أخبار عاجلة

"مدرستي" في شهرها الأول.. عطاء لا يتوقف وتفاعل أسري و"إنسانيات" بلا حدود

رغم حداثة التجربة إلا أنها تجاوزت غالبية العقبات

مضى نحو ثلاثين يوماً على انطلاق العام الدراسي الجديد بشكله المختلف لأول مرة منذ 90 عاماً، حيث تلقى الطلاب تعليمهم تقنياً عبر منصة "مدرستي" بثوب افتراضي؛ ونجحت وزارة التعليم بجمع 6 ملايين طالب وطالبة وأولياء أمورهم، و525 ألفاً من شاغلي الوظائف التعليمية، على "قلب رجل واحد"، وهو المستحيل في العرف الإلكتروني، حيث لا يوجد سوى شركتين على مستوى العالم سبق لأنظمتهما ومنصاتهما التعليمية تحمّل عدد كبير من المستخدمين بشكل مركزي، وهما: "قوقل ومايكروسوفت".

وعلى الرغم من أن المنصة واجهت تحديات في عملية الدخول في الأسبوع الأول والساعات الأولى من الأسبوع الثاني، إلا أن المعالجات المستمرة والمتابعة وإيجاد الحلول من قبل الوزارة مهّد الطريق أمام الرحلة التعليمية، وتلقى طلاب المراحل الثلاث حصصهم الدراسية من منازلهم بانسيابية عالية وتفاعل كبير.

ومع أن التجربة جديدة على المجتمع بأسره إلا أن "مدرستي" كشفت عن وجه جميل وهو تفاعل الأسر مع توجيهات الوزارة ومستجدات المنصة، وكذلك تفاني المعلمين والمعلمات وعطاؤهم اللامحدود، وتحامل عدد من المعلمين على مرضهم وشرح دروسهم.

وتحيط بـ"مدرستي" أرقام مشرفة صاحبت حداثة المنصة، حيث سجلت الفترة الماضية إنجازاً كبيراً تمثل في دخول 92٪؜ من الطلاب والطالبات في منصة مدرستي، و97 % من المعلمين والمعلمات، و37 %؜ من أولياء الأمور، وتدريب أكثر من 389 ألف متدرب ومتدربة من شاغلي الوظائف التعليمية على المنصة من خلال (2500) برنامج تدريبي، كما استمرت العملية التعليمية دون انقطاع بما تم توفيره من بدائل، فهناك 24 قناة من قنوات "عين" التعليمية الفضائية تبث بشكل مستمر، وعلى فترات متكررة خلال اليوم؛ لتغطية جميع الظروف والمراحل الدراسية، من خلال تخصيص قناة خاصة لكل صف دراسي، منها 6 قنوات للمرحلة الابتدائية، و3 قنوات للمرحلة المتوسطة، و10 للمرحلة الثانوية، و3 للتربية الخاصة، وقناة لتعليم الكبار والتعليم المستمر.

ورافق يوميات منصة "مدرستي" إنسانيات بلا حدود قدمها أبطال التعليم، وتناقل الإعلام المحلي والخارجي نماذج مشرفه بينها ثلاث حالات من جازان واثنتان في الرياض والأخرى من الخرج، الحالات الأولى تحدت الجبال والظروف المحيطة من وعورة الطرق وضعف الإنترنت للحصول على التعليم عبر المدرسة الافتراضية، حيث انطلقت الصور إلى فضاء العالم ولقيت إشادة واسعة.

فمن أقصى الجنوب الغربي من تراب المملكة لم ينتظر المعلم محمد حمد دغريري، أحد منسوبي ابتدائية جبل المعادي بمحافظة هروب والتي تتبع لتعليم صبيا بجازان، حضور الطلاب لمدرستهم لمساعدتهم في الدخول لمنصة "مدرستي"، وإنما توجه لمنازلهم بنفسه على متن سيارة دفع رباعي قديمة؛ بسبب وعورة الطرق الجبلية والتي لا تتسع سوى لمركبة واحدة في بعض المواقع، وذلك حرصاً منه على تدريبهم وتعريفهم بكيفية الدخول للمنصة.

ورداً على هذه البادرة، صدر توجيه من وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ بتكريم المعلم "دغريري".

وفي جازان أيضاً، تم تداول لقطة لطالب بالمرحلة الابتدائية يتلقى تعليمه عن بُعد في أعالي الجبال، وهو يرتدي اللباس الجبلي التقليدي المكون من الإزار و"الشميز" مع تزيين الرأس بالعصايب العطرية ولبس الجوفية، حيث ما زال المجتمع الجبلي في المنطقة الجنوبية يحتفظ بتقاليد اللباس هناك ويرتديه.

وأبدت سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، إعجابها بالصورة المتداولة، وغردت باللغة الإنجليزية عبر حسابها الشخصي في "تويتر" قائلة: "لقطة العودة للمدرسة عن بعد التقطها المصور حسن هروبي وهي من الأعراف الجديدة والجميلة في منطقة جازان".

وجاءت الحالة الثالثة من ذات المنطقة، حيث ساهم معلما رياضيات بمحافظة الدرب في تسهيل العملية التعليمية عن بُعد على الطلاب؛ وذلك من خلال تفعيل الجانب التقني، وتسخير المعدات في المدرسة.

وفي الرياض تحامل معلم لغتي محمد حسن الفيفي، على إصابته بمرض السرطان واستمر في تقديم دروسه من غرفة المستشفى، وفاجأه وزير التعليم بمشاركته أحد الدروس مع الطلاب كنوع من التكريم له، وفي مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ومن صالة انتظار قسم القلب تحديداً قدم المعلم علي بن حسين آل شتله درسه لطلاب الصف الثالث ثانوي بالرغم من أوجاع القلب.

وفي محافظة الخرج ومن بين أجهزة غسيل الكلى واصل المعلم خالد عكاش العنزي تقديم شروحاته في مادة لغتي لطلاب متوسطة حطين، متحاملاً على مرضه، وهو المشهد المؤثر والنموذج الرائع.

كما أشركت المدرسة الافتراضية -المعنية بتقديم الدروس عن بعد- رؤساء تحرير الصحف ومديري القنوات وممثلي وسائل الإعلام كافة والنخب الثقافية وكتاب الأعمدة، وأطلعتهم على التجربة بحضور وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ الذي تولى شرح الخدمة المقدمة للطلاب والطالبات في المملكة، وأجاب بنفسه على استفساراتهم بحضور المختصين في الوزارة.

صحيفة سبق اﻹلكترونية