكىْ يظلَّ صوتُكَ الضَّحوكُ حاضرًا بهاتفى

وَطَرْقَةً على مَسامعِ اليقينِ تَستَرِدُّنى

وكىْ تظلَّ شَاهِدَىَّ

حينَ يكتبُ الحقيقةَ المتاجرونَ فى دمائنا

ويَصعَدونَ..

يَخطُبونَ فى وَداعةِ المَسيحْ.

نسِيتُ أنْ أُسجِّلكْ!!

أَكُلَّما أَمِنْتُ غَيْبَةَ الوُرودِ ترْحَلُ الوُرودْ؟

ولوْ جَعلتُ مَوتَها هُدَى العُيونِ ما شَمَمْتُها!!.

لهذهِ الحياةِ سرُّها العجيبْ

لا يستبينُ غيرَ فى التِفاتةِ الخطَرْ

كأنْ يُخيِّروكَ بينَ أنْ تعيشَ فى الشَّقاءِ

أوْ تموتَ فى شَواطئِ النَّعيمْ.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

فربَّما تصافحتْ أحزانُنا للمرَّةِ الأخيرةْ

وربَّما تعانقتْ ضَحِكاتُنا للمرَّةِ الأخيرةْ

فَكَما احتواءُ الجُرحِ فَنٌّ

اِنْتِحارُ الفَرْحِ وجهٌ للجنونْ

وفى مَغاربِ الطَّريقِ

تُصبِحُ الجراحُ هَيِّنةْ

والأمنياتُ هَيِّنةْ

يَسَّاقَطُ القِناعُ عن وجوهِنا

وتَكشِفُ الطُّلولُ عنْ جراحِنا

وتَخلعُ الحياةُ، دُونَما تَمنُّعٍ، ثيابَها

فقدْ دَفعْنا فى دُروبِها الثَّمنْ

وينتهى المسيرُ فى بُرودٍ قاتلٍ..

فى مَهالكِ الصَّقيعِ كنتُ أرتديكْ.

■ ■ ■

لوْ أنَّكَ انتظرتَ كىْ أقابلَكْ!!

فمِنْ مَلامحِ الوجوهِ يختفى الألمْ

ويستكينُ فى القلوبِ

تَنبُتُ البذورُ

تُورِقُ الغُصونُ

تَغزِلُ الطُّيورُ فى عِشاشِها

وعندَها..

نُهادِنَ الحياةَ فى حدائقِ الجِراحِ

وقتَما نَبوحْ.

ما زالَ فى قِيثارَتِى شَدْوٌ حزينٌ

واحتمالُ البَوْحِ صِفْرْ

تعمَّقتْ بِمقلتَىَّ بؤْرةُ الدَّمعِ القَلِقْ

رجَعتُ طفلًا فى مَنازلِ المَشيبِ

إِنْ حزِنتُ يَستخِفُّنى البكاءُ

إنْ فَرِحتُ يَستخِفُّنى الألمْ..

لطالما نبَّهتَنى:

مُصاحِبُ الآمالِ لَيلُهُ جَموحْ..

مَا لى تَساوَى فى يدىَّ الخلُّ بالنَّبيذِ

والنَّجاةُ بالجُروحْ؟!

أَوَرْدَةُ الصَّفاءِ أمْ مَدارِجُ الرَّحيلْ؟!.

لوْ أنَّكَ انتظرتَ.. كىْ أقابلَكْ!!.

المصرى اليوم