السويد تبدأ محاكمة مسؤول إيراني.. وأصابع الاتهام تتجه إلى "رئيسي"

السويد تبدأ محاكمة مسؤول إيراني.. وأصابع الاتهام تتجه إلى "رئيسي" السويد تبدأ محاكمة مسؤول إيراني.. وأصابع الاتهام تتجه إلى "رئيسي"
على خلفية مشاركته بحملات قمع طالت معارضين سياسيين

مؤيدو المعارضة الإيرانية تظاهروا أمام المحكمة

بعد أقل من شهر واحد على إعلان هيئة الادعاء العام السويدية لائحة الاتهامات الموجَّهة إلى المسؤول السياسي والأمني الإيراني الأسبق حميد نوري؛ على خلفية مشاركته في حملات القمع التي طالت المعارضين السياسيين الإيرانيين عام 1988، وأودت بحياة آلاف المحتجزين منهم وقتئذ، بدأت يوم الثلاثاء جلسات محاكمته في العاصمة السويدية ستوكهولم، حسب "سكاي نيوز عربية".

وتفصيلاً، يُتوقَّع أن تستمر المحاكمة قرابة عشرة أشهر، وأن تتضمن فصولاً ساخنة نظرًا لما قد تكشفه من حقائق ممارسات النظام الإيراني في تلك الحقبة، فضلاً عن أدوار بعض القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين الحاليين في التجاوزات، بمن فيهم الرئيس حديثًا إبراهيم رئيسي، الذي كان مدعيًا عامًّا في العاصمة طهران، ويجري اتهامه على نطاق واسع بممارسة دور فعلي في تلك المحاكمات الصورية.

وحينما وقعت تلك الأحداث كان حميد نوري مساعدًا للنائب العام في محافظة كرج الإيرانية القريبة من العاصمة طهران، حيث يقع سجن "جوهاردشت" الشهير، الذي نُفّذت فيه أشهر عمليات الإعدام، التي طالت قياديين ومسؤولي التنظيم في حركة "مجاهدي خلق" الإيرانية، وغيرها من التنظيمات المعارضة.

وكانت أحداث صيف عام 1988 مع نهاية الحرب الإيرانية - العراقية مباشرة؛ إذ اتهمت السلطات الإيرانية منظمة "مجاهدي خلق" بشن هجمات داخل إيران، وبدأت محاكمات صورية سريعة بأمر من المرشد الإيراني الأسبق الخميني.

وجرت المحاكمات بين 30 يوليو 1988 حتى 16 أغسطس 1988، ونُفّذت بسببها إعدامات طالت 5 آلاف معارض إيراني، حسب المنظمات الدولية الحقوقية المختصة، لكنها تتجاوز 30 ألف حالة إعدام، حسب منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وغيرها من التنظيمات السياسية الإيرانية، التي سقط لها ضحايا من أعضائها ضمن تلك الحملة، وإن كانوا أقل من أعضاء منظمة "مجاهدي خلق".

وكانت الشرطة السويدية قد اعتقلت المتهم حميد نوري خلال عام 2019، حينما كان قادمًا إلى السويد في زيارة عائلية. وبعد ذلك تقدم العشرات من السجناء السياسيين الإيرانيين بطلبات ادعاء للقضاء السويدي.

وذكر المشتكون في شهادات متطابقة أن نوري كان مساعدًا للمدعي العام في سجن جوهاردشت الشهير؛ إذ كان مشرفًا رئيسيًّا على جلسات الاستماع السريعة في أقبية السجن، ويشرف على تنفيذ أحكام المئات من السجناء يوميًّا.

وشملت الاتهامات عمليات تعذيب السجناء، والحرمان من الطعام، والتهديد بانتهاك الكرامة، التي كانت تُمارَس خلال تلك المحاكمات.

ملف الادعاء المؤلف من أكثر من 800 صفحة جمعه الادعاء العام السويدي، بحكم الولاية العالمية، من شهادات العشرات من الذين نجوا من ذلك السجن بأعجوبة، إضافة إلى شهادات بعض المنشقين عن النظام الإيراني، بمن فيهم سجانون سابقون كانوا شهودًا بحكم عملهم على ما جرى.

وتجمَّع مئات المتظاهرين الإيرانيين أمام مبنى المحكمة السويدية صباح الثلاثاء، من الذين شاركوا في الادعاء على حميد نوري، وقدموا شهاداتهم، وطالبوا في عريضة مشتركة مع عائلاتهم بأن يتوسع الادعاء السويدي، وأن تطول المحاكمة جميع المشاركين في تلك التجاوزات، بمن فيهم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي.

وذكَّر المحتجون بالبيان الشهير لـ150 شخصية عالمية، من الحاصلين على جائزة نوبل الدولية، الذين أصدروا ورقة مشتركة أوائل شهر مايو الماضي؛ إذ طالبوا بعقد محاكمة دولية بشأن تلك الأحداث.

من جانبها، تنفي السلطات الإيرانية وقوع تلك المحاكمات، التي حدثت حسب فتوى شهيرة من المرشد الإيراني الأسبق الخميني، حين شكلت لجنة رباعية لتنفيذ بنود الفتوى عمليًّا.

وتألفت اللجنة من مرتضى إشراغي وحسين علي النايري ومصطفى بور محمدي والرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، إلا أنه نشرت عائلة حسين علي منتظري، الذي كان نائبًا للمرشد الأعلى وقتئذ، ملفًّا صوتيًّا في شهر أغسطس من العام 2016، تم تسجيله في الأصل في أغسطس 1988، انتقد فيه بشدة عمليات الإعدام في محادثة مع اللجنة.

ووصف منتظري تلك العمليات بأنها "أكبر جريمة في الجمهورية الإسلامية، التي سيديننا التاريخ بسببها"، حسب تعبيره حرفيًّا؛ وهو ما أجج الدعوات لإعادة فتح ذلك الملف.

الباحث والناشط المدني الإيراني يلبغا زهراني، وأحد أقارب المشاركين في الدعوى، شرح أهمية المحاكمة الحالية: "فمن جهة تعني هذه المحاكمة أن الجرائم الكبرى ضد الإنسانية مسؤولية عالمية، وليست محلية. هذا الأمر يقلق عشرات الآلاف من قضاء وسجاني ومرتكبي الجرائم في النظام الإيراني، الذين سيتحسسون خوفًا بدءًا من الآن، كلما قرروا مغادرة بلادهم".

ويضيف زهرانية: "هذه المحكمة تعني أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وأن السلطة وأركانها وفاعليها، أيًّا كان موقعهم، وكيفما تبدلوا، يبقون مسؤولين عما اقترفوه يومًا ما، والمجتمعات الإيرانية في المنافي تعلمت من هذه المحاكمة درسًا في التكاتف والعمل الجماعي للدفاع عن حقوقها".

صحيفة سبق اﻹلكترونية