بعد تصريحات إدارة ..هل تستفيد الولايات المتحدة من فيروس الصين؟

مباشر - أحمد شوقي: أبدى وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس رد فعل غريب تجاه انتشار فيروس "كورونا" في الصين خلال مقابلة أجريت معه مؤخرًا.

ويرى "روس" أن "تفشي كورونا سيساعد على تسريع عودة الوظائف إلى أمريكا الشمالية، وبعضها إلى الولايات المتحدة والمكسيك أيضًا، قائلاً: "الحقيقة أن كورونا يمنح الشركات أمراً إضافياً لدراسته فيما يتعلق بسلاسل التوريد الخاصة بهم".

ويرى تحليل للاقتصادي "نوح سميث" عبر وكالة "بلومبرج" أن مزاعم وزير التجارة الأمريكي بأن فيروس الصين سيدفع الشركات لتحويل إنتاجهم إلى الولايات المتحدة لا يمكن أخذها على محمل الجد.

وتصريحات "روس" تعتبر أمراً قاسياً للتفوه به في وقت يصاب فيه الآلاف من الصينيين ويتجمع ملايين آخريين في منازلهم مع انتشار المرض.

كما أنها من المحتمل أيضًا أن تكون خاطئة بخصوص المزايا المحتملة، فمن غير المرجح أن يكون بمثابة أمراً إيجابياً للتوظيف في الولايات المتحدة.

وصحيح أن الوباء قد يجعل الشركات متعددة الجنسيات تعيد التفكير في اعتمادها على الصين، ولكن الصين كبيرة لدرجة أنه على الرغم من الحاجة إلى التنويع، لا يمكن للشركات إلا أن تتحول إليها مجدداً بحثاً عن المكونات والسلع المصنعة.

وتعتمد الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية بشكل خاص على الصين في هذا الصدد.

 

 

 

ورغم أن الأمراض يمكن أن تقفز من بلد إلى آخر، إلا أنها تميل إلى البقاء داخل حدود الدولة لأن يمكنها إغلاق الحدود للحد من انتشار المرض، وهذا يسلط الضوء على خطر تركيز سلاسل التوريد في دولة واحدة.

بالطبع، هذا أمر خطير لأسباب أخرى، كما أوضحت مؤخرًا الحرب التجارية وسياسات الحكومة الصينية المصممة لمساعدة الشركات المحلية ضد المنافسين الأجانب، لكن المعرفة بأن الصين يمكن أن تظل حاضنة للوباء سريع الانتشار من المحتمل أن يزيد الشعور بالخطر.

ولن يكون هذا كافياً لجعل الشركات متعددة الجنسيات تتخلى عن الصين، خاصة بالنظر إلى إغراء سوقها المحلي الضخم، لكنه يمكن أن يسرع اتجاه التنويع إلى مواقع أخرى.

لكن من غير المرجح أن تكون هذه البدائل في الولايات المتحدة، حيث أنه في الوقت الذي أنشأت فيه الشركات الأمريكية البنية التحتية الإدارية والتقنية لإدارة سلاسل التوريد العالمية، هناك الكثير من الدول المتاحة الأخرى منخفضة التكلفة.

كما أن النجاح المذهل الذي حققته الصين في توفير الوظائف ورفع مستويات المعيشة لشعبها من خلال جذب الاستثمارات متعددة الجنسيات ألهم عددًا من الدول الأخرى لمحاولة تكرار تجربتها لتكون "الصين الجديدة".

ودولتان مثل فيتنام وبنجلاديش، كلاهما يمتلكان حكومة مستقرة وتكاليف عمل منخفضة وبدائل طبيعية كثيرة للتصينع من العناصر مثل الألعاب والملابس والأثاث والأعمال الإلكترونية وغيرها.

وفي الوقت نفسه، قفز العجز التجاري للولايات المتحدة مع فيتنام في عام 2019، بعد ارتفاع مستمر على مدار السنوات الماضية.

وقد يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى تسريع هذا التحول وجذب دول مثل إندونيسيا وإثيوبيا والفلبين إلى سلاسل التوريد العالمية.

ورغم أن كل دولة لديها قدرة محدودة على امتصاص الإنتاج من الصين بسبب القيود المؤسسية والعدد الأقل من السكان، لكنهم معًا يقدمون حجماً معتدلاً من التنويع للشركات متعددة الجنسيات.

ولكن قد يكون الخروج الشامل للشركات العالمية من الصين أمراً مختلفاً، لكنه يظل أمر غير محتمل.

وفي الوقت نفسه، قد يعود بعض الإنتاج إلى الولايات المتحدة من الصين، ولكن من المرجح أن تكون هذه الصناعات كثيفة استخدام رأس المال - الصناعة الثقيلة والتصنيع المعقد، ولكن هذه القطاعات تكون أفضل العمل بها عن طريق الأدوات الآلية والروبوتات وليس الأيدي البشرية.

وارتفاع الأجور في الولايات المتحدة يعني أن موجة إعادة التوظيف من الصين لن تفعل سوى القليل لمواجهة الاتجاه نحو التشغيل الآلي في التصنيع، مما يعني أن أي مكسب في الوظائف الأمريكية سيكون ضئيلاً.

وتلك هي مجرد آثار تحويل التجارة، على الرغم من أن الكثير من الجهد يضيع على المنافسة الصفرية للشركات متعددة الجنسيات (ربح طرف على حساب أخر)، إلا أن الحقيقة هي أن حجم النشاط الاقتصادي في العالم ليس ثابتًا.

ومن المحتمل أن يؤدي فيروس كورونا إلى خفض نمو الصين، ما يعني انخفاض الطلب على المنتجات أمريكية الصنع.

كما سيؤدي تعطيل سلاسل التوريد أيضًا إلى ارتفاع الأسعار وربما حتى النقص في المنتجات، ما يضر بالاقتصاد الأمريكي.

ومن المحتمل أن يفوق تأثير تباطؤ النمو الصيني على الوظائف أي فائدة من إعادة التوظيف.

لذا فإن تعليقات "روس" ليست قاسية فقط لكنها تعكس أيضاً فهمًا معيبًا للاقتصاد العالمي، وتصور إدارة للتجارة الدولية على أنها لعبة محصلتها صفر بين الدول يروي فقط جزءًا صغيرًا من القصة.

والحقيقة هي أنه عندما تعاني دولة واحدة خاصةً بلد كبير ومهم مثل الصين، فإن معظم الدول الأخرى سوف تعاني أيضاً.

مباشر (اقتصاد)