{لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ..}

{لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ..} {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ..}

{لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ..}

حینما أرسل الله رسله بالتعالیم الربانیة والنصوص المقدسة، وأنبیاءه بالتشدید على تعالیم مَن سبقهم، كان على علم سبحانه بأن الناس في تلقي تلك التعالیم صنفان؛ فمنهم من یؤمن بسهولة، أي بمجرد وجود نص وقائل له، ومنهم من یحتاج إلى أدلة وبراهین وتأكیدات تمس روحه وعقله؛ وذلك للتثبت من نبوءة محدثهم، وللتأكد أنه لا ینطق عن الهوى.

هذه الصورة الربانیة العظيمة في التعامل مع البشر فیها إرشاد إلى طبیعتهم، وقد أكده سبحانه وتعالى في قوله: {إن في ذٰلك لذكرىٰ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهید}.

تؤكد الآیة أن من البشر مَن یعقل ما یرى، ویستوعب الدروس، والنصوص، والآیات والعِبر، وبالمقابل بعضهم تمرُّ علیه مرورًا سریعًا، لا یلقي لها بالاً، ولا تحرك فیه ساكنًا. وهذا حال البشر مع العبادات أیضًا. فحینما تم التشديد في محكم التنزیل على أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لم یقصد من ذلك أداء العبادة لمجرد الأداء، وكأنها عمل روتیني یقدم في سبیل الحصول على أجر.. ولو كان المقصد من العبادة تأدیتها فقط لما كانت النیة شرطًا، عدم توافره یخل في صحتها.

حلت علینا عشر فضیلة، یذكر بعض المفسرین أنها هي من أقسم الله بها في سورة الفجر في قوله: "ولیال عشر"، ویُحثُّ الناس بعضهم بعضًا قبلها وخلالها بضرورة التزود من الطاعات وتأدیة العبادات، ویذكرون أنها فرصة عظیمة، لا تتكرر إلا في كل عام، ولا ضیر من كل ذلك، لكن ما قیمة أداء العبادات في هذه العشر والعمل على تعظیم شعائر الله إن لم یطهر المرء قلبه من إیذاء الآخرین، وظلمهم، وسلب حقوقهم، والتعدي على مالهم وعرضهم وأنفسهم؟!

الغفلة عن حقوق العباد وفقه المعاملات، مع السعي لتحقیق عبادات بعینها، یؤكد أن هناك خللاً في فهم الدین لدى المرء. وقد یكون الخلل في فهم الدین ممتدًا إلى المنظومة الدینیة في المجتمع إذا كان جل أبناء المجتمع یتعاملون بهذه الطریقة.

ومثل هذا الوعي لا یكون إلا لمن كان له قلب؛ فالعبرة بضرورة العمل بمحكم التنزیل ضبط السلوك البشري مع أداء العبادة، ولیس لأحدهما أفضلیة على الآخر.

صحيفة سبق اﻹلكترونية