أخبار عاجلة

التظاهرات في تصاعد... إلى أين وصلت أزمة العمالة الفلسطينية في لبنان

أعلنت وزارة العمل اللبنانية قرارها بشأن مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية في لبنان، بهدف الحد من البطالة وتنظيم السوق، وحماية اليد العاملة اللبنانية من المنافسة غير المشروعة في البلاد.

وتسبب القرار في موجة غضب فلسطينية اشتعلت بمخيمات اللجوء في لبنان، وانتقلت شرارتها إلى الداخل الفلسطيني، حيث نددت القيادة الفلسطينية والفصائل بالقرار، فيما تم إرسال عدة بعثات فلسطينية للتفاوض حول الأمر مع القيادة اللبنانية.

قرار الوزارة

أطلقت وزارة العمل اللبنانية الشهر الماضي حملة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية، ومنحت أصحاب المؤسسات مهلة شهر لتسوية أوضاع عمالهم غير اللبنانيين، قبل أن تبدأ الأسبوع الماضي بمداهمات أغلقت خلالها عددا من المؤسسات غير المستوفية للشروط القانونية وأنذرت أصحاب مؤسسات أخرى بالحصول على إجازات عمل لعمالهم غير اللبنانيين.

مخيم عين الحلوة

Alsouria

وبحسب قرار وزارة العمل اللبنانية، فإنه يحظر على أرباب العمل تشغيل غير اللبنانيين بدون حصولهم على تصريح عمل مرخص، بالإضافة أنه يسبب إغلاق المئات من المؤسسات والقطاعات التي يشغلها الفلسطينيون في لبنان.

ودعا السفير الفلسطيني في لبنان اللبنانية الى استثناء الفلسطينيين الموجودين قسرا على الأراضي اللبنانية من هذه الإجراءات، كونهم مبعدين عن أرضهم بالقوة.

وأبلغ وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، سفير فلسطين في بيروت، أشرف دبور، بمنح اللاجئين الفلسطينيين من شهرين إلى 6 أشهر لتسوية أوضاعهم، ووقف أي إجراء بحقهم.

إجازة العمل

وبعد موجة الغضب، أعلن وزير العمل اللبناني الخميس الماضي، تسهيل منح إجازات عمل للاجئين الفلسطينيين.

وقال أبو سليمان في مؤتمر صحفي في البرلمان الخميس الماضي: "أعطيت تعليماتي لتسهيل إعطاء إجازات العمل للفلسطينيين بأسرع وقت وتبسيط المعاملات وهذا أصبح معمولا به"، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

كما أضاف "لم يتخذ أي قرار لنتراجع عنه، هناك خطة وضعتها الوزارة وتطبق وفق القانون اللبناني".

مناظر عامة للمدن العربية - مدينة بيروت، لبنان فبراير/ شباط 2019

© Sputnik . Zahraa al- Amir

تنسيقات متبادلة

رياض عيسى، ناشط مدني لبناني، قال إن "التظاهرات التي اندلعت في المخيمات، جاءت كردة فعل فلسطيني على قرار وزير العمل بشأن العمالة الأجنبية، وذلك بعدما شعروا بأن هناك ما يهدد لقمة عيشهم، وأمنهم الاجتماعي".

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "حدة التظاهرات في المخيمات خفت، بعد الاجتماعات والتنسيقات التي تمت مؤخرًا بين البلدين، خصوصا في ظل تراجع وزارة العمل اللبنانية".

وأكد أن "وزير العمل أعلن عن تسهيلات خاصة للعمالة الفلسطينية، ومحاولة تسهيل حصوله على إجازة العمل، وهو ما يساوي الفلسطيني واللبناني، وفي هذه الحالة، سيصبح هناك ضغط على صاحب العمل نفسه في تسجيل والتصريح عن العمال".

 وأشار أن "هناك توجه يقوده رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، وبعض القوى السياسية على رأسها قوى التقدم الاشتراكي، لترتيب الوضع والخروج بأقل خسائر ممكنة".

مراقبة مدنية

وتوقع الناشط اللبناني، "رضوخ وزير العمل اللبناني لتلك الضغوط، التي ستدفعه لتسهيل عمل الفلسطينيين في المهن المسموح لهم العمل فيها قانونيًا".

أما عن دور المجتمع المدني، أضاف عيسى أن "منظمات المجتمع المدني اللبنانية والفلسطينية عقدا عدة لقاءات لمراجعة خطة العمل وتنفيذها، وما إذا كانت تتعارض مع العمال ولقمة عيشهم".

وبين أن "تلك المنظمات تعمل في عدة مسارات، منها وقف تفعيل قرار وزير العمل، وتسهيل إجراءات العمال الفلسطينيين وتخفيف التوتر بالمخيمات، والضغط من أجل إجراء تعديلات على قانون العمل اللبناني، والذي تحتاج العديد من بنوده إلى التعديل حتى يصير القانون أكثر عدالة".

 استثناء واجب

من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، إن "قرار وزير العمل اللبناني بشأن إصدار تصاريح لعمل الأجانب خاطئ ويجب استثناء اللاجئين الفلسطينيين".

وأضاف في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، أن "اللاجئين الفلسطينيين رفضوا التوطين في لبنان، ولكن بحكم الظروف التي فرضت عليهم، يجب أن يعاملوا معاملة المواطن اللبناني، باعتبار لديهم إسهامات كثيرة في الاقتصاد والتنمية وشكلوا طيلة 7 عقود، جزءًا رئيسيًا من الثقافة اللبنانية".

وأكد الدكتور "شعث"، أن "هناك سوء فهم في هذا القرار الذي يمس وضع اللاجئين، ولذلك يجب إعطاء تصاريح العمل للفلسطينيين".

ورفض الدكتور شعث "ما يتم ترويجه بشأن أن القرار مرتبط بمخططات أمريكا لتهجير اللاجئين الفلسطينيين"، مؤكدا على "المواقف الوطنية التاريخية للبنان، وآخرها رفض صفقة القرن، ورفض المشاركة في ندوة البحرين".

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن "القانون اللبناني يعفي اللاجئين الفلسطينيين من رسوم تصاريح العمل، وعدم حاجتهم لموافقة مبدئية".

وطالب شعث "السلطات اللبنانية بإعادة النظر في القرار بأسرع وقت، لأن قانون العمل اللبناني ينص على حماية العمال الفلسطينيين من الطرد التعسفي ويضمن حصولهم على الحد الأدنى للأجور".  

وبين السياسي الفلسطيني أن "هناك حوارات إيجابية تجرى بين القيادة الفلسطينية ممثلة بعضو اللجنة التنفيذية عزام الأحمد والسفير الفلسطيني، بالإضافة إلى لجنة الحوار الفلسطينية اللبنانية التي تتابع الأمر".

تظاهرات مستمرة

تواصل الإضراب المستمر منذ أكثر من أسبوع في معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان، اعتراضا على الخطة التي بدأت وزارة العمل اللبنانية بتطبيقها لمكافحة اليد العاملة الأجنبية غير المقننة.  

ومن جهتها دعت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، إلى احترام حقوق اللاجئين بالبلاد، ومراعاة خصوصية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين.

وقالت لجنة الحوار إنها "تتابع استراتيجية وزارة العمل لمكافحة العمالة الأجنبية غير النظامية، والتي تتضمن اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين أكثر من سواهم".

وحذرت اللجنة من أن "عدم احترام لبنان المواثيق والقوانين الدولية الخاصة بحماية حقوق اللاجئين والتزامها، والتقيد بقانوني العمل والضمان، وتفعيلهما بإصدار المراسيم التنظيمية، من شأنه إلحاق الضرر بالعلاقات اللبنانية الفلسطينية، وبسمعة لبنان أمام المؤسسات والمنظمات الدولية".

وكانت وزارة العمل اللبنانية قد أطلقت خطة لمكافحة العمالة غير الشرعية وأعطت مهلة شهر للمخالفين لتسوية أوضاعهم تبدأ في 10 يونيو.

وتطالب الوزارة جميع العاملين الأجانب بالحصول على تراخيص عمل.

وانطلقت في 10 يوليو الجاري حملات التفتيش من قبل وزارة العمل بالتعاون مع مفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبمساندة من قوى الأمن الداخلي بعد انتهاء مهلة الشهر التي أعلنت عنها الوزارة كفترة سماح لتسوية الأوضاع خلال إطلاق خطة مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية.

وشملت هذه الحملات إغلاق المحال التي تشغل عمالاً أجانب، من بينهم فلسطينيون بشكل غير قانوني، وتحرير محاضر ضبط بالشركات التي تشغل العمال الأجانب من دون تراخيص عمل لهم.

ويرى وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان أن خطة وزارة العمل لمكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية لا تستهدف الفلسطينيين، مؤكداً الاستمرار في تطبيق القانون على الجميع.

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري منذ أيام، أنه سيطلب من وزير العمل كميل أبو سليمان رفع خطة مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار بشأنها .

يذكر أن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ نهاية الشهر الماضي بعد حادثة الجبل والخلاف السياسي الذي تسببت به حول إحالة ملف الحادثة إلى المجلس العدلي، ما دفع الرئيس الحريري إلى تأجيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء بانتظار معالجة هذا الملف، حيث يتولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم هذه المهمة.

SputnikNews