3 سيناريوهات محتملة للنفط والأسواق العالمية بعد مقتل "سليماني"

مباشر - سالي إسماعيل: قفزت النفط بنحو 4 بالمائة على خلفية الضربة الجوية الأمريكية والتي أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني".

وتوضح رؤية تحليلية نشرها موقع المجموعة الاستثمارية "آي.إن.جي" لـ6 محللين استراتيجيين، المسارات المحتملة للانتقام الإيراني وتداعيات ذلك على أسعار النفط والأسواق المالية العالمية.

تصعيد التوترات

تسبب تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في ارتفاع أسعار خام برنت بأكثر من 4 بالمائة (وسط جلسة الجمعة الماضية)، في أعقاب الضربة الجوية الأمريكية والتي أدت لمقتل قائد إيراني في بغداد.

كما واصلت أسعار النفط صعودها أمس الإثنين ليتجاوز خام برنت مستوى 70 دولاراً للبرميل، لكنها قلصت مكاسبها عند التسوية.

وتعتبر القوة التي شهدناها في سوق النفط بمثابة انعكاس أكثر لحالة عدم اليقين بشأن ما حدث بعد ذلك بين إيران والولايات المتحدة وليس بسبب تغيير في أساسيات سوق النفط.

وتعهد المرشد الإيراني الأعلى باتخاذ إجراءات انتقامية صارمة على الهجمة.

وحتى يصبح من الواضح الطريقة التي سترد بها إيران، فإنه من المرجح أن يستمر سوق النفط في تسعير شكل من أشكال علاوة المخاطرة.

5de482fbfb.jpg

ما الشكل الذي يمكن أن يتخذه الرد الانتقامي لإيران؟

1- هجمات على ناقلات النفط: كما شهدنا في العام الماضي، كان هناك عدد من الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، ويمكن أن يكون تنفيذ هجمات مشابهة كجزء من الانتقام الإيراني.

ورغم أن هذا الإجراء قد يوفر بعض الاتجاه الصعودي قصير الأجل في أسعار النفط، فمن غير المرجح أن يدعم الأسعار لفترة مستدامة من الوقت، وهو ما ثبت في العام الماضي.

2- تعطيل التدفقات النفطية عبر مضيق هرمز: وهو شكل من الانتقام والذي قد يكون ذو تأثير أكبر على تدفق النفط إذا حاول الإيرانيون تعطيل أو حظر مرور الشحنات النفطية عبر مضيق هرمز.

ويُعد المضيق بمثابة نقطة اختناق رئيسية بالنسبة لأسواق النفط في ظل حقيقة أن أكثر من 20 بالمائة من الإمدادات العالمية تعبر من خلاله.

وبالتالي فإن أيّ محاولة لوقف التدفقات من المرجح أن تعطي دفعة لأسعار النفط.

ومع ذلك، من شأن خطوة كهذه ألا تمر دون رد فعل من جانب الولايات المتحدة والتي ستأجج فقط التوترات بين الدولتين وتزيد من احتمالية نشوب صراع.

3- الهجمات على البنية التحتية للنفط: وهو نوع آخر من الانتقام، حيث يمكن مهاجمة البنية التحتية للنفط لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهذا أمر شهدناه في العام الماضي.

وادعى الحوثيين المتمردين المدعومين من الإيرانيين مسؤوليتهم في سبتمبر/أيلول الماضي عن الهجمات الشديدة على البنية التحتية النفطية للسعودية، والتي ألحقت الضرر بنحو 5.7 مليون برميل يومياً من القدرة الإنتاجية فجأة.

ولا يمكن استبعاد هجمة أخرى كهذه، وفي حين أن أظهرت مرونتها في استعادة الإنتاج مجدداً بشكل سريع إلى حد ما، إلا أنها أظهرت أن بنيتها التحتية لا تزال عرضة لمثل هذه الهجمات.

هل يمكن أن يتحمل سوق النفط تعطيل الإمدادات؟

من شأن أيّ تعطيل كبير في الشرق الأوسط أن يؤدي إلى تشديد التوازن العالمي إلى حد كبير سريعاً، ولن يستغرق الأمر الكثير حتى يحدث تآكل لحوالي 900 ألف برميل يومياً من الفائض النفطي الذي نتوقعه في الوقت الحالي على مدى النصف الأول من عام 2020.

ومع ذلك، نقول إنه إذا حاول الإيرانيون منع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز، فيمكن أن تزيد السعودية من التدفقات النفطية عبر خطوط أنابيب الشرق-الغرب التابعة لها والشحن عبر البحر الأحمر بدلاً من ذلك.

وفي الواقع، كانت أرامكو تستعد لإتمام أعمال التوسعة في خط الأنابيب خلال العام الماضي، والذي قد يستوعب من 5 إلى 7 ملايين برميل يومياً.

وكانت صادرات السعودية من الخام تقدر بنحو 6.73 مليون برميل يومياً في شهر ديسمبر/كانون الأول، يتم شحن 88 بالمائة منهم عبر مضيق هرمز، ما يشير إلى أن هناك الكثير من السعة المتاحة لتحويل التدفقات عبر خط الأنابيب.

ومن شأن أيّ تعطيل كبير ومستدام في إمدادات الخام من المرجح أن يعني نهاية اتفاق مجموعة (أوبك+) بشأن خفض الإنتاج النفطي بنحو 1.7 مليون برميل يومياً في ظل رغبة الأعضاء في ضمان إمدادات كافية للسوق.

وهناك كذلك احتمالية حيال اللجوء إلى المخزونات الحكومية في حالة الطوارئ.

ويمكن أن يرغب الرئيس في تجنب ارتفاع أسعار النفط ولاسيما في عام الانتخابات وبالتالي قد نشهد استخدام احتياطيات النفط الاستراتيجية الأمريكية، والتي تقف حالياً عند مستوى 635 مليون برميل يومياً.

وكان سوق النفط على مدى العام الماضي جيد إلى حد ما في تجاهل الاضطرابات النفطية الكبيرة والتوترات المتزايدة في الشرق الأوسط.

ويبدو أن هذا الموقف ناجم جزئياً عن التوازن المريح بين المعروض والطلب في سوق النفط العالمي، وهذا اتجاه من غير المرجح أن يتغير على الأقل على مدى النصف الأول من عام 2020 بسبب بيئة الفائض.

وحتى يكون هناك وضوح حول كيفية انتقام الإيرانيين على الضربة الجوية الأمريكية، مازالنا نعتقد من منظور العرض والطلب أن خام برنت يجب أن يصل إلى حوالي 60 دولاراً للبرميل على مسار الربع الجاري.

كيف استجابت الأسواق لهجمة 19 سبتمبر/أيلول على منشآت أرامكو السعودية؟

ee32f48747.jpg

تداعيات الأسواق المالية

كان الارتفاع الحاد في أسعار النفط الخام خافت نسبياً مقارنة مع قفزة بنحو 15 بالمائة عندما تعرضت منشآت أرامكو السعودية للهجوم في سبتمبر/أيلول الماضي.

وتخلى الخام عن كل تلك المكاسب في غضون أسبوعين كما أن تلك الخطوة كانت ذو تأثير محدود على أسواق العملات الأجنبية العالمية وأسواق السندات، في حين أن الأصول المالية كانت بدلاً من ذلك أسيرة المناقشات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

كما سبق وذكرنا، فإن التركيز الآن على الاحتمال القوي بشأن الانتقام الإيراني وما إذا كان هذا الانتقام سيثير قفزة مستمرة في أسعار الخام بما يكفي لإثارة فجوة كبيرة في النمو العالمي.

ويبدو أن هذا الأمر غير مرجحاً، لكن سيناريو وصول أسعار النفط إلى مستوى يتراوح بين 90 إلى 100 دولار للبرميل يتطلب على الأرجح طرح تساؤلات جادة حول قدرات الإنتاج النفطي للعراق، حيث أن العراق تُعد حالياً بمثابة ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك بإنتاج 4.5 مليون برميل يومياً مقارنة مع وتيرة إنتاج إيران الحالية والبالغة 2.1 مليون برميل يومياً.

ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي، أصبحت الأصول الخطرة تشهد ارتفاعات كبيرة، حيث صعد مؤشر الأسهم العالمية "إم.إس.سي.آي"  بنحو 12 بالمائة منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

ومن المؤكد أن الارتفاع الكبير في الأصول التي تحمل مخاطر خلال ديسمبر/كانون الأول تبدو كلاعب في قصة عام 2020، والتي تشهد ظروف إيجابية وهدنة تجارية وطبع المزيد من الأموال في اقتصاديات "G3"، وهي مجموعة الدول التي تضم الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان.

وفي حالة تصعيد حاد للأحداث في الشرق الأوسط، يمكن أن يؤدي زيادة الوزن في المحفظة الاستثمارية للأصول الخطرة بسهولة إلى عملية تصحيحية بنسبة تتراوح بين 7 إلى 10 بالمائة في أسواق الأسهم العالمية.

الين قد يتفوق في الأداء بينما تبدو بقية عملات آسيا ضعيفة

ويفترض أن يتفوق الين الياباني مرة أخرى، خاصةً مقابل العملات الحساسة للمخاطر والتي تتعرض مباشرة لصادرات النفط عبر مضيق هرمز، أي الوون الكوري والروبية الهندية.

ويجدر الإشارة إلى أن زوج العملات (اليورو-الدولار) أظهر ارتباطاً ضعيفاً للغاية مع الأسهم العالمية خلال الأشهر الأخيرة، ونحن نفضل عوائد أعلى للدولار الأمريكي.

fdeb649f52.jpg

معدلات الفائدة - ارتفاع أسعار النفط قد يدعم توقعات تشديد البنك المركزي الأوروبي

ويعتبر تسعير الأسواق لاحتمالية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية أمراً من غير المرجح.

ورغم أنه من الأمور المسلم بها أن انتقال أسعار النفط إلى التضخم المحلي الرئيسي أكبر في الولايات المتحدة من الاقتصاديات المتقدمة الأخرى، فإن الفيدرالي أعرب مؤخراً عن مخاوفه حيال ضغوط التضخم الخافتة، كما أن تهديد العدوى من ضعف القطاع الصناعي إلى الأركان الأخرى للاقتصاد هو مصدر قلق أكبر في أذهان المستثمرين، وفقاً لوجهة نظرنا.

ومع الآفاق الاقتصادية التي لا تزال تشهد غيوماً واقتراب العام الانتخابي، فإن احتمالات رفع الفائدة الأمريكية تبدو ضعيفة للغاية.

وفي الواقع، يرى خبراء الاقتصاد الأمريكي التابعين للبنك الاستثماري مخاطر سلبية على النمو الاقتصادي في 2020.

ولكن على الجانب الأخر، قد يتسبب حدوث ارتفاع مستدام في أسعار النفط في اتجاه البنك المركزي الأوروبي لتشديد السياسة النقدية، مع سعيه لإعادة تسعير معدلات الفائدة المنخفضة تاريخياً في منطقة اليورو.

e02a2626ed.jpg

الائتمان السيادي - التصعيد قد يضرر المستثمرين الأكثر عرضة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في أعقاب الأداء القوي للسندات السيادية في الأسواق الناشئة خلال شهر ديسمبر/كانون الأول (ارتفع مؤشر بلومبرج باركليز للأسواق الناشئة بنحو 1.5 بالمائة) ، فإن الأحداث الأخيرة قللت من معنويات المستثمرين تجاه سوق الدين.

وفي الوقت الحالي، يظل المستثمرون في وضع الانتظار والترقب، لكن تهديد "الانتقام الشديد" من جانب إيران من شأنه أن يُبقي المستثمرين في حالة تأهب كما يعني مزيداً من الهبوط في حالة تصاعد التوترات.

مباشر (اقتصاد)