أخبار عاجلة

نار قيصر تكوي قلوب السوريين..عرفت جثة ابنها من صورة!

جي بي سي نيوز :- ما كشف عنه الشاب السوري المعروف باسم "قيصر" من صور مرعبة سربها إلى الكونغرس الأميركي لتأكيد جرائم النظام السوري على مدى سنوات طويلة بحق الشعب، فتح جروحاً كثيرة لم تكن قد شفيت أصلاً.

فبعض العائلات السورية قالت إن من الأفضل لها أن تعرف الحقيقة وتحزن، فيما قالت أخرى إن معرفة ما حدث أسوأ لها من الموت نفسه.

وبالفعل، أن تقول لأحدهم إن قريباً لك قد مات أمر صعب للغاية، لكن ما هو أصعب أن تقول له "مات تعذيباً"، فهذه عبارة قاتلة ذاقت مرّها عائلات سوريا كثيرة بسبب إجرام النظام.

ومع إقرار قانون قيصر من قبل الولايات المتحدة في يونيو/حزيران الماضي، بدأت المآسي بالظهور، وكشف ما تعرض له مئات الضحايا في غرف التعذيب التابعة للنظام بفضل جهد جديد للتعرف على الجثث من عشرات الآلاف من الصور التي تم تهريبها من دمشق قبل سبع سنوات.

النهاية!

فيما مثّلت صورة جثة تكسرت عظامها وعليها رقم لبعض الأسر نهاية رحلة البحث، حيث عثرت أم منذر ياسين، البالغة من العمر 58 عاما، على صورة ابنها جميل الشهر الماضي بعد فحص عدد لا حصر له من الصور لجثث مشوهة. وقالت: "إن الضحايا ماتوا جوعى وعرايا".

فقد ظل جميل مهندس الكمبيوتر مفقودا منذ إحدى ليالي يونيو حزيران 2011 عندما ألقت الشرطة السرية القبض عليه من شقة الأسرة في دمشق.

وفي الصورة التي اكتشفتها أمه كانت عيناه مفقوءتين وساقاه مكسورتين.

وتابعت الأم الثكلى من مقر إقامتها في عمان التي لجأت إليها هي وزوجها منذ فرارهما من سوريا عام 2013، إنه كان من الأفضل لابنها أن يموت برصاصة لو أنهم أطلقوا عليه النار بدلا من أن يعاني ما عاناه.

"قتلوه مرتين"

أما الأب المكلوم، الذي يعمل طبيبا، فقد قال: "قتلونا مرتين"، الأولى عند إلقاء القبض عليه، والثانية عندما شاهدت الأسرة الصور.

وتساءل الأب "ألسنا بشر؟".

صور قيصر (أرشيفية- فرانس برس)صور قيصر (أرشيفية- فرانس برس)

وكانت صورة جميل بين 53275 صورة هربها على أقراص من سوريا للخارج مصور سابق يعمل لدى قوات النظام، أطلق عليه اسم مستعار "قيصر"، وهرب من سوريا في أغسطس/آب 2013. حيث كانت مهمته تتمثل في تسجيل حالات الوفاة في السجون العسكرية.

أين قيصر؟

بعض الأصدقاء قالوا إن قيصر يعيش متخفيا في بلد لم يتم الكشف عنه خوفا من التعرض للانتقام منه ومن عائلته. كما لم تستطع وكالة رويترز التي أعدت التقرير أن تصل لمعلومات أكثر.

وتعتقد جماعات حقوقية أن صور قيصر تتضمن صورا لعدد 6785 معتقلا معظمهم تعرض للتعذيب على أيدي السلطات في سوريا في الشهور الأولى من الصراع.

الشاب السوري قيصر متخفياّ بسترة زرقاءالشاب السوري قيصر متخفياّ بسترة زرقاء

بدوره، قال فاضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن حالة الجثث التي تعرض أصحابها للتعذيب والتشويه والتجويع تجعل من الصعب التعرف عليها. وتقول الشبكة إنها حددت هوية 900 ضحية حتى الآن.

يشار إلى أن الأضواء كانت سلطت على الصور للمرة الأولى في العام الذي هرب فيه قيصر من سوريا، إلا أنه بعد فرض العقوبات تم نشر الصور من جديد على بعض منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالناشطين، الأمر الذي منح الأسر فرصة جديدة لمعرفة مصير أحبائها.

قضي على الأمل!

في السياق أيضاً، أفادت المعلمة السورية فداء الوعر التي أُخذ شقيقها محمد مختار البالغ من العمر 19 عاما عند حاجز أمني في حمص في العام 2012 إن العثور على صورته قضى على أمل الأسرة في رؤيته على قيد الحياة مرة أخرى، مضيفة: "أراه في أحلامي حيا وأنه سيرجع".

وتابعت أن حزن الأسرة عليه تجدد عندما رأت الصورة لأنها كانت تأمل دائما أن يأتي اليوم الذي يطلق فيه سراحه.

صور قيصر (أرشيفية- فرانس برس)صور قيصر (أرشيفية- فرانس برس)

فيما عود فداء بذاكرتها إلى اليوم الذي توسلت فيه الأسرة لابنها الشاب ألا يذهب إلى المنطقة التي كان المتظاهرون يحتجون فيها في المدينة على حكم الأسد في الأيام الأولى من الصراع، والتي كانت قوات الأمن تلقي فيها القبض عشوائيا على الشبان عند الحواجز الأمنية.

وقالت فداء إن شقيقها بالنسبة للسلطات مجرد رقم موضوع على جبهته ولا شيء غير ذلك.

"انتهت سنوات الشك"

وفي مآساة أخرى، تعرفت مريم الحلاق على صورة ابنها أيهم البالغ من العمر 25 عاما، وكان طالبا بالدراسات العليا في طب الأسنان عندما اختطف من حرم جامعة دمشق في نوفمبر تشرين الثاني 2012 لتنهي بذلك سنوات الشك، ثم أمضت أكثر من 17 شهرا وهي تدق أبواب كل الإدارات الحكومية بحثا عن شهادة وفاة لابنها.

وقالت مريم في شقتها ببرلين "الحمد لله أنه مات في البداية ولم يتعرض للتجويع حتى يصبح هيكلا".

فيما كشف زميل لابنها في الكلية اعتقل معه وتم الإفراج عنه فيما بعد، إن أيهم تعرض للتعذيب مدة ساعتين على الأقل قبل أن يفقد الوعي، بعد أن تعرض للضرب على رأسه بقضيب معدني، وبعدها توقف التعذيب.

ولفظ أيهم أنفاسه الأخيرة بين ذراعي زميله بعد 5 أيام من القبض عليه، وفي صور قيصر لجثته كان على جبهته ملصق يقول إن الجثة رقم 320 من مركز الاحتجاز رقم 215.

"ليتني مُت"

وفي معسكر للنازحين في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة عثرت جورية علي، البالغة من العمر 74 عاما، أخيرا على صورة لابنها جمعة الذي تم إنزاله من حافلة عامة بالقرب من القطيفة على أطراف دمشق وهو في طريقه إلى العمل في العاصمة.

كما قالت الأم الملتاعة "يا ليتنى مت ولم أر تلك الصورة. لم يكن هناك من هو أحن منه"، وكشفت أنها كانت كل يوم منذ اختفى قبل 8 سنوات تتطلع إلى الباب يحدوها أمل خاطف أن يظهر فجأة، ثم أضافت: "الله يحرمهم من شبابهم كما حرموا ابني من شبابه".

لن يستطيعوا الإنكار

من جهة أخرى، أكدت المحامية، سارة كيالي، الخبيرة في الشأن السوري بمنظمة هيومن رايتس ووتش التي يوجد مقرها بالولايات المتحدة والتي أجرت دراسة عن الصور، إن هذه الصور تجعل من المستحيل إنكار استخدام التعذيب الممنهج في نظام سجون الأمن السورية.

صور قيصر لمعتقلين في السجون النظامصور قيصر لمعتقلين في السجون النظام

وقالت كيالي: "لقد أظهروا لنا دليلا لا يمكن دحضه على أن النظام احتجز وعذب الآلاف الذين اختفوا، والذين كان ينكر وجودهم، وأنه عذبهم حتى الموت".

إلى ذلك، وبعد 9 سنوات من انطلاق شرارة الصراع الذي سقط فيه أكثر من نصف مليون قتيل، وشرّد ما يزيد على نصف سكان سوريا، أضحى السوريون في الداخل يعانون من أزمات اقصادية لا توصف وأخرى اجتماعية بسبب فقدان الأمن والأمان، لتأتي تداعيات تفشي المستجد ونقص الإمدادات الصحية والأطقم الطبية والمعدات لتزيد الطين بلات كثيرة.

العربية 

جي بي سي نيوز