أخبار عاجلة

الفيدرالي والأسواق.. ماذا نتوقع من الاجتماع المرتقب للمركزي الأمريكي؟

تحرير: نهى النحاس

مباشر: يعيش الاقتصاد الأمريكي أطول فترة نمو في تاريخه، ولكن ضعف الطلب الخارجي والتوترات التجارية تمثل مخاطر بالنسبة للتوقعات.

ويشير تحليل نشره بنك الاستثمار "آي.إن.جيإلى أن انخفاض معدل التضخم يمنح بنك الاحتياطي الفيدرالي المساحة لخفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الأسبوع الجاري.

إشارات التباطؤ

تمكن الاقتصاد الأمريكي من تقديم أداء قوي منذ نهاية الأزمة المالية العالمية بدعم التدابير التحفيزية من عدد من المصادر.

وسمح مزيج إعادة الرسملة السريع، وتخفيضات معدل الفائدة، والتيسير النقدي بتراجع تكاليف الاقتراض بشكل حاد وبقاء الائتمان متاح.

كما قدم ذلك أيضاً الدعم لأسعار الأصول، في حين أن خفض معدل الفائدة ساهم في ضعف سعر صرف الدولار الأمريكي والبقاء أكثر تنافسية.

ومؤخراً عاشت الولايات المتحدة الخفض الضريبي من جانب الرئيس دونالد والذي ساهم في قيادة الاقتصادي إلى قمم جديدة.

وفي الواقع فإن النمو الاقتصادي الحالي هو الأطوال منذ بدء السجلات لدى هيئة الإحصاءات الاقتصادية الأمريكية في عام 1854، حيث تتجاوز الولايات المتحدة بوضوح أقرانها التجاريين الرئيسيين.

44e84e3122.jpg

مستوى الناتج الاقتصادي الحقيقي منذ 2008

ولكن، تراجع النمو العالمي والذي أبرزته أرقام منطقة اليورو مؤخراً، واحتدام التوترات التجاري بدأوا في الضغط على النشاط الأمريكي.

وتأثرت بيانات التجارة والمخزونات بشكل واضح، ولكن مثلما أشار جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شهادته الأخيرة فإن "نمو استثمار الشركات تباطأ أيضاً بشكل ملحوظ".

وطالب الرئيس ترامب - أشد منتقدي بنك الاحتياطي الفيدرالي - بتقديم تحفيزات نقدية لدعم الاقتصاد الأمريكي، ولكن مع استمرار أداء قطاع المستهلك الأمريكي بشكل قوي بدعم من معدل البطالة المنخفض ومزيد من زيادة الأجور وأسعار الأصول فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي رفض القيام بأي خطوات حقيقة.

الوقاية أم العلاج؟

ولكن الموقف الآن يتغير، فبعد زيادة معدل الفائدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي تحولت لهجة المسؤولين بشكل كبير مع تصريح جيروم باول بأن "حالة عدم اليقين حول التوترات التجارية والمخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي مستمرة في الضغط على توقعات الاقتصاد الأمريكي".

وحتى الآن توجد هدنة مبدئية مع استئناف المباحثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ولكن لسوء الحظ فإن الجانبين لايزالا بعيدان جزئيا فيما يتعلق ببعض القضايا الرئيسية، لذلك لا يمكن استبعاد إمكانية توقف المحادثات مجدداً.

كما أن احتمالية حدوث جولة جديدة من زيادة التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى تجدد نوبات التشاؤم والمساهمة في المزيد من الضعف الاقتصادي الأكثر وضوحاً بواسطة تعطيل سلاسل التوريد مما يرفع من التكاليف ويضر بهوامش الربحية.

وتلك البيئة عادةً ما تكون سلبية لأسواق الأسهم وتجعل من الشركات الأمريكية أكثر تردداً للاستثمار أو تعيين موظفين جدد.

ولذلك فإنه كان أمراً جيداً سماع جيروم باول يقول في شهادته الأخيرة أن العديدين من المشاركين في لجنة السوق المفتوحة رأوا أن الحاجة إلى سياسة نقدية أكثر تكيفياً أصبحت أكثر إلحاحاً.

كما بدا باول داعماً لهذا التوجه عبر تصريحه بأن "أوقية الوقاية تساوي أكثر من رطل من العلاج"، في إشارة واضحة أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي مستعد لتيسير السياسة النقدية عن طريق خفض الفائدة هذا الأسبوع.

25 أم 50 نقطة أساس؟

توقع العديد من المحللين أن يتجه بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل مبكر وحاد لوقف المخاطر التي تهدد النمو الأمريكي عبر خفض معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.

ولكن البيانات الاقتصادية القوية الأخيرة دفعت وجهة النظر هذه إلى جانب الاحتمال الأقل ترجحياً.

واستبعد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية سانت لويز هذه الاحتمالية، والمعروف عنه أنه واحد من أكثر الأعضاء الداعمين لخفض معدل الفائدة.

وقال جيمس بولارد: "أرغب أن أرى خفضاً لمعدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل".

وعلاوة على ذلك يجب التذكر أنه في اجتماع الفيدرالي في الشهر الماضي فأن متوسط التوقعات لأعضاء لجنة السوق لم تتضمن خفض معدل الفائدة في العام الجاري، وخفضها بمعدل مرة واحدة في 2020.

ومع حقيقة عدم وجود تدهور في البيانات الاقتصادية الصادرة في الفترة الماضية، فإن توقع محللو "إي.إن.جي" يتوقعون خفضاً بمعدل 25 نقطة أساس غداً الأربعاء.789106ccab.jpg

احتمال ضمني لسيناريوهات مختلفة لاجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة يوم 31 يوليو

إجراء تأميني

ومن شأن قرار الفيدرالي بخفض معدل الفائدة أن يمثل اتجاها بغرض تأمين الاقتصاد من أي تراجع محتمل، وهو أمر مشابه لاستجابة الفيدرالي لمخاوف تباطؤ النمو في الفترة من 1995 وحتى عام 1996 وكذلك في عام 1998.

ويأتي هذا مع تأكيد مجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن "توقعاتنا الأساسية هي أن يظل النمو الاقتصادي قوياً، وأن أسواق العمل تبقى قوية والتضخم يعود مرة أخرى إلى مستوى 2 بالمائة".

والتحسن الأخير في الاستطلاعات الخاصة بقطاع الصناعة إلى جانب الأرقام القوية جداً التي تأتي من قطاع الأسر تشير إلى أن الأساسات الاقتصادية في حالة جيدة.

وبالتبعية فإن الفيدرالي لا يفكر بشكل جدي في خفض معدلات الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام المقبل، مثلما تتوقع الأسواق.

ويمكننا أن نجادل بشأن أنه لا يوجد قدر كبير من التخفيضات في معدل الفائدة يمكن أن يتم تنفيذه للحد من التهديدات الخارجية مثل الحروب التجارية والنمو الأوروبي الضعيف، باستثناء إنه  ربما سيوقف الاتجاه الصعودي للدولار الأمريكي.

وتشير الحقائق الحالية إلى أن تكاليف الرهن العقاري انخفضت بالفعل بمقدار 100 نقطة أساس منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتكاليف خدمة الديون عند مستويات تاريخية منخفضة أيضاً، في حين أن التجارة الخارجية تعادل فقط نحو 10 بالمائة من النشاط الاقتصادي الأمريكي في مقابل 20 بالمائة في الصين و30 بالمائة في أوروبا.

كل شيء في يد الرئيس ترامب

ولكن كما حدث في الفترة 1995-1996 و1998، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما لن يكتفي بعملية خفض واحدة لمعدل الفائدة.

وبدلاً من ذلك، من المحتمل أن يتبع هذه الخطوة بقرار مماثل بخفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر/آيلول المقبل.

وبعد ذلك، يعود الأمر إلى التطورات المجهولة حالياً حول السياسة التجارية، وهو الأمر الذي يعتبر بين يدي الرئيس ترامب.

وإذا تصاعدت التوترات وانتشرت عمليات البيع في الأسواق المالية وزاد الضعف الاقتصادي، فسيستجيب مجلس الاحتياطي الفيدرالي بمزيد من الحوافز في ظل خلفية التضخم الذي عند مستويات معقولة.

ولكن قد يؤدي الخوف من الضعف الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين أن يتجه الجانبين لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة في وقت لاحق من هذا العام، حتى لو لم تحقق بالضرورة جميع المطالب الأولية للرئيس ترامب.

مباشر (اقتصاد)