أخبار عاجلة

مغامرة الهند.. تستخدم هليكوبتر الأموال لتحفيز النمو

مغامرة الهند.. الحكومة تستخدم هليكوبتر الأموال لتحفيز النمو مغامرة الهند.. تستخدم هليكوبتر الأموال لتحفيز النمو

تحرير: أحمد شوقي

مباشر: كشفت الهند عن ثاني مغامرة مالية كبيرة، فبعد فشل التحول من المبيعات إلى ضرائب الاستهلاك في تحقيق الإيرادات المستهدفة، غيرت التي كانت تحاول قبل شهرين فرض ضرائب على كل شي فجأة نهجها وخفضت الضرائب على أرباح الشركات.

وفي 20 سبتمبر/أيلول الماضي، قررت الهند خفض الضرائب على الشركات من 30 بالمائة إلى 22 بالمائة، وهو أدنى مستوى في تاريخ البلاد، في مسعى لدعم النمو الاقتصادي.

ويتساءل الكاتب "أندي مخيرجي" في رؤية تحليلية عبر "بلومبرج أوبنيون": هل سينعش هذا الإجراء النشاط الاقتصادي؟، وبأي تكلفة إلى الاستقرار؟ هذا ما يريد المستثمرون معرفته.

لكن هناك سؤالًا حاسمًا آخر، والذي سيكون لإجابته صدى عالميًا، وهو ما إذا كان التخفيض الضريبي سيتم تمويله بعملية طباعة للعملة بدلاً من الديون، وبعبارة أخرى: هل هذا بمثابة "هليكوبتر الأموال"؟

وهليكوبتر الأموال هي نظرية تشير إلى إمكانية قيام البنوك المركزية بالتوسع في طباعة العملة ومنح الأموال بتكلفة منخفضة للمستهلكين، من أجل دعم الطلب الكلي وزيادة النمو الاقتصادي.

وتسبب خفض الحكومة للضرائب على الشركات في تقديم دعم ملحوظ لسوق الأسهم في البلاد، لكنه أثار شكوك جديدة في سوق السندات متعلقة بالتبذير المالي.

ويستند المستثمرون في الأسهم إلى حكمهم على مزيج من الرؤية البصرية والحسابات، وبفضل الإعفاءات، يمكن لمعظم الشركات الهندية إبقاء معدل الضريبة عليها أقل من 30 بالمائة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن تخفيض الضرائب الأخير سيعني رفع الأرباح بنسبة تتراوح بين 5 بالمائة إلى 6 بالمائة إلى للشركات في مؤشر "نيفتي 50" القياسي، وفقًا لشركة "كوتاك سيكيورتز".

ومع ذلك، فإن البنوك والشركات المالية فقط هي التي قد تختار جني الأرباح بالكامل، لأنهم بحاجة إلى ارتفاع الأسهم لجمع المزيد من رأس المال وتوسيع دفاتر القروض وتجاوز مشكلة الديون المتعثرة.

فيما قد تستجيب القطاعات غير المالية بشكل مختلف، فنمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند البالغ 5 بالمائة هو الأدنى منذ 6 سنوات، وهو ما قد يدفع الشركات الصناعية مثل شركات السيارات والصلب لاختيار خفض الأسعار بدلاً من الاحتفاظ بالميزة الكاملة لمعدلات الضريبة المنخفضة.

وهذه هى النقطة التي تتعارض فيها آمال سوق الأسهم لحافز للطلب مع مخاوف سوق السندات من الإنفاق المالي المتجاوز للتوقعات.

وحتى إذا كانت نيودلهي قد بالغت في تقدير التكلفة المقدرة لخسائرها من خفض الضرائب البالغة 1.45 تريليون روبية (20.5 مليار دولار)، فقد تحتاج الحكومة إلى خفض الإنفاق بشكل حاد للعام الثاني لاحتواء أي مخاوف بشأن الوضع المالي.

ولكن قال وزير المالية الهندي "نيرمالا سيترامان" إنه لا توجد خطط لذلك، كما سيضر تقليل الإنفاق بالطلب النهائي ليتجاوز أي حافز من تخفيضات الأسعار.

كما يمكن لخفض الإنفاق أن يزعزع استقرار الاقتصاد بشكل أكبر، خاصة إذا ضغطت حكومات الولايات لتقليص الإنفاق أيضاً.

وقدمت حزمة خفض الضرائب أيضًا ضريبة أرباح بنسبة 17 بالمائة للشركات الصناعية الجديدة، وهذا يعتبر أفضل حتى مقارنة بالدول منخفضة الضرائب مثل هونج كونج وسنغافورة.

ويعطي هذا القرار رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" فرصة لتسويق الهند كبديل للصين بالنسبة للاستثمارات الموجهة للتصدير في النسيج والالكترونيات والسيارات، وخاصة السيارات الكهربية وقطع الغيار.

ومع ذلك، من أجل تحقيق مكاسب كبيرة يجب تحسين كل من الطلب العالمي وسهولة ممارسة الأعمال التجارية في الهند، وحتى ذلك الحين من سيدفع ثمن الإعفاءات الضريبية؟ أنها عملية طباعة أموال جديدة.

ولم يقتصر الأمر على قيام بنك الاحتياطي الهندي بشراء سندات حكومية بقيمة قياسية تبلغ 3.5 تريليون روبية في الـ 18 شهرًا الماضية، بل قام أيضًا بتغيير سياسته المحاسبية لسداد توزيعات أرباح ضخمة بقيمة 1.76 تريليون روبية للحكومة.

وبالنظر إلى مدى تشابه هذا المبلغ الأخير مع الإعفاءات الضريبية التي تم الإعلان عنها مؤخراً، فمن المنطقي أن نتساءل عما إذا كانت استراتيجية النمو الجديدة للهند تعتمد على التخفيضات الضريبية الممولة عن طريق طباعة الأموال.

وكما أوضح "أنانث نارايان"، المسؤول السابق في "ستاندرد تشارترد" يمكن أن تحصل الحكومة على توزيعات أرباح أكبر تصل لـ2.5 تريليون روبية من بنك الاحتياطي الهندي إذا تراجعت قيمة الروبية بنسبة 5 بالمائة مقابل العملات الرئيسية في العام المالي، وكتب "نارايان" قبل الخفض الضريبي، أن الهند في منتصف "دورة طباعة وأموال وإنفاق".

ومن شأن التخفيض الضريبي الممول بطباعة الأموال أن يضر باستقلال البنك المركزي عن طريق تحويله إلى شريك صغير في مغامرة مالية.

وتعتبر "هليكوبتر الأموال" هي الملاذ الأخير في الاقتصادات التي وصلت فيها معدلات الفائدة الاسمية إلى مستويات متدنية، وحتى مع التيسير الكمي فإن خطر انكماش الأسعار لا يزال قائماً.

في حين أن معدل الفائدة في الهند عند 5.4 بالمائة وهو ما يعتبر بعيداً عن مستوى الصفر في الدول المتقدمة، ولكن المشكلة هي تضخم أقل من المستهدف عند 3.2 بالمائة وهو ما يجعل معدلات الفائدة الحقيقية مرتفعة للغاية.

ومن خلال الإعلان عن تخفيض ضريبي طفيف حتى بعد أن قال محافظ البنك المركزي إن المساحة المالية لتحفيز الاقتصاد "محدودة"، فإن نيودلهي قد بدأت استخدام "هليكوبتر الأموال" من جانب واحد، وسيكون التأكيد على ذلك ضمنياً وظيفة المركزي الهندي.

وإذا نجحت المغامرة المالية، فسيُترك البنك المركزي لمواجهة تسارع في التضخم  وانخفاضاً في العملة المحلية، إما إذا فشلت في إنعاش النمو الاقتصادي فلابد من تجدد الدعوة لتسوية المجال بين أرباح الشركات والدخل الشخصي بضريبة ثابتة.

مباشر (اقتصاد)