أخبار عاجلة

أزمة الديون الدولارية تهدد بحالات إفلاس واسعة لشركات عالمية

أزمة الديون الدولارية تهدد بحالات إفلاس واسعة لشركات عالمية أزمة الديون الدولارية تهدد بحالات إفلاس واسعة لشركات عالمية

مباشر - سالي إسماعيل: في الوقت الذي تعج فيه الأسواق بالفعل بحالة من الفوضى، فإن هناك أزمة ديون دولارية تهدد الآن الاقتصاد العالمي.

ويناقش فيليب تورنر، وهو محاضر زائر في جامعة بازل وكان يعمل سابقاً في بنك التسويات الدولي،خلال رؤية تحليلية نشرها موقع "بروجيكيت سينديكيت" مسألة احتواء أزمة الائتمان مستحق السداد بالدولار.

وشهدت الشركات التي تعتمد على التجارة الدولية تعرض أرباحها لحالة من الانهيار كما أن الكثير من تلك الشركات لن يكون قادراً على خدمة ديونه المقومة بالدولار، في حين تواجه البنوك الدولية ضغوطاً شديدة.

وتعلم العالم تكاليف الإبطاء في اتخاذ التدابير الرامية لمكافحة ، وبالمثل فإن الكثير من الأدوات التي تمتلكها الحكومات والبنوك المركزية لمعالجة العواقب الاقتصادية الناجمة عن هذه الأزمة الصحية تصبح كذلك أقل فعالية كلما طال تردد صناع السياسة.

وكانت أزمة الديون تلوح في الأفق حتى قبل تفشي وباء "كوفيد-19".

وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2019، أشار تقرير صادر عن "روبرت تريفين إنترناشيونال" إلى سيطرة اللون الأحمر على كل مؤشر يرصد التعرض للدولار خارج الولايات المتحدة (في إشارة للتحذيرات المقلقة).

وحذر معدو التقرير أن الديون بالدولار للجهات غير المصرفية خارج الولايات المتحدة تقف عند مستويات قياسية جديدة.

وأضافوا أن عدم تطابق العملات وقروض الرافعة المالية في القطاع الخاص قد ازدادت، كما أن التمويل بالدولار للبنوك خارج الولايات المتحدة يبدو هشاً.

وفي الواقع، تتجاوز ديون الجهات غير المصرفية المقومة بالدولار خارج الولايات المتحدة الآن 12 تريليون دولار أو ما يعادل 14 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو أعلى من معدل 10 بالمائة المسجل في عام 2007 قبل الأزمة المالية العالمية مباشرة.

وعلاوة على ذلك، تبلغ السندات المقومة بالدولار والمصدرة من قبل الكيانات غير الأمريكية بخلاف البنوك حوالي 7 تريليونات دولار، وهو ما يبلغ ثلاثة أمثال مستويات عام 2007.

وستكافح العديد من الشركات خارج الولايات المتحدة (بما في ذلك الصين وغيرها من الأسواق الناشئة) لخدمة ديونها المقومة بالدولار.

وبعد مرور ثلاثة أشهر على أزمة "كوفيد-19"، لا تزال التجارة الدولية في السلع والخدمات معطلة.

والسؤال؛ كم من الوقت تبقى أمام الشركات التي لا تحقق أيّ أرباحاً قبل أن تفشل في سداد مدفوعات السندات؟

وستتبع العديد من الشركات استراتيجيات مالية دفاعية يمكن أن تضر البنوك بشدة، فعلى سبيل المثال ستقوم الشركات المجهدة بسحب ودائعها (التي تعتبر بمثابة تمويل مستقر للبنوك) أو ستنشط خطوط الائتمان الخاصة بها.

وسيؤدي تدافع الشركات العالمية مقابل السيولة بالدولار إلى تآكل احتياطي السيولة لدى البنوك.

ويمكن أن تجبر البنوك على خفض خطوط الإقراض والائتمان، كما يمكنهم القيام بذلك بسرعة أكبر مما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية؛ نظراً لأن القواعد الجديدة الخاصة باتفاقية "بازل "3 للسيولة تجعل الأمر أكثر سهولة بالنسبة للبنوك لإلغاء خطوط الائتمان.

وستعمل البنوك على بيع الأصول الخطرة بأسعار منخفضة للغاية، وبالنظر إلى التقلبات الصارخة في الأسواق ستطلب المزيد من الضمانات من العملاء الذين يستخدمون قروض الرافعة المالية.

ومن المرجح أن تضيف المؤسسات التي تعرضت لسلسلة من عدوى الإفلاس العابرة للحدود المزيد من الضغوط الانكماشية على الاقتصاد العالمي.

ولا يعتبر خفض معدلات الفائدة بمثابة أمر كافي، حيث إن تراكم ديون الشركات بالدولار ضخم للغاية، كما أن الضربة الوشيكة للأرباح شديدة للغاية.

وكما حدث في عامي 2007 و2008، فإن السيولة الخاصة تستنزف سريعاً من الأسواق، وينبغي على البنوك المركزية ضخ السيولة بشكل سريع عبر تجدد برنامج "التيسير الكمي" على نطاق واسع، مع الإشارة مرة أخرى إلى أنها ستفعل "كل ما يتطلبه الأمر".

ويمكن للفيدرالي الأمريكي وحده توفير السيولة الدولارية اللازمة على نطاق كافٍ.

وبالرغم من تعرضه إلى انتقادات سياسية غير مبررة على الصعيد المحلي، لكن الفيدرالي قام بوظيفته في الأزمة الأخيرة.

وبالإضافة إلى دور المركزي الأمريكي في تحقيق الاستقرار داخل سوق السندات الأمريكي (بؤرة هذه الأزمة)، فإنه زود البنوك المركزية الكبرى الأخرى بوصول غير محدود إلى مقايضات الدولار، وهو ما يمثل اعتراف جزئي بحقيقة أن تعرض البنوك الأوروبية للدولار كان مرتبطاً في المقام الأول باستثمارات في الأوراق المالية الأمريكية المرتبطة بالرهن العقاري.

بيد أن هذه المرة مختلفة، حيث إن سلطات الفيدرالي كمقرض الملاذ الأخير تم تقليصها منذ الأزمة الأخيرة.

وبالإضافة إلى ذلك، من المحتمل ألا يكون مركز أزمة السيولة الدولارية القادمة في الولايات المتحدة بل في أسواق السندات المقومة بالدولار والصادرة عن شركات غير أمريكية.

وسيمتنع الفيدرالي عن مساعدة الشركات الأجنبية التي لديها الكثير من الديون بالدولار.

ومع ذلك، كما هو الحال في عامي 2007 و2008، فإن مشكلة السيولة بالدولار ستكون في قلب الأزمة.

ومن شأن حل تلك الأزمة أن يتطلب عملاً متضافراً من قبل العديد من الكيانات الرسمية، مثل البنوك المركزية والهيئات التنظيمية وقبل كل شيء الحكومات.

ويستحق الفيدرالي الثناء على الإجراءات التي اتخاذها في 15 مارس/آذار، وعلى الدور القيادي في التدابير من قبل البنوك المركزية الأخرى.

وتحتاج كافة البنوك المركزية لتكثيف برنامج التيسير الكمي بشكل كبير، حيث يجب استخدام خطوط مبادلة الدولار مع الفيدرالي لضمان أن البنوك المركزية تنفذ عمليات إقراض بالدولار بحرية.

وبالنظر إلى الاستثمارات العامة الضخمة بالدولار للبنوك غير الأمريكية قبل صدمة فيروس كورونا، فمن المرجح بشدة أن تواجه بعض البنوك الكبيرة عملية التخلف عن سداد ديونها بالدولار في حال غياب المساعدة الرسمية.

ويجب على الجهات التنظيمية تخفيف قواعد رأس المال والسيولة المطبقة على البنوك، حيث كان المركزي الأوروبي محقاً في خفض متطلبات رأس المال والسيولة لأكبر البنوك في منطقة اليورو خلال الأسبوع الماضي.

ومع ذلك، يمكن للحكومات فقط أن تتعامل مع مسألة الهروب من الأصول الخطرة خلال وباء يحدث لمرة واحدة في القرن، كما يمكنهم تفادي الانهيار الاقتصادي العالمي في حالة التصرف بشكل سريع.

ومن شأن حالات متتالية من تعثر الشركات عن سداد الديون على الصعيد العالمي أن تؤدي إلى شل النظام المالي.

ويُعد تقديم المساعدة بشكل مباشر وفوري إلى الشركات المتضررة من الوباء بمثابة أمر ضروري.

وعلى هذا النحو، ينبغي تخفيف القواعد والقيود المالية على مساعدات الدولة كما يجب على الحكومات تقديم ضمانات جزئية للبنوك التي تقدم القروض بسرعة للشركات المتعثرة.

ويظهر هذا الأمر بوضوح في منطقة اليورو، التي تواجه اختباراً فريداً لقدرتها على مساعدة الدول الأعضاء الأشد تضرراً من الأزمة.

ويجب على الحكومات ألا تتراجع عن دعم أسواق الأسهم، حيث تخلق الانخفاضات الحادة في الأسهم فرصاً للربح، كما تعني الأسواق المتقلبة أنه من المرجح ارتفاع الأسعار بشكل أكثر قوة استجابة للمشتريات الرسمية.

وتأخر صناع السياسة حول العالم كثيراً في اتخاذ إجراءات لاحتواء الفيروس، ولا يجب أن يكررواً هذا الخطأ بالسياسة الاقتصادية، لكن يجب عليهم الآن التوافق على التصرف بجرأة وبشكل فوري وجماعي.

ويمكننا أن نقلق لاحقاً بشأن سلبيات التدابير الطارئة الصارمة، والتي سيكون أغلبها مؤقتاً على أية حال.

مباشر (اقتصاد)