أخبار عاجلة

اليونان..لماذا تقترض صاحبة أكبر معدل ديون في أوروبا بفائدة سالبة؟

من: أحمد شوقي

مباشر: قبل 4 سنوات، كانت اليونان على وشك الخروج من منطقة اليورو مع وقوعها فريسة لأزمة الديون الطاحنة وترددها في قبول شروط خطة الإنقاذ لسد الفجوة الهائلة في مواردها المالية، والآن يدفع المستثمرون لها أموالاً لإقراضها.

ليست مزحة ولكنها حقيقة، فاليونان أكثر الدول المثقلة بالديون في أوروبا وصاحبة أعلى معدلات البطالة في المنطقة، أصبحت تبيع السندات الحكومية بعائد سالب.

وأعلنت اليويانية يوم الأربعاء الماضي، أنها جمعت 487.5 مليون يورو عبر مزاد لبيع أذون حكومية يحل موعد استحقاقها بعد 13 أسبوعاً بعائد -0.02 بالمائة، لتكون أحدث المنضمين لقائمة الدول التي تصدر ديوناً مقابل عائد يقل عن مستوى الصفر.

 

9301ba6b79.jpg

                   (تطور أداء عائد السندات اليونانية لآجل 10 سنوات منذ بداية العقد الحالي والذي هو أعلى حالياً من 1.4 بالمائة)

وهذا يعني أنه إذا كان المستثمرون سيحتفظون بهذه السندات حتى تاريخ الاستحقاق بعد ثلاثة أشهر، فإنهم سيستردون أقل مما استثمروه.

وتنضم اليونان بهذه الخطوة إلى دول أمثال ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا في إصدار الديون ذات العوائد السالبة، والتي تستفيد من السياسة التيسرية للبنك المركزي الأوروبي الذي خفض معدل الفائدة على تسهيلات الودائع لتصل إلى -0.5 بالمائة.

 ويقول بعض المحللين إن العوائد لسالبة في اليونان لا تشير إلى زيادة الطلب من المستثمرين الأجانب، وبدلاً من ذلك، تم شراء معظم السندات ذات العوائد السالبة من قبل البنوك المحلية لاستخدامها كضمان.

ومع ذلك فهي تعكس اتجاهاً ملحوظاً في الاقتصادات المتقدمة الأخرى في أعقاب الأزمة المالية، حيث دفعت بعض أقوى البنوك المركزية في العالم معدلات الفائدة إلى المنطقة السالبية من أجل تحفيز النمو. 

ووفقًا لوكالة  "فيتش" تم بيع حوالي 15 تريليون دولار من الديون الحكومية ذات العوائد السالبة.

ولكن فضلاً عن الاستفادة من إجراءات المركزي الأوروبي وسط مخاوف الركود، تعتبر هذه الخطوة إشارة واضحة على ثقة المستثمرين بشأن النظرة المستقبلية لاقتصاد اليونان وكما تشير إلى نجاح إجراءات التقشف والإصلاح التي انتهجتها الحكومة وتحقيق خطة الإنقاذ المالي.

ويرى "بيتر تشاتويل" رئيس إستراتيجية الأسعار الأوروبية لدى "ميزوهو إنترناشونال": "إن إصدار اليونان لسندات ذات عائد سالب هو دليل أكثر على التأثير الإيجابي لمعدلات الفائدة السالبة والتيسير الكمي على قدرة الحكومات على تحمل الديون"، وفقاً لوكالة "بلومبرج".

فيما قال "أثاناسيوس فامكفيديس" الاستراتيجي في "بنك أوف أمريكا": "لا يزال المستثمرون يشعرون بالتشجيع من الحكومة الجديدة ذات التوجه الإصلاحي في اليونان، وأرصدة النقد الأساسية"، وفقاً لشبكة "سي.إن.إن" الأمريكية.

وتسير الدولة الأوروبية في تحقيق شروط خطة الإنقاذ المالي مع الدائنين الأوروبيين والتي تنص على أن تحقيق فائض أولي بنسبة 3.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي كل عام حتى 2022.

ea772dd012.jpg

 

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو اقتصاد اليونان لعامي 2019 و 2020 إلى حوالي 2 بالمائة، مع استمرار التحسن خلال الأعوام الماضية حيث يستفيد النمو على المدى القريب من الانتعاش الدوري وتحسن معنويات السوق والمستهلكين.

4ddfcb0834.jpg

ومع سعيها لدعم النمو الاقتصادي تعمل اليونان على زيادة الاستثمارات وخفض الضرائب، كما رفعت أهدافها الاقتصادية مع تعافيها من أزمة الديون حيث تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.8 المائة في العام المقبل مقارنة بـ2 بالمائة في العام الجاري.

كما تهدف اليونان إلى تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي عند 167.8 بالمائة في العام المقبل مقابل 173.3 بالمائة في العام الجاري.

فيما ترى وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني "إن صورة الدين العام للحكومة اليونانية مواتية بشكل استثنائي".

وقد يكون هذا التحسن في اليونان هو الذي مكنها من بيع ديون حكومية بفائدة سالبة.

ورغم ذلك يقول "جون داي" مدير محفظة الدخل الثابت في "نيوتن" لإدارة الاستثمار: "لا تزال هناك مخاطر كبيرة حول الوضع المالي لليونان وما زالت عرضة لتباطؤ اقتصادي كبير، والعوائد الحالية على سنداتهم لا تعكس هذا الخطر".

ويدعم صندوق النقد الدولي رأي المحلل حيث أشار إلى أنه على الرغم من التحسن في الاقتصاد اليوناني إلا أنه لا يزال يعاني من نقاط ضعف ومخاطر كبيرة.

على الجانب المحلي، هناك مخاطر من ضغوط الانتخابات على السياسات - مثل زيادة الأجور - وكذلك التباطؤ المحتمل بعد سنوات من جهود خفض التكاليف والإصلاح.

أما على الجانب الخارجي، يرى صندوق النقد مخاطر من احتمال تشدد الظروف المالية العالمية أو تباطؤ إضافي في النمو في الاتحاد الأوروبي أو الأسواق الناشئة.

وفي الآفاق بعيدة المدى، يتوقع صندوق النقد نمو طويل الآجل للاقتصاد اليوناني بنسبة 0.9 بالمائة ولكن يشير إلى أن هذا الأمر سيستغرق عقدًا ونصف من الزمن لوصول نصيب الفرد الحقيقي من الدخل إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية.

مباشر (اقتصاد)