أخبار عاجلة

رغم الصعود السريع.. الهند بعيدة عن مصاف القوى العظمى

رغم الصعود السريع.. الهند بعيدة عن مصاف القوى العظمى رغم الصعود السريع.. الهند بعيدة عن مصاف القوى العظمى

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: عادة يحمل وزير المالية في الهند الموازنة السنوية إلى البرلمان في حقيبة من الطراز القديم، ويتم نشر صور للوزير وهو يحمل تلك الحقيبة في الصفحات الأولى من الصحف باليوم التالي.

لكن وزيرة المالية الجديدة "نيرمالا سيترامان" - وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب - كسرت التقاليد يوم الجمعة الأولى من هذا الشهر من خلال قيامها بحمل موازنة البلاد في غطاء من القماش الأحمر المطوي، من النوع الذي تستخدمه بعض المجتمعات التجارية في الهند لتخزين حساباتها.

وبعد إثارة موجة من اهتمام الإعلام، أوضحت نائبة سيترامان أن وزيرة المالية الجديدة كانت تقصد الخروج عن التقليد الموروث من البريطانيين، قائلة: كانت خطوة في اتجاه التحول لقوة عظمى.

ويقول الاقتصادي "ميهير شارما" في رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" إن هذا التصريح جعله يتساءل عما إذا كان هذا المسؤول يعلم ما هي "القوة العظمى"؟، كما أن الموازنة جعلته يطرح التساؤل نفسه عن .

الإنفاق على الدفاع

انظر على سبيل المثال إلى معاملة القوات المسلحة في الهند، فإن سيترامان لم تذكر الإنفاق الدفاعي (في الواقع، في معظم النصف الأول من خطابها لم تذكر أيّ أرقام على الإطلاق).

ربما كان السبب وراء ذلك هو أن نفقات الدفاع كانت بالكاد تتوافق مع معدل التضخم طوال سنوات كما أنها وصلت لمستويات قياسية متدنية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في ظل قيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ولم تسمح أيّ حكومة هندية منذ أن تفوقت الصين على الهند في حرب حدودية مؤلمة في عام 1962، بأن يشهد إنفاق الدفاع مثل هذا الانخفاض.

وفي موازنة العام الماضي، بلغ الإنفاق على الدفاع أقل من 1.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

أين الاستثمارات؟

وربما يعتقد البعض أن الهند ستوجه الاستثمارات إلى شعبها بدلاً من الدفاع، كما يفترض أن تفعل أيّ قوة عظمى في القرن الحادي والعشرين.

لكن الواقع يشير إلى أنه تم تخصيص 3.4 بالمائة من إجمالي الإنفاق الفيدرالي للتعليم وهو أقل من 3.74 بالمائة المسجلة في العام الماضي وأقل كذلك من 4.3 بالمائة المسجلة عندما تولى مودي المنصب في عام 2014.

كما أن إجمالي إنفاق الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات معاً على الصحة يقل عن 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهي حقيقة لم تفعل هذه الموازنة الكثير لتغييرها.

كما أن الإنفاق الرأسمالي قد تقلص من 9.2 تريليون روبية هندية (134 مليار دولار) في العام الماضي إلى 8.7 تريليون روبية هذا العام.

أما بالنسبة لما شهد زيادة في موازنة الهند فكان الإعانات، حيث تقوم الحكومة وشركات القطاع العام بالاقتراض من أجل تمويل التحويل المباشر للأموال إلى المزارعين الهنود.

ومن الصحيح أن المزارعين في الهند يحتاجون للمساعدة، لكن ما يحتاجونه حقاً هو الإصلاح الزراعي الذي من شأنه السماح لهم بالوصول للأسواق الوطنية والعالمية بدلاً من الاعتماد على المشتريات الحكومية.

ولم يكن هناك أيّ إشارة على أن مثل هذه التغييرات مدرجة على أجندة الحكومة، حتى على الرغم من أن برنامج المشتريات الهندي مثير للجدل في منظمة التجارة العالمية وأحد العقبات الرئيسية للمضي قدماً في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف.

التباطؤ الدوري والهيكلي

وتواجه الهند في الوقت الراهن كل من التباطؤ الدوري والهيكلي للاقتصاد، الأول بسبب توقف الائتمان والاستثمار مع تراجع إطلاق المشاريع الجديدة لأدنى مستوى بـ14 عاماً في العام الماضي، أما الأخير فيأتي على خلفية حقيقة مواجهة كل من القطاع الصناعي والصادرات أزمة بسبب الضعف المستمر في المهارات والقدرة التنافسية.

وتوفر موازنة سيترامان الأمل لمعالجة المشكلة الأولى، حيث أن الشركات المالية غير المصرفية المضطربة في الهند والتي تمثل قطاع الظل المصرفي للبلاد ستتلقى المساعدة.

كما سيتم إعادة رسملة بنوك القطاع العام بالإضافة إلى أن الشركات الصغيرة ستكون قادرة على الاقتراص بمعدلات فائدة أرخص والحصول على أموالها بشكل أسرع.

وكانت الشركات الناشئة تشكو طوال سنوات من مضايقات مسؤولي الضرائب، لكن ستيرامان تعهدت في خطابها بإدخال تغييرات هامة على القواعد للحد من هذا التصرف.

وأعلنت الحكومة كذلك أنها ستبدأ إصدار سندات مقومة بالدولار، وهو الشيء الذي كانت الحكومات الهندية السابقة تتخوف من القيام به.

ومن المفترض أن تعني هذه الخطوة أن نسبة أكبر من المدخرات الهندية المحلية سوف يٌسمح باستخدامها لاستثمارات القطاع الخاص بدلاً من الإنفاق الحكومي.

ماذا عن خفض الفائدة؟

وأثارت هذه الخطوة بهجة أسواق السندات ما قد يخلق بعض المساحة لبنك الاحتياطي الهندي لمواصلة خفض معدلات الفائدة وربما بشكل أكثر حدة من المتوقع.

ويشير الكاتب إلى أنه أكثر قليلاً تفاؤلاً حيال المدى القصير إلى المتوسط في الوقت الحالي لكنه أكثر تشاؤماً حيال الوضع على المدى الطويل.

ولكن الأمر الهام هنا هو التشاؤم حيال الوضع على المدى البعيد.

وكان فشل برنامج المهارات الحكومي تم تجميله في الموازنة، وبدلاً من التطلع إلى الاندماج في سلاسل التوريد العالمية من أجل تنمية الصادرات، واصلت وزيرة المالية عادة حكومة مودي في زيادة التعريفات لحماية الصناعة المحلية.

من سيرغب في إنشاء مصنع يعتمد على التصدير في الهند في الوقت الذي يشهد تغيير التعريفات باستمرار وبشكل تعسفي؟.

ويمكن للمستثمرين أن يجدوا العزاء في حقيقة أن الهند سوف تتعافى بالتأكيد من تباطؤها الدوري.

لكن مع ذلك لا يوجد إشارات على أن الهند تتخذ أيّ خطوات في اتجاه أن تكون قوة عظمى أو حتى دولة مطمئنة لتواجدها في نطاق الشريحة العليا من بلدان الدخل المتوسط.

مباشر (اقتصاد)