أخبار عاجلة

لماذا انتصر المتظاهرون في هونج كونج؟

لماذا انتصر المتظاهرون في هونج كونج؟ لماذا انتصر المتظاهرون في هونج كونج؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: تمكن متظاهرو هونج كونج من تحقيق نصراً مذهلاً، من خلال تعليق مشروع قانون تسليم المجرمين يوم السبت الماضي الذي كان من شأنه السماح بإرسال المشتبه بهم جنائياً إلى الصين.

ويأتي هذا القرار بعد اشتباكات عنيفة وقعت يوم الأربعاء والتي شهدت استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل والهروات.

وفي عام 2014، قامت الشرطة أيضاً باستخدام الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، ما عزز عملية السيطرة التي أدت لشل المنطقة التجارية المركزية لأكثر من شهرين، بحسب رؤية تحليلية لوكالة "بلومبرج أوبينيون" الأمريكية.

ورفضت حينها التراجع عن موقفها كما أن المظاهرات تم فضها في نهاية المطاف بالقوة، ويبرز السؤال هنا: ما الأمر المختلف هذه المرة؟.

والإجابة الأكثر وضوحاً هي دور الشركات، حيث تسببت التظاهرات آنذاك في الضغط على الأعمال كما أن التعاطف كان قد تلاشى مع مرور الأسابيع وتزايد التكاليف بالنسبة للمؤسسات.

وعلى النقيض من ذلك، فإن معارضة مشروع قانون تسليم المتهمين تسببت في توحيد مستويات مختلفة من فئات مجتمع هونج كونج، من الجماعات المدنية والتجارية إلى المنظمات الدينية والمهن القانونية.

ويبدو ذلك أمراً أكثر وضوحاً بعد الاحتجاج الهائل الذي حدث يوم الأحد، والذي قال المنظمون إنه جذب قرابة مليوني شخص.

وكانت مؤسسات مثل "إتش.إس.بي.سي هولدنج" و"ستاندرد تشارترد" من بين الشركات متعددة الجنسيات التي سمحت بمرونة ساعات العمل يوم الأربعاء الماضي، عندما دعا منظمو الاحتجاج إلى إضراب على مستوى المدينة.

لكن في عام 2014، كان الوضع على العكس حيث أن غرفة التجارة العامة لهونج كونج والعديد من غرف التجارة الأجنبية قاموا بالتحدث علنية ضد حملة العصيان المدني، محذرين من الآثار المحتملة على الاقتصاد.

وظهرت أولى علامات الانشقاق في الحكومة يوم الجمعة حينما بدأت شخصيات داعمة للمؤسسات في الحث على إعادة التفكير في مشروع القانون.

وكان من بين هؤلاء "برنارد تشان" منسق المجلس التنفيذي، وهو مجلس الوزراء في هونج كونج.

وقال "تشان" في مقابلة مع محطة الإذاعة والتليفزيون العامة في هونج كونج، إنه قلل من تقدير رد فعل قطاع الشركات على مشروع القانون.

أما العامل الرئيسي الثاني الذي يجب أخذه في الاعتبار هو دور الصين.

ودعت احتجاجات 2014 إلى الديمقراطية الكاملة ومعارضة صيغة بكين لانتخاب زعيم هونج كونج والتي كان من شأنها ترك اختيار المرشح في أيدي لجنة يسيطر عليها الرأسماليين الداعمين للمؤسسات.

بينما في حالة مشروع قانون تسليم المجرمين، أصر رئيس المجلس التنفيذي لهونج كونج "كاري لام" مراراً على أن الاقتراح قد نشأ من حكومة المدينة نفسها وليس بكين.

وفي حين سيفترض الكثيرون أن حكومة هونج كونج لم تكن ستقدم على مثل هذا القانون دون موافقة ضمنية وتشجيع من جانب بكين على الأقل، إلا أن مشروع قانون تسليم المجرمين لم يكن يحمل طابع الصين كما هو الحال في اقتراح انتخابات 2014.

وقالت وكالة أنباء شينخوا الحكومية في الصين يوم السبت إن مكتب الاتصال التابع للحكومة المركزية في هونج كونج يدعم ويفهم ويحترم قرار "لام" بشأن تعليق مشروع القانون.

وربما تكون بكين ممتنة للغطاء السياسي الذي قدمه موقف "لام".

وبالنسبة للأضرار التي تهدد البيئة المالية والتجارية في هونج كونج، فإنها تفوق بكثير أيّ فوائد سياسية ستُحقق من مشروع قانون تسليم المجرمين.

وتم توثيق تآكل استقلال هونج كونج بشكل جيد، حيث استشهد الكثيرون بالأهمية النسبية للمدينة الآخذة في الهبوط بالنسبة لاقتصاد الصين من أجل التغيير إلى سياسة أكثر تشدداً وتدخلاً.

وعندما أعادت المملكة المتحدة البلد المستعمرة السابقة (هونج كونج) إلى الصين في عام 1997، كان الناتج المحلي الإجمالي لهونج كونج يعادل حوالي 16 بالمئة من الصين، وقد انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 3 بالمئة بالعام الماضي.

ويوضح كل هذا جزء من القصة فقط، حيث لا تزال هونج كونج بلد هامة كبوابة لأسواق رأس المال العالمية الوافدة إلى الصين.

بل وربما يكون هذا الدور قد ازداد أهمية بسبب أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة تضع ضغوطاً على الاقتصاد الصيني والعملة.

ومنذ عام 2012، جمعت الشركات الصينية 156 مليار دولار من عمليات الطرح العام الأولي في بورصة هونج كونج مقارنة مع 143 مليار دولار في الأسواق المالية في البر الصيني الرئيسي وحوالي 48 مليار دولار من بيع الأسهم في الولايات المتحدة، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرج.

وكان المقترضون الصينيون كذلك مستخدمين بقوة لأسواق السندات بالدولار عبر بورصة هونج كونج.

ومع تقييد التمويل في الداخل، بدأت حتى الحكومات المحلية تبيع الديون المقومة بالعملة الأمريكية، بحسب مقالة رأي في بلومبرج للكاتب شولي رن.

ويثق المصرفيون الدوليون في هونج كونج كقاعدة لإبرام صفقات مع الشركات الصينية بسبب استقلالية نظامها القانوني والإدارة الجيدة نسبياً والحريات المدنية بما في ذلك التدفق الحر للمعلومات.

ومن شان أيّ شيء يقلص من تلك المزايا ويشجع الشركات والممولين على التخارج، بمثابة تهديد على المدى الطويل لدور هونج كونج كمركز مالي عالمي.

وهناك رسالة هنا بالنسبة للمتظاهرين وبالنسبة لبكين، والتي تكمن في أنه من الأسهل الحفاظ على الوضع الراهن بدلاً من التغيير.

والعامل المشترك بين عامي 2014 و2019 هو أن الوضع الراهن قد فاز في كلا الحالتين.

وكانت النتيجة كذلك في عام 2003 - ربما الأقرب بشكل مباشر لما حدث اليوم - عندما تم تعليق قانون الأمن المقترح بعد مسيرة تقدر بنحو 500 ألف متظاهر من المعارضين.

ويعني هذا أن المتظاهرين لديهم فرصة أفضل للنجاح عندما يقاتلون للحفاظ على الحريات الموجودة بالفعل أكثر من الحث على التغيير.

وبالنسبة إلى بكين، فإن الدرس المستفاد هو أن هونج كونج أصبحت ناجحة على وجه التحديد كونها تمتلك نظاماً مختلفاً عن البر الرئيسي الصيني.

مباشر (اقتصاد)