أخبار عاجلة

بلاك روك: الاقتصاد الأمريكي يواجه شبح تباطؤ النمو وتسارع التضخم

تحرير: أحمد شوقي

مباشر: ساعدت إشارات تراجع التوترات بين الولايات المتحدة والصين في تهدئة المخاوف من الركود الاقتصادي التي سادت الأسواق في الأسابيع الأخيرة.

وخيمت نغمة الهدوء على الساحة العالمية مع قيام الولايات المتحدة بتأجيل التعريفات الإضافية على السلع الصينية لمدة أسبوعين، كما أعلنت بكين استثناء بعض المنتجات الأمريكية من قائمة الرسوم.

لا تتوقغ "إلجا بارتسش" رئيسة أبحاث الاقتصاد الكلي في "بلاك روك" أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم خطرًا لحدوث ركود أمريكي وشيك مع دعم السياسة الاقتصادية المستمر، وعدم وجود نقاط ضعف واضحة للنظام المالي، وإنفاق مستهلك مرن، كل هذه يساعد على استمرار النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تحدث صفقة تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين على المدى القريب، لذلك من المتوقع أن تؤثر التوترات التجارية على النمو وتضغط على التضخم وهذا قد يدعو إلى اتخاذ مراكز استثمارية أكثر دفاعية.

 

وتؤثر التوترات التجارية العالمية المتزايدة سلباً على قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة، وينعكس هذا في نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.

وأصبحت مساهمة الإنفاق الرأسمالي وصافي الصادرات سلبية في نمو الناتج المحلي الأمريكي خلال الربع الثاني، كما يظهر الرسم البياني السابق.

 بينما لا تزال وتيرة بناء المخزون في ارتفاع حيث تتحوط الشركات قبل زيادة التعريفات الجمركية المتوقعة، كما أن الإنفاق الاستهلاكي - الذي يشكل أكثر من ثلثي حجم الاقتصاد الأمريكي - يسير بشكل جيد.

كما تعتبر ديون الرافعة المالية للأسر الأمريكية محدودة، ولا توجد مؤشرات على الإنفاق المفرط على السلع مرتفعة الثمن مثل السيارات والأجهزة.

وتشبه هذه الديناميكية عامي 2015 و 2016، عندما عوض نشاط الإنفاق الاستهلاكي القوي وقطاع الخدمات انكماش الإنتاج الصناعي.

ومع ذلك، هناك اختلافات أساسية عن الوضع آنذاك، حيث أنه في ذلك الوقت كان هناك مزيجًا داعماً لتباطؤ التضخم والذي شمل الدولار الأمريكي القوي وتشديد السياسة في الصين وانهيار النفط.

في حين من المرجح أن تكون الصدمة في الوقت الحالي داعمة لتسارع التضخم لأنها تنبع من التعريفات الجمركية وتعطل سلسلة التوريد.

مزيج غير مريح

أصبحت دفعة الحمائية التجارية هي المحرك الرئيسي للاقتصاد والأسواق العالمية حيث ساعد تصاعد التعريفات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة في أواخر أغسطس/آب الماضي على دفع منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية للانعكاس (ارتفاع العوائد على المدى القصير أعلى من نظيرتها على المدى الطويل) - وهي ظاهرة كانت تسبق تاريخياً في كثير من الأحيان الركود وأثارت مخاوف المستثمرين.

ومع ذلك، فإن القوى الهيكلية مثل وفرة المدخرات العالمية تعمل على خفض الفوائد طويلة الآجل، ما يجعل شكل منحنى العائد إشارة أقل موثوقية من الماضي.

ولكن انتعشت عوائد السندات الأسبوع الماضي وسط إشارات إلى نهج أكثر هدوءاً من جانب كل من الولايات المتحدة والصين في محادثات التجارة، ولكن لا تزال التوترات بين الدولتين قائمة على قضايا هيكلبة، ما يقلل من احتمال التوصل إلى اتفاق شامل.

وفي حالة تنفيذ جميع الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة والصين، فقد ينخفض النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل ملموس عن الاتجاه طويل الآجل في الفصول القادمة.

ومن غير المرجح أن يحصل الاقتصاد الأمريكي على الكثير من الدعم من بقية العالم، حيث تعاني العديد من الاقتصاديات من تداعيات التدابير الحمائية السريعة وإمكانية تصاعد التوترات التجارية.

ويعد تباطؤ الاقتصاد الصيني أبرز إشارة على ذلك، ومن المحتمل أن تطرح بكين إجراءات تحفيزية إضافية لتفادي مفاجآت الهبوط الكبير، لكن من غير المرجح أن يكون هناك دعم مادي للنمو.

كما أن منطقة اليورو قد يستقر في أحسن الأحوال حيث لا تزال ألمانيا في حالة ركود فني ولا تزال هناك مجموعة كبيرة من المخاطر المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، فإن التضخم في الولايات المتحدة على وشك التسارع، وذلك بسبب المزيد من التعريفات ونمو الأجور بشكل أسرع في مواجهة ضيق سوق العمل.

لذلك فإن حدوث مزيج من انخفاض النمو الاقتصادي وتسارع التضخم يعقد جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق هدفه للعمالة الكاملة واستقرار الأسعار.

والسؤال الرئيسي هنا: هل يمكن استمرار دعم المستهلكين الأمريكيين للنمو الاقتصادي في مواجهة الرياح المعاكسة في قطاع التصنيع وتباطؤ نمو الوظائف وزيادة التعريفات الجمركية على السلع الاستهلاكية؟.

باختصار..

ستكون قوة إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة أمراً أساسياً للنمو الاقتصادي الأمريكي والعالمي.

ويشير السيناريو الأساسي لـ"بلاك روك" إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وإن كانت التدابير التيسيرية المتوقعة قد تخفف من هذا التباطؤ.

في حين أن سياسة الإقبال على المخاطرة- بما في ذلك زيادة الوزن في الأسهم الأمريكية والتعرض للسندات الحكومية كامتصاص لصدمات المحفظة - قد نجح بشكل جيد حتى الآن.

ومع ذلك، تهدد التوترات التجارية بتباطؤ النمو الاقتصادي وتسارع التضخم - وهو تهديد محتمل لأسواق الأسهم والسندات على حد سواء.

مباشر (اقتصاد)