أخبار عاجلة

قبل 90 عاماً.. كيف احتفل السعوديون باليوم الوطني الأول للمملكة؟

خفقت القلوب طرباً به.. وعَمّت البهجة في جميع الأنحاء

قبل 90 عاماً.. كيف احتفل السعوديون باليوم الوطني الأول للمملكة؟

تجاوباً مع شعور وطني عارم ساد بين أبناء الشعب السعودي، ودفعهم إلى رفع مئات الالتماسات إلى قائد دولتهم، بتغيير اسمها الذي كانت تُعرف به إلى اسم آخر يعبّر عن الواقع السياسي الجديد، الذي أصبحت عليه بعد توحيد أنحائها، أصدر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، في يوم الأحد 17 جمادى الأول 1351ه الموافق لـ 19 سبتمبر عام 1932م أمراً ملكياً حمل رقم 2716، يقضي في مادته الأولى بالموافقة على تغيير اسم الدولة من "المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها" إلى "المملكة العربية "؛ نزولاً على رغبة شعب المملكة، كما نص في مادته الثامنة على اختيار يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق لـ 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان توحيد المملكة، ومن ثمّ يوماً وطنياً سنوياً لها.

مهرجانات عظيمة

وعلى أثر صدور الأمر الملكي انتشرت الفرحة بين أبناء المملكة، وعمت الاحتفالات كل أرجائها، وقد وثقت صحيفة أم القرى في عددها رقم 406 الصادر في يوم الجمعة 22 جمادي الأولى 1351ه، مظاهر احتفال الشعب السعودي باليوم الوطني الأول لدولتهم، واصفة إياه بأنه "يوم مشهود سيبقى مفخرة عظيمة في التاريخ تقام له الذكريات"، وذكرت أن قلوب السعوديين خفقت طرباً وجذلاً به، وعلت وجوههم علامات الفرح والسرور، وقد وثقت الصحيفة احتفال السعوديين باليوم الوطني الأول من خلال مشاهد سجلت خلالها ما شهده اليوم من مظاهر رسمية وشعبية في طول البلاد وعرضها.

واستهلت "أم القرى" التوثيق بمشهد بانورامي عابر لكل أنحاء البلاد، احتوى عدداً من اللقطات المعبرة، مبينة أنه لم تشرق شمس يوم الخميس الذي اختاره الملك عبدالعزيز يوماً وطنياً، حتى كانت البلاد من أقصاها إلى أقصاها مبتهجة بهذا اليوم، الذي حققت فيه أمانيها، وأشركت فيه شيوخ الأمة وشبابها كبيرها وصغيرها وغنيها وفقيرها، ودبت حركة مباركة في جميع أنحاء المملكة رفعت فيها الرايات العربية على دوائر والمؤسسات والمخازن والبيوت والشرفات، وأقيمت مهرجانات عظيمة في كل صقع ونادٍ، وكانت عامة شاملة لم تستأثر بها بلدة دون أخرى.

فرح الشعب

وسجلت "أم القرى" مظاهر الاحتفال في العاصمة الرياض باليوم الوطني الأولى، بمشهد الاجتماع الضخم الذي عقد في المدينة في الصباح، وحَفِل بتشريف الملك عبدالعزيز، وحضور أمراء العائلة المالكة، ورؤساء القبائل، وإعلان تحويل المملكة، ثم ألقى الأمير سعود بن عبدالعزيز (يومئذ) خطاباً قال فيه: "نحتفل اليوم في هذا البلد العربي إعلاناً لفرح بلادنا وشعبنا باتحاد مملكتنا العربية، واتحاد أجزائها، وذلك تلبية لما كان يجيش في صدر كل عربي مخلص لهذه البلاد منذ زمن، وإجابة للطلبات المتوالية التي وردت على جلالة الملك بطلب التوحيد"، وأضاف: "ولقد وافق أيده الله على هذا التوحيد بضم أجزاء هذه المملكة، وإننا نعلن في هذه العاصمة العربية للملأ أن هذه المملكة بعد توحيدها أصبحت المملكة العربية السعودية، بدلاً من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، إيذاناً بإزالة الفوارق التي بين أجزاء هذه المملكة".

ووجهت "أم القرى" عدستها صوب مكة المكرمة لتصوير مشاهد الاحتفال باليوم الوطني هناك، التي بدأت بوصول كتائب الجند والشرطة عند الثانية ونصف ظهراً، اصطفاف فريق منها على جانبي الطريق بداية من مدخل دار الحكومة إلى قصر الأمير في الغزة لأداء التحية، فيما تجمع وراء صفوف الجند جمهور غفير من المواطنين، كما اجتمع عدد كبير من أعيان الأمة وكبار الموظفين وغيرهم في دار الحكومة، وعند الساعة الثالثة تحرك ركب الأمير فيصل بن عبدالعزيز من قصره العامر قاصداً دار الحكومة، فيما الجنود يؤدون له التحية.

تحقق الآمال

واستقبل كبار الموظفين والأعيان الأمير فيصل في مدخل دار الحكومة، وجلسوا في قاعة الاستقبال للاستماع إلى خطابه الذي قال فيه: "لا أستطيع أن أعبر لكم عما يخالجني من السرور في هذا اليوم الذي منّ الله به على هذه الأمة العربية المسلمة ضمن مملكة واحدة"، مضيفاً: "إن جلالة الملك يشكر لكم هذه الغيرة التي أبديتموها، والإخلاص الذي أظهرتموه، وقد تفضل جلالة مولاي نزولاً على رأي الأمة فأصدر أمره بالموافقة على رغباتكم"، ثم تلا الأمير فيصل الأمر الملكي رقم 2716 القاضي بإعلان المملكة العربية السعودية، وأطلقت المدفعية مئة طلقة تحية لهذا اليوم، وبعد الانتهاء هتف الحاضرون بحياة جلالة الملك.

ووثق مراسل "أم القرى" في الطائف مظاهر الاحتفال اليوم الوطني بمشهد اصطفاف الجند والهجانة أمام قصر الإمارة المعد للاحتفال، في الساعة الثالثة بعد الظهر، فيما أقبل الناس أفواجاً أفواجاً ونفوسهم مليئة بالبِشر والسرور بهذا اليوم الذي، تحققت فيه آمال العرب، وافتتح الحفل بآيات من القرآن الكريم، ثم تلا الشيخ عبدالوهاب عرب الأمر الملكي المتضمن موافقة جلالة الملك على رغبة شعبه على تغيير اسم "المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها"، إلى "المملكة العربية السعودية" ثم أطلقت المدفعية مئة طلقة، وانبرى ثلاثة من التلاميذ في إلقاء خطب تناسب المقام، كان لها أحسن وقع في نفوس الحاضرين.

اليوم الوطني

صحيفة سبق اﻹلكترونية